إعلان

حوار| على طريقة أب سوري .. كيف تضحك في وجه الحرب؟

01:53 م الجمعة 21 فبراير 2020

السوري عبدالله المحمد وطفلته سلوى

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- هدى الشيمي:

يبدو الخوف واضحًا على ملامح سلوى، التي لم تتخطَ الثلاثة أعوام، عندما تستمع لصوت القصف، لكنها سرعان ما تغالبه بضحكة رنانة تجاوبًا لسؤال أبيها عبدالله المحمد، 32 عامًا، "شي بيضحك مو؟"، إذ أصبحت هذه ردة فعل سلوى الدائمة، الخوف للحظات ثم ضحكات رنانة تبعث على أمل تتشبث به الأسرة.

فما حكاية سلوى وأبيها عبدالله المحمد؟

2

رغم قسوة الأوضاع في المنطقة، إلا أن الأب السوري بذل قصارى جهده لإلهاء صغيرته، ابعدها عما يحدث أملاً ألّا تغير الحرب من سلوكها شيئًا، اعتمد على الألعاب، وخلط الجد بالمزاح، يقول لمصراوي: "في ألعاب نارية للأطفال بتطلع أصوات انفجارات، بيسمعوها ويضحكوا، استخدمت الفكرة في موضوع القصف والطيران".

منذ أيام انتشر مقطع فيديو لا تتجاوز مدته الـ30 ثانية على مواقع التواصل الاجتماعي، ولكنه كان كفيلاً برسم مشهد عما يحدث في إدلب السورية، آخر معاقل المعارضة التي يسعى الأسد إلى استعادتها في معركة يُطلق عليها "معركة التحرير الأخيرة"، إذ ظهر أب يحاول إضحاك ابنته على أصوات القصف، ويسألها عما إذا كانت سمعت صوت "قذيفة أم طائرة".

1

أعلن الجيش السوري سيطرته بالكامل على سراقب، التي تحظى بأهمية بالغة لكونها نقطة التقاء بين طريقين دوليين، يربطان محافظات سورية عديدة، لتكون ثاني مدينة يسيطرون عليها بعد معرة النعمان، نتيجة لشنّ هجوم، بدعم روسي، على إدلب قبل انتهاء العام الماضي بأيام، أجبر الأهالي، أغلبهم نساء وأطفال، على الفرار شمالاً نحو الحدود التركية السورية، في موجة نزوح جديدة حذرت منها المنظمات الأممية والإغاثية، متوقعين أن يسفر عنها كارثة انسانية.

قبل أن تفتك الحرب بأهالي إدلب، كان عبدالله المحمد تاجر أعمال حرة، بعد أن أنهى دراسته في معهد الزراعة، ولكنه الآن يعمل جاهدًا لتوفير المُستلزمات الضرورية للطفلة من ألعاب ورعاية صحية، ولكن المشكلة الأكبر تتمثل في التعليم، "ما عندي أي خطة للتعليم، ما في مدارس، والأوضاع كتير سيئة عندنا"، إلا أنه يعزي نفسه بأنها لا زالت صغيرة، في الثالثة من عمرها، وربما تصبح الأزمة أكثر الحاحًا العام المُقبل أو الذي يليه عندما يتحتم التحاقها بمدرسة.

3

قالت منظمة المتحدة للطفولة (يونيسيف)، في بيان نُشر ديسمبر الماضي، أن الأطفال في سوريا "يتعرضون لعنف لا يمكن وصفه"، وأوضحت المنظمة الأممية أن مئات الأطفال قتلوا وجرحوا خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي، فيما أفاد المرصد السوري لحقوق الانسان أن عشرات الأطفال الصغار والرضع يموتون نتيجة البرد الشديد وعيشهم في ظروف غير صحية على الحدود التركية السورية، والتي هاجر إليها المواطنين مع اشتداد المعارك.

4

لا يوجد سبيل للخروج من سوريا الآن، يقول عبدلله أو (أبو سلوى) كما يُسمي نفسه على حسابه بموقع التواصل تويتر،" الحدود والمعبر مسكرين"، لذا نزح نحو الحدود السورية التركية مثل كثيرين في ديسمبر، تاركًا سراقب التي أحكمت القوات السورية قبضتها عليها، ولم تسلم من القصف المُستمر.

5

غدت سراقب أشبه بمدينة الأشباح. عرض التلفزيون الرسمي لقطات لقوات يجوبون الشوارع الخالية، مطلع فبراير الجاري، عقب تدميرها بضربات جوية روسية وسورية، ما أودى بحياة مئات المدنيين، وقضى على المدارس والمشافي.

طوال تسعة أعوام هي عمر الثورة السورية، لم يفكر أبو سلوى مغادرة بلاده، ولكنه يُعيد التفكير في هذا الشأن الآن بعدما أصبح التضييق لا يُحتمل، وبات أهالي المنطقة يعيشون في نطاق جغرافي محدود، ربما يعود أبو سلوى إلى سراقب إذا هدئت الأمور، "وإذا لأ، ما رح ارجع أبدًا، لأن سراقب مُعرضة للقصف بسبب موقعها الجغرافي".

فيديو قد يعجبك: