إعلان

القاهرة الجديدة... هي السبب!!!

إبراهيم علي

القاهرة الجديدة... هي السبب!!!

إبراهيم علي
07:00 م الإثنين 10 نوفمبر 2025

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

تابعنا على

في منتصف التسعينات من القرن الماضي، صدر قرار جمهوري يحمل رقم 326 لسنة 1995 بإنشاء مدينة الشروق، لتكون إحدى مدن الجيل الثالث، وتؤسس لمجتمع عمراني جديد يكون مصدر جذب لسكان القاهرة ومكاناً للعيش فيها، بهدف التخفيف من حدة التكدس السكاني في المدينة الأم، التي تعاني مشكلات الزحام والتلوث.

وبينما تسير المدينة الوليدة خطواتها الأولى نحو الإنشاء والتعمير، أُعلن في أواخر التسعينات وبداية العقد الأول من القرن الحالي عن فتح باب الحجز لوحدات سكنية جديدة بمساحات متنوعة في مناطق كثيرة.

الإعلان شهد إقبالاً كبيراً من عشرات الآلاف من المواطنين الذين سارعوا لوضع موطئ قدم لهم بالمدينة الجديدة، مدينة الشروق مدينة المستقبل.

الآلاف من سكان المناطق المحيطة بها في مدينة نصر وعين شمس ومصر الجديدة سارعوا إليها، واصطفوا في طوابير طويلة، تقدموا لحجز تلك الوحدات وسددوا المبالغ المالية المقررة من دفعات حجز وخلافه.

لم يمر وقت طويل حتى صدر قرار جمهوري آخر في بداية العقد الأول من القرن الجاري، وهو القرار الجمهوري رقم 191 لسنة 2000 لإنشاء مدينة القاهرة الجديدة التي بدأت بالتجمع الخامس ولحقها التجمعان الثالث والأول... وهي مدينة جديدة يتم إقامتها أيضاً بشرق القاهرة وعلى مرمى البصر من مدينة الشروق، التي لم يتجاوز عمرها في حينه الخمس سنوات!!!

هنا حدث ما لم يتوقعه وزير الإسكان وقتها، وهو الدكتور محمد إبراهيم سليمان، وأيضاً ما لم يتوقعه كل قيادات هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة في حينه.

حيث شهدت مدينة الشروق عزوفاً وانحساراً كبيرين من جانب حاجزي الوحدات السكنية، ولم يعد يتقدم لها إلا القليل، بل والأكثر من ذلك أن كثيرين ممّن سبق وسددوا مقدمات الوحدات السكنية، عادوا وتقدموا بطلبات لجهاز مدينة الشروق لاسترداد تلك المبالغ، وتراجعوا عن قرار الشراء، ولم يعيروا اهتماماً حتى لتحذيرات جهاز مدينة الشروق بأنه سيقوم بفرض غرامات وخصومات إدارية عليهم سيتم استقطاعها من مستحقاتهم المالية لديه.

وبدأ الجميع يتحول من مدينة الشروق إلى مدينة القاهرة الجديدة التي أصبحت مقصداً لكل من يرغب في السكن في مجتمع عمراني جديد. ولم تستطع وقتها مدينة الشروق الصمود أمام المنافسة الشرسة مع مدينة القاهرة الجديدة، حيث شهدت الأخيرة إقبالاً كبيراً من المواطنين الذين فاضلوا وقارنوا بين القاهرة الجديدة والشروق، لترجح كفة القاهرة الجديدة على الفور، وهو الأمر الذي ألقى بظلاله على مدينة الشروق وتسبب في تأخير معدلات النمو والتنمية بها، وظلت فترة طويلة تعاني من قلة أعداد السكان المقيمين بها.

الآن نعيش مشهداً متشابهاً إلى حد كبير مع المشهد السابق، وإن كان هناك فارق في القياس في بعض التفاصيل، غير أن القاهرة الجديدة حاضرة أيضاً في هذا المشهد!!!

حيث تم إنشاء العاصمة الإدارية قبل عدة سنوات على مقربة من القاهرة الجديدة، بالكاد يفصل بينهما ما يسمى بالطريق الدائري الأوسط.

وجود القاهرة الجديدة حاضرة على ميلاد هذا المجتمع العمراني المتكامل الضخم، مجرد وجودها بالقرب من العاصمة الإدارية كان ولا يزال له انعكاسات سلبية على المشهد، وذلك رغم أن العاصمة الإدارية تخطيطياً وتصميماً نموذجية ومثالية، وفرت لها الدولة كافة الإمكانات وكل مقومات النجاح، وقد حققت نجاحات فعلية على مستويات عدة، وما تم إقامته بها من منشآت خدمية وثقافية وترفيهية وإدارية يجعلها مزاراً قبل أن تكون مسكناً أو مقراً للعمل أو التعليم.

لكن ورغم كل ذلك، فإن معدلات النمو السكاني بها ما تزال لم ترتق لما هو مستهدف، ولم تصل إلى المرجو منها، وهنا نعود مرة أخرى إلى مدينة القاهرة الجديدة التي تعيش حالياً مرحلة الشباب والنضج لما تحتويه من أصول عقارية ضخمة كمّاً وكيفاً، وقيمة ونوعاً، ولما تحتويه من جامعات ومدارس ومستشفيات ومقار إدارية ومولات تجارية، بالإضافة إلى كل أوجه وأشكال الحياة التي تعج بها طرقها ومنتزهاتها. إنها بكل ذلك وغيره، دخلت للمرة الثانية، وبحكم التاريخ والجغرافيا، في منافسة — لم يطلبها أحد — مع العاصمة الإدارية، دخلت صراع المفاضلة والمقارنة، وأصبحت الخيار الأول في الإقامة والعيش والسكن والتنزه، حتى لسكان العاصمة الإدارية أنفسهم، والعاملين في وزارتها ومصالحها الحكومية، وموظفي الشركات والبنوك الكائنة بها، وحتى الطلبة الذين يدرسون في جامعاتها؛ إنهم يذهبون للعاصمة الإدارية صباحاً، ويكملون يومهم في القاهرة الجديدة وما حولها...

وهنا فإن القاهرة الجديدة — إذا جاز التعبير — خلال مرحلة "الميلاد والطفولة" دخلت في منافسة مع مدينة الشروق، وخلال مرحلة "الشباب والنضج" دخلت في منافسة مماثلة مع العاصمة الإدارية، والواقع يؤكد أنها كانت ولا تزال لها الغلبة، وهو أمر يستحق من كافة المعنيين بالأمر التوقف عنده ودراسته والاستفادة منه مستقبلاً.

إعلان

إعلان