إعلان

أول انتصار في معركة الوعي

محمد حسن الألفي

أول انتصار في معركة الوعي

محمد حسن الألفي
09:00 م الثلاثاء 28 يناير 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

يمكن القول باطمئنان إن معركة الوعي حققت، انتصارا واضحا ضد قوى الظلام والتخريب. فلأول مرة، منذ ثماني سنوات، تبدو المشاعر والأفكار الوطنية المصرية متجهة صوب قبلة واحدة هي: يناير يونيو وليس يناير يناير . . بعبارة أخرى فإن الرأي العام المصري لم ير في يناير ٢٠٢٠، ما رآه وما اعتقده عن يناير ٢٠١١. هذا التحول البطيء التدريجي كان حلم الناس من المستنيرين الذين رأوا في الخامس والعشرين من يناير٢٠١١، انتكاسة مؤلمة للوطن رغم كل النوايا الحسنة ورغم الأهداف البراقة ورغم مشاركة قطاعات شعبية واسعة لا يستهان بها، نزلت رفضا لما تردد أن هناك مشروعا للتوريث... وأن الفساد استشرى.

الفساد سوف يظل في كل العصور والعهود لأنه جزء ظلامي قذر مترسخ في النفس البشرية. المهم ألا تسكت عليه الدولة أو يبقى أحد ممارساتها في جهة ما. الرقابة الإدارية سيف مسلول على رقاب لصوص الوطن من السادة المرموقين ..

جاء يناير هذا العام إذن مغايرًا لكل السنين السابقات، وكشف الشعب عن موقف ثابت مطمئن، وهو أن الخراب إذا وقع فلا نهوض، وأنه لايزال يدفع ثمن ما جرى ...

راهن الشمام مقاول الخيانة على نزول الشارع بالملايين، بينما هو في هولندا، ومن قبلها في إسبانيا، وتصور أن الشعب سيحرق البلد ليأتي به رئيسا!

أي غباء هذا!

ليس مهمًا أنه غبي، لأن هذا متأصل، إذ بنى تصوراته على وهمن لا تسانده حقيقة واحدة ... بل المهم أن نتدبر بروية واستمتاع: لماذا لم ينزل الناس ... وراء ( محما على ) الصايع، والحقيقة أن تخيل حدوث ذلك أمر يصيب الرأس بالدوار والذهول والارتجاج في المخ .

أروع ما في الموقف الشعبي المصري هذا العام هو إدراك الناس أن التخريب سوف يهدم كل ثمار الصبر التي تجرع مرارته الشعب.

تحمل المصريون غلظة الإصلاح وكرابيج شروطه، وتجرعوا المرار، وتألموا لضيق ذات اليد وانخفضت قيمة الجنية إلى ثلثيه وأقل تقريبا، ما يعنى أن الألف جنيه هي ستمائة في حقيقة الأمر، وكانوا مؤمنين بأن الصبر على آلام الجراحة الاقتصادية سيحقق الشفاء للمريض، واثقين في سلامة طوية الجراح السياسي.

نعم كان المصريون شركاء في التجربة القاسية، بل هم موضوعها وهدفها وأبطالها ... ومن ثم يصعب جدا على أي تيار أن يسلب الناس ثمرة صبرهم وجهدهم، أو أن يتوقع أنهم سيدمرون ما بنوه بالدموع والألم أملا في غد أفضل.

من ذا الذي يبادل الخراب بالعمران، والظلمات بالنور والعمالة بالوطنية؟

إشراك الناس إذن في العملية الاصلاحية، من خلال منهج المكاشفة والابتعاد عن التضليل، وإعلان الحقائق رغم قسوتها، جعل من السهل الفوز في معركة الوعي.

تنوير الناس يعني زيادة قدرتهم على اتخاذ قرار الانحياز ... مع أو ضد ... وللأسف، سنقول الدولة!

الوطنية صارت عند بعض المنحرفين عقليا وجهة نظر.

الوعي هو الدرع القوية التي تكسرت عليها دعوات النزول لقطع الطرق وحرق المؤسسات وإطلاق الرصاص على المارة من المواطنين.

المنطق يقول إنه يجب البناء بذكاء على هذا الفوز المتحقق، واحترام وعي الناس، والثقة فيهم وتعزيز الإعلام البديل على السوشيال ميديا وإبعاد مذيعي كل العصور عن عصر الحقائق لأنهم مزورون رقاصون . كل يناير ومصر في رباط.

إعلان

إعلان

إعلان