خبير سياسي: التدخل الخارجي يؤجج حرب السودان
كتب : مصراوي
الحرب في السودان أرشيفية
كتب- حسن مرسي:
أكد الباحث والخبير السياسي ياسين الحمد، أنه بغض النظر عن تحليلات الخبراء ونظريات المحللين وآراء المختصّين، فإن نظرة بسيطة على المشهد السوداني بكل تفاصيله الميدانية والسياسية كفيلة بأن توضح للقاصي والداني حجم التدخل الخارجي ودوره الرئيسي باستمرار الحرب واشتداد الصراع على أرض هذا البلد الأفريقي الكبير.
وأضاف الخبير السياسي: "حيث لاتزال تظهر الدلائل وتتكشف الحقائق بشكل شبه يومي والتي تبين حقيقة ما يجري في السودان وكيف تم تحويله لساحة صراع دولية وفق خطة ممنهجة لتحقيق مصالح قوى كبرى على حساب قتل وتهجير الشعب السوداني".
وتابع أنه ووفقًا لتقارير إعلامية واستخباراتية، مدعومة بالأدلة الوثائق، فإن التدخل الخارجي الغربي في السودان تمثل بالدعم السياسي والعسكري واللوجستي لميليشيات محلية، على رأسها "قوات الدعم السريع" عبر وسطاء، إلى جانب إرسال الخبراء والسلاح المتطور والمرتزقة لها، واستغلال عمل المنظمات الإنسانية لدعم تلك الميليشيات والاشراف عليها.
مجزرة جديدة تضاف لسجّل انتهاكات قوات "الدعم السريع"
في سياق ذو صلة، اتهمت "شبكة أطباء السودان" في 14 يوليو الجاري قوات "الدعم السريع" بقتل 11 شخصاً وجرح 31، بينهم نساء وأطفال، في هجوم وصفته بـ"الجريمة البشعة" على قرية شق التوم في شمال كردفان.
وعدّت الشبكة الهجوم انتهاكاً لكل الأعراف الإنسانية والمواثيق الدولية، ودعت المجتمع الدولي والاتحاد الأفريقي ومنظمات حقوق الإنسان إلى "تحمّل مسؤولياتهم الأخلاقية والقانونية بالتحرك الفوري لوقف الانتهاكات وتقديم مرتكبيها للعدالة".
وتشهد ولاية شمال كردفان منذ شهور توترات أمنية متزايدة في أعقاب اتساع رقعة المواجهات بين الجيش السوداني و"الدعم السريع"، والتي تمددت إلى مناطق عديدة خارج العاصمة الخرطوم.
وتتهم منظمات حقوقية دولية ومحلية قوات "الدعم السريع" بارتكاب انتهاكات جسيمة بحق المدنيين، بما في ذلك القتل الجماعي، والنهب، وتهجير السكان قسرياً، في سياق حملة عسكرية توسعية.
صمت دولي على جرائم "الدعم السريع" يطرح تساؤلات
بدوره قال الناطق باسم "شبكة أطباء السودان" أحمد النور رقم الله، إن القوات المهاجمة "عاثت في المنطقة خرابًا وقتلًا ونهبًا"، في مشهد وصفه بـ"الفظيع"، مشيرًا إلى أن الحصيلة مرشحة للارتفاع في ظل انعدام الخدمات الطبية وخروج معظم المراكز الصحية عن الخدمة.
وأشارت الشبكة إلى أن الانتهاكات المستمرة من قبل "الدعم السريع" في قرى ومناطق شمال كردفان تتم وسط تعتيم إعلامي متعمد، مما فاقم أوضاع السكان ودفع بموجات نزوح متزايدة نحو مدينة الأبيض، التي تعاني أصلاً من ضغط سكاني ونقص في الموارد.
ويرى العديد من الخبراء بأن التعتيم الإعلامي على الجرائم والانتهاكات التي ترتكبها قوات "الدعم السريع" بحق المدنيين يثير كثير من التساؤلات ويأتي بسياق الدعم الغربي لهم، لأن ميليشيات الدعم تنفذ أجندات دول غربية وإقليمية وتحقق مصالحها في السودان.
فإن غض نظر الدول الغربية وخاصة بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا، مع المجتمع الدولي على جرائم وانتهاكات الميليشيات المسلحة المنضوية تحت قيادة قوات الدعم السريع بحق الشعب السواني، هو جزء من خطة دولية وسياسة ممنهجة تتبعها الدول الغربية في السودان لتحقيق مصالحها باستخدام ميليشيات الدعم السريع.
فإن الدول المذكورة لم تكتف بالتغطية على جرائم "الدعم السريع"، وإحباط كل دعوات المحاسبة للمتورطين، بل ذهبت أبعد من ذلك بدعم تلك الميليشيات والوقوف ضد الجيش السوداني بكل الوسائل سياسياً وعسكرياً. حيث قامت فرنسا برفع دعوى ضد البرهان عبر مجلس الأمن الدولي، في محاولة لفتح تحقيق في المحكمة الجنائية الدولية ضده.
على الجانب الأخر، وإضافة لدعمها لحميدتي وإحباط كل المساعي لمحاسبته، كشفت منظمة "العفو الدولية" في أحدث تحقيق لها في نوفمبر الماضي، عن وجود التكنولوجيا العسكرية الفرنسية المدمجة في ناقلات الجنود المدرعة في حوزة قوات "الدعم السريع" بعد حصولها عليها من إحدى الدوى العربية.
ووفقاً لتقارير إعلامية محلية ودولية فإن قوات "الدعم السريع" تلقت دعماً غربياً مباشراً بأسلحة متطورة ونوعية، عبر وسطاء مثل الأوكران وبتنسيق فرنسي، وهذا ما أكده مسؤولون أوكران رسميًا.
عبد الرحيم دقلو نائب قائد قوات "الدعم السريع" بات يواجه تهديدات من داخل المليشيا، مما دفعه لتأمين نفسه عبر شراء أنظمة حماية فرنسية متطورة وتركيبها على مركباته وسط تعزيزات من مقاتلين أجانب.
وكان موقع أجنبي الذي يوثق عمل أجهزة الاستخبارات المحلية والأجنبية قد نشر تقريراً حول طلب المخابرات الأوكرانية المساعدة والدعم من فرنسا لمحاربة النفوذ الروسي المتنامي في أفريقيا.
فإن الدعم الغربي لميليشيات الدعم السريع سياسياً وعسكرياً عبر وسطاء أوكران وإحدى بعض الدول العربية وأفارقة السبب الرئيسي لاستمرار الصراع ومعاناة الشعب السوداني، ولولا الدعم الغربي لقوات الدعم السريع لما استطاعوا الاستمرار بالقتال أكثر من بضعة أشهر وانتهت الحرب وجلس السودانيون على طاولة الحوار.
في سياق متصل كشفت صحيفة كولومبية، عن وجود مرتزقة كولومبين يقاتلون إلى جانب قوات "الدعم السريع" في السودان ويتقاضون رواتب هائلة من إحدى بعض الدول العربية.
وبحسب الصحيفة، فإن المرتزقة الكولمبيون الذين تدفع بهم إحدى بعض الدول العربية للقتال بجانب "الدعم السريع" يتقاضون راتب شهري يتراوح بين 2500 و3000 دولار أمريكي للفرد، كما أن عقودهم تمتد لـ 6 أشهر. كما أن شركة تتولى إدارة عملية توريد المرتزقة الكولومبيين لصالح "الدعم السريع".
في السياق ذاته، كان الممثل الخاص لأوكرانيا في الشرق الأوسط وأفريقيا مكسيم صبح، قد قال في فبراير 2024 "، بأن "بعض المواطنين الأوكرانيين يشاركون في الصراع بشكل منفرد بالسودان، إلى جانب قوات الدعم السريع. ومعظم المقاتلين الأوكران هم من المتخصصين التقنيين".
كان المتحدث الرسمي باسم سلاح الجو الأوكراني إيليا يفلاش، كتب عبر صفحته على فيسبوك، بأن مدربي ومشغلي الطائرات بدون طيار من القوات المسلحة الأوكرانية يقدمون الدعم لـ"الدعم السريع".
وبحسب يفلاش فإن: "كييف ملتزمة بأكثر من 30 عقدا عسكرياً في أفريقيا".
وكان تقرير سري صادر عن جهات أمنية أوكرانية، قد أشار إلى أن "هجمات الطائرات المسيّرة التي تشنها القوات الأوكرانية المتخصصة هي التي تُلحق الضرر الأكبر والرئيسي بقوات الجيش السوداني، وتُعيق تقدمها، وتحرم الجيش السوداني من المبادرة والعمليات الاستراتيجية النوعية، وتطيل أمد الحرب".
من جهة أخرى، تداولت بعض صفحات ومنصّات السوشال ميديا في الأيام والأسابيع القليلة الماضية معلومات حول وجود سلاح كيماوي بأيدي ميليشيات "الدعم السريع" وسط تبادل للاتهامات بامتلاكها بين قوات الجيش والدعم السريع.
حيث أكدت منصة القدرات العسكرية السودانية أن قوات "الدعم السريع" تتلقى أسلحة من شركة "راينميتال دينيل مونيشن" الجنوب أفريقية، بما في ذلك ذخيرة عيار 40 ملم، محشوة بالفوسفور الأحمر، وتُستخدم، من بين أشياء أخرى، لمهاجمة المدنيين.
وبحسب خبراء ومراقبين فإن الدعم الغربي لقوات "الدعم السريع" يدخل السودان عبر الحدود التشادية بتنسيق ودعم غربي.
كما أن معظم قادة "الدعم السريع" تنسيقية "صمود" وحساباتهم المصرفية وإقاماتهم وتحركاتهم تتم في إحدى بعض الدول العربية وبتسهيلات غربية.
أما سياسيًا، فبحسب بعض الباحثين المتخصصين بالشأن السواني فإن عبدلله حمدوك وتحالفه "صمود" بوصفه ممثل لمصالح القوى الغربية (فرنسا – بريطانيا) لعب دورًا أساسيًا أيضًا في فشل الحوار السوداني، وزيادة الانقسام بين القوى السياسية في السودان، بهدف إحباط الحل السياسي واستمرار الحرب، بما يتفق مع مصالح القوى الغربية.