إعلان

كورونا.. سجون السلفادور المزدحمة تنذر "بقنبلة موقوتة" بسبب الوباء

10:04 ص الثلاثاء 28 أبريل 2020

تحتل السلفادور المركز الثاني عالميا من حيث عدد الس

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

سان سلفادور- (بي بي سي):

يوجد عدد من أكثر السجون في العالم ازدحاما في أمريكا الجنوبية يتكدس داخل زنزاناتها الصغيرة النزلاء بالعشرات، مما يجعل التباعد الاجتماعي داخل هذه المنشآت التأديبية مستحيل فعليا. كما يزيد ضعف مرافق الرعاية الصحية داخل هذه السجون من خطر انتشار فيروس كورونا كالنار في الهشيم.

وحثت الأمم المتحدة حكومات أمريكا اللاتينية على حماية نزلاء السجون بها مع اقتراح إطلاق سراحهم بشكل مؤقت لخفض مستويات الزحام داخل هذه المنشآت.

وأعلنت حكومات شيلي، وكولومبيا،ونيكاراغوا أنها سوف تبدأ في تحويل الآلاف من نزلاء السجون إلى الإقامة الجبرية في منازلهم مع إعطاء الأولوية لكبار السن والسيدات الحوامل ومن يعانون من مشكلات صحية تزيد من خطر الوفاة حال الإصابة بفيروس كورونا.

كما بدأت البرازيل بالفعل في نقل نزلاء السجون ممن يتجاوزون سن الستين إلى الإقامة الجبرية في منازلهم في حين أعلنت حكومة بيرو أنها تدرس إلإصدار عفو عن الحالات الأكثر عرضة لخطر الوفاة حال الإصابة.

لكن الدولة التي تقع في المركز الثاني على مستوى العالم في عدد نزلاء السجون مقابل عدد السكان، السلفادور، لم تتخذ أية خطوات في هذا الاتجاه. وتعاني السلفادور منذ عقود من تفشي الجريمة وعنف العصابات إلى حد جعل سجونها تكاد تنفجر من كثرة نزلائها.

ووثق المصور الصحفي طارق زيدي على مدار سنتين أوضاع سجون السلفادور قبل ظهور فيروس كورونا وانتشاره في وسط أمريكا.

وحصل زيدي على تصريح دخول لستة سجون علاوة على زنزانتين تابعتين للشرطة في وسط أمريكا.

وكما تحتل السلفادور المركز الثاني بين أكبر الدول من حيث عدد المسجونين بعد الولايات المتحدة، تتبوأ هذه الدولة مكانا بارزا بين الدول التي تشهد أكبر عدد من جرائم القتل على مستوى العالم.

لكن معدل القتل في السلفادور بدأ في التراجع إلى 3.6 جريمة قتل يوميا في أكتوبر 2019 مقابل 17.6 جريمة قتل في 2015. ثم انخفض هذا المعدل مرة أخرى إلى 2.1 جريمة قتل يوميا في مارس 2020.

وتولى نايب بوكيلة رئاسة السلفادور في يونيو 2019، مما يجعل له نصيبا كبيرا في الانخفاض الأخير في معدل جرائم القتل.

كما امتدت سياسة "اللاتسامح" التي ينتهجها الرئيس في التعامل مع عنف الإصابات إلى داخل السجون في بلاده إلى حدٍ يصل إلى عقوبات تُفرض على أعضاء العصابات المسجونين بعدم تلقي زيارات أو استخدام الهاتف على مدار الساعة. لكن حال استعادة الهدوء داخل وخارج السجن، تعيد إدارة السجون الحق في الزيارة إلى المسجونين في الساعات المخصصة لذلك.

وقبل أن يتولى بوكيلة حكم البلاد، اُطلقت مبادرة "أنا أتغير" ليستفيد منها نزلاء السجون من خلال تعلم مهارات تعزز فرص حصولهم على وظائف.

وخلال تلك المبادرة، تعلم الكثير من نزلاء السجون الكثير من المهارات إلى حدٍ ساعدهم على الانتهاء من تصميمات خاصة بهم شاركت في عروض أزياء السجون.

وتعاني السلفادور من مشكلات شديدة التعقيد على صعيد أنشطة العصابات التي تصل إلى درجة كبيرة من الخطورة في ضوء التقديرات التي تشير إلى أن 80 في المئة من هجمات العصابات التي تنفذ خارج السجون تأتي الأوامر بها من داخل السجون. لذلك هناك مخاوف لدى السلطات حيال أن يؤدي إطلاق سراح المسجونين إلى تصاعد عنف العصابات.

ويرتدي حراس السجون في السلفادور أقنعة لإخفاء هويتهم حتى لا يتم استهدافهم من قبل العصابات.

لكن نزلاء السجون والتكدس الذي يعيشون فيه يمثل بيئة خصبة للعدوى بفيروس كورونا.

وتنتشر أمراض الصدر في السجون في السلفادور بكثافة. وتجاوز معدل انتشار مرض السل في السجون السلفادورية معدل الإصابة بهذا المرض الخطير بين السكان خارج أسوار هذه المنشآت التأديبية بحوالي 50 مرة، وفقا للمجلة الطبية بان أميركان جورنال أوف بابليك هيلث.

وفي ضوء أن فيروس كورونا والسل ينتشران بنفس الطريقة، تكثف السلطات جهودا وتسابق الزمن من أجل التصدي لما أسماه خبير الأمراض المعدية جورج بانامينو "قنبلة موقوتة" تنتظر التفجير.

وبدأ الرئيس بوكيلة إجراء بعض التغييرات في نظام السجون في السلفادور. وفي 26 ديسمبر - قبل بداية انتشار فيروس كورونا في البلاد - أعلن الرئيس تحويل سجن شالاتينانغو إلى جامعة. وبالفعل نقل 600 نزيل من السجن ومن المقرر نقل باقي السجناء، البالغ عددهم 730 شخصا، في الأيام التالية.

لكن بعد فرض إجراءات الإغلاق وحظر التجول في البلاد للحد من انتشار فيروس كورونا، لم تعلن أي سياسة رسمية لإطلاق سراح السجناء.

وتصل القدرة الاستيعابية للسجون في السلفادور إلى 18051 سجينا، إلا أن السلطات تحتجز بها 38 ألف سجين.

وتقتل درجات الحرارة حادة الارتفاع، وضعف نظام الصرف الصحي وما ينتج عنه من أمراض علاوة على مرض السل الكثير من المسجونين في السلفادور منذ زمن بعيد قبل ظهور فيروس كورونا.

لذلك يواجه الرئيس بوكيلة تحديا إضافيا يتمثل في انتشار فيروس كورونا.

ومن أجل الاستعداد، اضطر الرئيس إلى رفع بعض إجراءات الطوارئ التي تستهدف إحكام سيطرة الدولة على نزلاء السجون.

واقترح قضاة في السلفادور إطلاق سراح كبار السن من يعانون من أمراض قاتلة مؤقتا، لكن أعضاء العصابات لن يكونوا ضمن من يشملهم هذا التحرك.

إنها معضلة صارخة التي يواجهها الرئيس السفادوري؛ فإما أن إطلاق سراح السجناء والمخاطرة بتصاعد عنف العصابات التي حاربها بقوة للحد من أنشطتها، أو الإبقاء عليها خلف القضبان لمواجهة انتشار محتمل لفيروس كورونا.

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك: