إعلان

في ذكرى ميلاد "السير" أحمد خان.. الشيخ الهندي الذي هاجمه الأفغاني وكفّره آخرون

01:33 م الأربعاء 17 أكتوبر 2018

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت - سارة عبد الخالق:

شخصية هندية تركت أثرا كبيرا في شبه القارة الهندية، وكانت صاحبة أفكار جريئة وغير تقليدية آنذاك تسببت في اتهامها بالكفر من جانب بعض علماء المسلمين، هاجمها الأفغاني أحد أعلام الفكر الإسلامي، في حين أيدها أغاجان زعيم الطائفة الإسماعيلية وأثنى عليها السيد محمد رشيد رضا في مجلته المنار باعتباره مُصلح الهند الأول الذي يشبه الإمام محمد عبده في مصر.. إنه الشيخ الهندي المختلف عليه (السيد أحمد خان) المعروف بـ (السير أحمد).. ويرصد مصراوي في هذا التقرير بعضا من سيرته وسبب اختلاف العلماء عليه:

يعتبر السيد أحمد خان هو من أكبر رجال الإصلاح الإسلامي في القرن التاسع عشر الميلادي، ويعرف "السير" بأنه مؤسس (نظرية الأمة في العصر الحديث).

ولد السيد أحمد خان في مثل هذا اليوم في دلهي 17 أكتوبر 1817م، و نشأ في أسرة كان لها اتصال وثيق بالملوك المغول الذين حكموا شبه القارة الهندية قبل الاحتلال البريطاني، يقال إنه من أسرة تنتمي إلى سلالة الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن هنا جاء لقب السيد، وفقا لما جاء في موقع رابطة العلماء السوريين.

أولت والدته "عزيز أونسة" Aziz-un-Nisa اهتماما كبيرا بتعليم وتربية ابنها، فرضت عليه انضباطا صارما، حيث أنه اعترف بنفسه بأن إشرافها كان محسوسًا في تكوين شخصيته، وفقا لما جاء على موقع storyofpakistan.com، وتعلم في البداية أن يقرأ القرآن الكريم على يد معلم خاص في منزله، ثم أكمل دورة في اللغة الفارسية والعربية والأردية، ودرس العلوم الشرعية والكونية، ودرس الرياضيات، وفي وقت لاحق اهتم بالطب وقام بدراسة بعض الكتب المعروفة وقتها، ثم لم يستكمل دراسته في سن الثامنة عشر أو التاسعة عشر، فانتهى تعليمه الرسمي إلا أنه تابع دراسته بشكل خاص، وبدأ يهتم بالتجمعات الأدبية والأنشطة الثقافية للمدينة.

وبسبب وفاة والده، اضطر السيد أحمد خان في سن مبكرة عندما بلغ 21 عاما إلى البحث عن مهنة، فاضطر إلى أن يقطع دراسته ليعمل مع أخيه في تحرير جريدة صيد الأخبار – الصادرة بالغة الأردية والتي تعد أولى الجرائد الناطقة بلسان حال المسلمين، ودرس في نفس الوقت في كلية تابعة لشركة الهند الشرقية تؤهل فيها موظفيها، وتخرج وهو في سن 21 سنة، فعمل كاتباً ثم رقي إلى منصب كاتب الإنشاء، ثم تنقل في عدة وظائف في السلك القضائي، حتى تقاعد عام 1876، وأمضى بقية حياته في كلية Aligarh College and the Muslims of South Asia. وأصدر أول كتاب له في سنة 1847 م، حول آثار دلهي بعنوان (آثار الصناديد).

آراء شاذة سبب في تكفيره

وجاء في موقع رابطة العلماء السوريين أن: "السيد أحمد خان له عدة مؤلفات منها :نظرات في الإنجيل، وكتاب في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، كما كتب عدة أجزاء في تفسير القرآن الكريم، وكان غيورا على دينه وحزينا من تأخر قومه، ويرى أن الإسلام الصحيح الخالص لا يقف في طريق التقدم، وأنه في الأصل هو الدين الوحيد صديق العلم والتقدم".

وبسبب عدم انطلاق السيد أحمد خان من أساس ديني علمي متين، لذلك كانت مؤلفاته شديدة التأثر بانهزام المسلمين أمام القوة البريطانية، ولذا فهو يسعى للتوافق مع المعطيات الغربية وإثبات أن الإسلام يتوافق معها، وهو في سبيل ذلك يتهرب من القبول بالمعجزات والغيبيات، ويدعو للاجتهاد ونبذ التقليد ويشمل بذلك تلميحاً وتصريحاً الحديث الشريف".

بجانب هذه المؤلفات ومواقفه كانت له بعض الآراء الشاذة التي لم يسبقه أحد إليها مما أدت إلى قيام علماء الدين عليه، حتى أن كفره عدد كبير منهم، فمن هذه الآراء الغريبة قوله: " إن الوحي الإلهي نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمعنى لا باللفظ، ونفى وجود الجن حقيقة وأوّل الآيات االتي ورد فيها ذكرهم، وعند تحليله لآيات تعدد الزوجات قرر أنها تدل على منع التعدد والاكتفاء بزوجة واحدة"، بالإضافة إلى سعيه لتقديم تفسير جديد للجهاد. فرأى "أن الجهاد ليس مباحا إلا في حالة وقوع القهر البالغ، أو الحيلولة بين المسلمين وأداء شعائرهم الدينية. وتبعا لذلك، فإنه لما كان الأمر الأخير غير متحقق في الواقع، نظرا لأن الإنجليز كانوا يكفلون الحرية الدينية، فإن ذلك لا يبرر الجهاد ضدهم بحال من الأحوال" وفقا لما ذكرته صحيفة الشرق الأوسط.

لكنه بعد ذلك، ترك الخوض في الأمور الدينية وتحولت كتاباته إلى التعليم وتطويره فيما يفيد المسلمين، لكن دعوته بصفة عامة ومؤلفاته وآراءه ساهمت في القضاء على كثير من الأفكار والخرافات التي لا تمت للإسلام بصلة.

· نهضة تعليمية لاقت معارضة شديدة

كان صاحب أول مركز تعليمي إسلامي فريد من نوعه في الهند حيث أسس جامعة عليكرة بالهند - وفقا لما ذكرته صحيفة الشرق الأوسط - ، وأنشائها على غرار المحافل العلمية، وقد شملت الدراسة فيها عدة مجالات الآداب والعلوم والهندسة والطب، ثم ألحق بها كلية النساء، ولكن لقيت هذه الجامعة معارضة شديدة من الأوساط الدينية المحافظة، خاصة أنها كانت تقبل الطلبة من السنة والشيعة، وهذا كان على غير المألوف في المجتمع الهندي، كما كانت مواكبة لروح العصر آنذاك.

اختلافه عن القادة المسلمين في عصره

كان السيد أحمد خان على عكس القادة المسلمين في عصره، حيث رأى أن المسلمين يجب أن يكون لديهم صداقة مع البريطانيين، وبذل قصارى جهده لإقناع المسلمين أنهم إذا لم يصادقوا البريطانيين فإنهم لا يستطيعون تحقيق أهدافهم.

كتب العديد من الكتب والمجلات لإزالة سوء الفهم بين المسلمين والبريطانيين. وكان من أهم أعماله الأدبية كانت كتابته "الموالية للمسلمين في الهند" و "سبب الثورة الهندية". كما كتب تعليقا على الكتاب المقدس ، والذي حاول فيه إثبات أن الإسلام هو أقرب دين للمسيحية.

طالب المسلمين في عصره ألا يشاركوا في السياسة إلا إذا حصلوا على تعليم حديث، حيث كان يرى أن المسلمين لا يمكن أن ينجحوا في مجال السياسة الغربية دون معرفة النظام.

يشار إلى أن السيد أحمد خان أصبح الزعيم الإسلامي الهندي الأول بسبب كتاباته ومشاريعه وبحكم موقعه لدى المحتل البريطاني الذي عينه في سنة 1878 عضواً في مجلس نائب الملك التشريعي، الذي كان بمثابة برلمان هندي، كما أسس في نفس السنة الجمعية المحمدية لعموم الهند، وفي سنة 1883 أسس الجمعية المحمدية لإعانة موظفي الدولة، بهدف إعانة المسلمين للالتحاق بسلك الخدمة المدنية الهندية.

منحته الحكومة البريطانية سنة 1888 لقب "سير"، لذلك جاء اسمه في الهند، "سير أحمد"، وفي عام 1889 منحته جامعة أدنبره الدكتوراة الفخرية تقديراً لجهوده التعليمية.

وفاته

ساءت حالته الصحية في 24 مارس، وفي صباح يوم 27 مارس 1898 م ، ازدادت حدة الصداع الشديد، وتوفى بعدها عن عمر يناهز 83 عاما، ودفن بعد ظهر اليوم التالي في مجمع مسجد كلية أليجاره.

فيديو قد يعجبك: