إعلان

لماذا اجتاحت حُمى "Bird Box" العالم؟

05:42 م الخميس 03 يناير 2019

Bird Box

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- هدى الشيمي:

حقق الفيلم الأمريكي" Bird Box- بيرد بوكس" الذي أنتجته شركة نيتفليكس نجاحًا مُنقطع النظير بعد عرضه في منتصف ديسمبر الماضي، فشاهده أكثر من 45 مليون شخص في جميع أنحاء العالم، وأشاد به كل من الجمهور والنقاد مؤكدين أنه أحد أهم الأفلام التشويقية التي عُرضت هذا العام وربما الأعوام المُقبلة.

أصبح الفيلم حديث الجميع على مواقع التواصل الاجتماعي، فيسبوك وتويتر وإنستجرام، وأطلق رواده تحديا فيما بينهم يدعو إلى القيام ببعض الأنشطة -خطيرة وغير خطيرة- وهم معصوبو الأعين، ما دفع الشركة إلى إصدار بيان يثنيهم عن ذلك، ويدعوهم إلى التوقف فورًا عن إجراء هذا التحدي كي لا يؤذون أنفسهم.

فما سبب النجاح الكبير الذي حققه الفيلم، وكيف أحدث طفرة في تاريخ الشركة التي لا تعرض أعمالها السينمائية على شاشات السينما، وتكتفي بتقديم خدماتها على الشاشة الصغيرة؟

للوهلة الأولى يبدو الفيلم، الذي تلعب بطولته الممثلة الأمريكية الحاصلة على جائزة أوسكار ساندرا بولوك، أحد أفلام الرعب التشويقية التي تروي سيناريو جديدا لكيفية انتهاء العالم، وكيف سيجن جنون البشر في اللحظات الأخيرة من حياتهم التي ينهونها بأنفسهم لعجزهم عن تحمل معاناتها، إلا أنك بمجرد أن تندمج في الأحداث، ستكتشف أنها رحلة مليئة بالعواطف الجياشة، وتجسيد لمشاعر الأمهات تجاه أبنائهم في جميع أنحاء العالم.

1

تدور أحداث الفيلم، التي تستمر ساعتين وبضع دقائق، حول سيدة تقوم برحلة برفقة طفلين صغيرين على متن زورق خشبي، هربًا من كائنات أو مخلوقات أو ربما فيروس مُنتشر في العالم بأسره، يجعل الناس يرون أسوأ مخاوفهم فيقتلون أنفسهم، ما يُحتم عليهم تغطية أعينهم بقطع قماشية داكنة طوال الوقت، والتزام الصمت بأقصى قدر ممكن.

تستمر رحلة الأم وأبنائها حوالي 48 ساعة، إلا أن رواية الأحداث في الفيلم تعتمد على تقنية "الفلاش باك" التي تستعرض التغيير الكبير الذي حدث في حياة البطلة منذ فترة حملها وحتى إنجابها وتربيتها للطفلين.

أشاد نقاد غرب بطريقة السرد التي جعلت الأحداث كلها متشابكة والمواقف مُستصاغة؛ فأسلوب السرد القطعي، والعودة إلى الماضي ثم الحاضر لم يكن مُربكًا كما يحدث في بعض الأفلام، ولكنه على العكس تمامًا كان متماسكًا ومكملاً لبعضه، فمن خلال الأحداث نفهم أن البطلة مالوري، ترفض الاعتراف بجنينها والتعامل مع حملها بجدية، كما أنها لا تسمح لنفسها بالتعلق بهم حتى لا تتعرض لصدمة عاطفية جديدة.

وتُبيّن الأحداث أن سبب معاملة مالوري الجافة والقاسية يعود إلى أنها لم تعش طفولة سعيدة كما أن حبيبها هجرها وغض الطرف عن كونها حامل بابنه.

2

وكانت تصرفات الأم في الفيلم طبيعية ومُبررة للغاية، فتعاملها الجاف مع طفليها يرجع إلى خوفها من فقدانهما، لأن الحياة بصفة عامة وحشية وقاسية، وأحيانا كثيرة تكون بلا مغزى، ما جعلها هي -وأي أم أخرى- يتصرفان كالدب الذي قتل صاحبه خوفًا عليه وحبًا له، لذلك هددتهم بطلة الفيلم بإيذائهم بشدة حال رفعوا عصابة العينين أو اختلسوا النظر تجاه أي شيء.

وتعليقًا على دورها في الفيلم، قالت بولوك في الكثير من البرامج الحوارية إن الفيلم يدور حول العائلة وكيفية اتخاذ القرارات المثالية التي تساعدهم على تخطي المواقف الصعبة.

وأضافت: "تخوض الأم رحلتها معصوبة العينين لأنها ليست في حاجة إلى بصرها لاتخاذ القرارات المتعلقة بأبنائها، فهي لا تحتاج إلا إلى فطرتها التي تحركها هي وباقي الأمهات، وقلبها الذي يوجهها كالبوصلة نحو ما هو أنسب لأبنائها".

3

طوال أحداث الفيلم ينتظر المشاهدون مقابلة هذا الوحش أو الكائن الغريب الذي يثير جنون الجميع، ولكنه لم يظهر أبدًا، ما أثار عدة تساؤلات، أجابت عنها مُخرجة الفيلم سوزان بير بأنه "بعد رسم الوحش في صورته النهائية كان مُضحكًا جدًا، وهزليًا، ما دفع فريق العمل للتخلي عن المشاهد التي ظهر فيها"، وفق قولها.

فيما وجد بعض النقاد الأجانب أن عدم ظهور الوحش خدم حبكة الفيلم الدرامية، وصبّ في مصلحته، وساهم في تحويله من فيلم رعب أو تشويق إلى رحلة شاعرية مليئة بالأحاسيس. 

قال ناقد، في مجلة فوربس الأمريكية، إن غياب الكائنات الغريبة وعدم ظهورها صراحة في الفيلم جزء لا يتجزأ من فكرته الأساسية وهي "محاربة المجهول ومقاومة أسوأ المخاوف"، فبمجرد ظهورها لبات الفيلم عاديًا ولا يختلف شيئًا عن غيره من الأفلام التي تنتمي إلى العائلة نفسها.

كذلك فسر نقاد آخرون، في مقالاتهم بوسائل الإعلام الأجنبية، غياب الوحوش وعدم ظهورها في العمل، بأنها إشارة إلى الخوف من العدمية أو الوحشية التي تنتشر في العالم بالتدريج كلما مرّ الوقت، بالنظر إلى الظروف والأحداث الجارية.

4

وردًا على سؤال بخصوص سبب نجاح الفيلم، قالت بولوك للصحفيين إن الفيلم أثر في المشاهدين لأنهم رأوا أنفسهم في أبطاله، خاصة شخصية مالوري التي جسدتها، ربما رأوا فيها أحد ملامح أمهاتهم أو شخصيات مُحببة ومُقربة منهم، فمعاملتها الجافة مع طفليها نابعة من حنيّة شديدة وحب عميق، فهي تحاول حمايتهم من غدر الآخرين وخيبات الأمل وقسوة الحياة وكونها غير عادلة ومنصفة في بعض الأحيان.

فيديو قد يعجبك: