إعلان

أصحاب المقامات العالية (٩) ضريح ابن سيرين.. حلم هادئ في شارع الأشراف

09:06 م الإثنين 24 أغسطس 2020

ابن سيرين

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- هبة خميس:

في الظلام رأى الطفل وحوشًا تكاد تبتلعه فتعالت خفقات قلبه ليصحو غارقاً في العرق، لم يكن ذلك الكابوس الأول، فلعدة ليالٍ عانى الطفل من الكوابيس، فأخذته أمه ليزور معها ضريح سيد الرؤى والأحلام ومفسرها "ابن سيرين" لعل الزيارة تخلصه من أثر تلك الكوابيس المستمرة.

في شارع الأشراف الذي يضم الكثير من أضرحة آل البيت في مصر يقع ضريح "ابن سيرين" أشهر مفسري الأحلام. مساحة الضريح صغيرة ومنفصلة عن الناس بحاجز زجاجي يكتب فيه الناس نذورهم ويلقونها بين الزجاج والضريح، ويعلو الضريح سقف خشبي وعلى الجدران منقوشة الآيات القرآنية.

تمسكت السيدة بيد طفلها لتلتصق بزجاج الضريح لتدعو للطفل حتى لا تهاجمه الكوابيس مرة أخرى وتزوره فقط الأحلام السعيدة التي تساعده على نوم مريح وهانئ.

قبل فتح العراق أرسل خليفة المسلمين سيدنا أبو بكر الصديق لخالد بن الوليد لفتح العراق وفي الطريق وقع ابن الوليد في حصن به أربعون عالماً وحرفياً من الفرس منهم "سيرين" والد ابن سيرين.

فتح خالد بن الوليد العراق وعاد بالأربعين حرفياً وعالماً وأصبح "سيرين" عبداً لدى الصحابي أنس بن مالك فدخل في الإسلام وأطلقه أنس بن مالك لأنه اكتشف أنه صاحب صنعة فتميز في صناعة الأواني النحاسية، وحينما أراد سيرين الزواج، اختار "صفية" أمة لدى سيدنا أبي بكر فذهب أنس بن مالك ليخطبها له وأطلقها أبو بكر بالفعل لتصبح زوجة سيرين وقال له "صفية عندي كعائشة فاتق الله فيها".

في العام 33 هجريا وتحت خلافة سيدنا عثمان بن عفان ولد محمد بن سيرين، وحينما كان طفلاً اغتاظ من تفضيل أبيه لأخيه الأكبر لحسن خلقته، فقال لأبيه "إن فرخ الحمام يولد قبيح الوجه فإذا كبر صار مليحاً واسكنوه في العالي، أما الجحش وهو صغير فيولد جميل الوجه وحينما يكبر يحمل الأثقال فلا تميز بيننا يا أبي، فقال له أبوه من دهشته "سيكون لك شأن، فاعلم أن الإنسان علم وصنعة".

تعلم ابن سيرين عصر الزيتون ليبيع الزيوت، وتعلم على يد أنس بن مالك وكان شديد الذكاء فحينما بلغ سن العشرين كان قد بلغ من العلم كثيراً لكنه ظل غير سعيد وغير راض عن علمه، فهاجر إلى البصرة وفتح متجراً لبيع الزيوت وكان يتحرى المال الحلال طوال الوقت، غير أن القدر عانده فاتفق على شراء صفقة زيوت وحينما فتحها أدرك فسادها فخشي أن يعيدها للتاجر فيبيعها للناس فاسدة، لكنه لم يملك ثمنها فاختصمه التاجر في المحكمة وسجن لمدة عام.

في السجن بدأت تراوده الرؤى الكثيرة وبدأ يتساءل عن معناها لأن الرؤى جزء مهم في الدين مثل رؤيا سيدنا يوسف التي قصها على والده، ورؤيا الرسول –صلى الله عليه وسلم- لفتح مكة، فبدأ يجمع الأحاديث ويفهم رموز الرؤى في الأحلام ويربط بين رؤى الصحابة ومعانيها في القرآن والسنة، وفهم أن كل رؤيا تحتوى على رمز موجود بالقرآن والسنة فيعود للرمز، وفي يوم من الأيام بعدها اشتهر بتفسيره للأحلام جاءه رجلان يحمل كلاهما نفس الرؤيا وهي أن كلا منهما يؤذن في الناس، ففسرها بأن الرجل الأول وهو صالح سيزور بيت الله، والآخر وهو سارق أمره بالتوبة إلى الله.

ومع تفسيره للرؤى والأحلام أقر بقاعدة شرعية مهمة وهي النهي عن التشريع ووضع الأحكام بناء على الرؤيا فهي لا يصح أن يُبنى على أساسها حكم شرعي أبداً، ويذكر أنه لم يكتب أي مؤلفات في تفسير الأحلام فمعظم الكتب المنسوبة إليه مضللة ولم يكتبها .

وظل ابن سيرين على ترحاله واختلف الناس في مكان وفاته فيقولون إنه جاء إلى مصر وتوفي بها ويقول آخرون إنه ظل في البصرة طوال حياته، وكان صديقه الحسن البصري حينما توفي رأى ابن سيرين في المنام نجمًا انطفأ وبجواره نجم يقترب منه ويوشك على الانطفاء، فتنبأ بوفاته وفعلاً توفي بعد صديقه بمائة يوم عام 110 هجرياً.

فيديو قد يعجبك: