إعلان

العيد في "المطرية".. كورونا لم يمرّ من هنا (معايشة)

02:26 م الجمعة 31 يوليه 2020

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- محمد زكريا:

وقتما حان موعد صلاة العيد، كانت جوامع حي المطرية بالقاهرة مغلقة بقرار الدولة كما الحال في كل برّ مصر، لكن هناك من فرشوا الشوارع بالحصر والسجاجيد لأداء الصلاة، ومن بعدها سماع الخطبة، والتي ما إن انتهت حتى بدأت مراسم الأضحى المعتادة؛ ذبح في الشوارع ودماء ونفايات لحيوانات على الطرقات، لهو لأطفال، تجمعات لشباب، زحام على محال تبيع الطعام، لا كمامات على الوجوه، ولا مسافات تُذكر بين الواقفين، أو الجالسين، مشاهد تُظهر طمأنينة المواطنين رغم جائحة كورونا التي لم تنتهِ.

صورة 2

خلال الفترة الراهنة، تشهد أعداد الإصابات والوفيات جراء فيروس كورونا المستجد، المسبب لمرض "كوفيد-19"، انخفاضًا ملحوظًا، حسب بيانات وزارة الصحة يوميًا، حيث تم تسجيل يوم 30 يوليو الجاري (وقفة عرفة) 401 إصابة و46 وفاة، بينما كانت سجلت 1557 إصابة و81 وفاة في اليوم نفسه قبل شهر بالتمام، وهو ما دعا الحكومة للسير بخطى واثقة في خطتها للتعايش مع الفيروس، لكن لم يثنها عن نشر تحذيرات من التهاون مع الإجراءات الاحترازية خلال عيد الأضحى المبارك، تحذيرات توافقت مع ما أعلنته منظمة الصحة العالمية من نصائح تضمن عيد آمن لجموع المسلمين.

فجر اليوم، بشارع ضيق، مكتظ بالسكان والمحال التجارية، افترش عدد من الأشخاص الأرض، لأداء صلاة العيد، محمد أسامة صلى وسط الجمع، لم يكن يرتدي كمامة، أو يحرص على مسافة بينه والآخرين، ورغم علمه بتلك الاشتراطات الصحية، يقول إن خوفه من "كوفيد-19" بدأ يتلاشى رويدًا، فكل ما أراد ليلة العيد أن يحس أجوائها التي غابت، والصلاة سبيله الأول لذلك، فـ"توكل على الله" حسب قوله.

قبل حوالي 10 أيام، من حلول عيد الأضحى، صرحت وزيرة الصحة، هالة زايد، خلال مداخلة هاتفية مع أحد الفضائيات، بأن حدة فيروس كورونا المستجد قلّت، وإن الموجة الثانية عندما تأتي لن تكون أسوأ من الأولى، موضحة أنه قبل 4 أسابيع من تصريحها هذا "كانت نسبة إشغال أجهزة التنفس الاصطناعي 97%، أما اليوم انخفضت لـ20%".

استشعر عادل عبدالحليم خفوت حدة الأزمة في المطرية، لا يملك الشاب دليلًا على ذلك، ولا يوجد إحصاءات رسمية تنسب ذلك لحي شعبي، تصل مساحته إلى 13.400 كم2، ويزيد عدد سكانه على 600 ألف نسمة، وفقًا لإحصاء حكومي في نوفمبر 2017، لكن يراه واقعًا في شوارع الحي القاهري، من حكايات أسرته، جيرانه وأصدقائه، شارحًا: "من حوالي شهرين، الواحد كان بيسمع عن إصابات ووفيات كتير، كنت تقريبا بسمع الجامع بينده على وفاة 2 أو 3 يوميًا، ورغم أن مكنش في حاجة بتأكد أن موتهم بسبب كورونا، لكن الواحد كان خايف وملتزم بالقعدة في البيت.. النهاردة مبقتش اسمع عن إصابات ووفيات زي الأول".

الدكتور حسام حسني، رئيس اللجنة العلمية لمكافحة كورونا بوزارة الصحة، صرح أن "مصر نجحت في السيطرة على فيروس كورونا، ولكنها لم تنجح في الانتصار عليه، وهذا الأمر سيتحقق بصفر إصابات، وصفر وفيات"، فيما قدمت منظمة الصحة العالمية "نصيحة" لبلدان الشرق الأوسط التي شهدت انخفاض في عدد الإصابات، النصيحة تقول على لسان ممثلها الدكتور أمجد الخولي، استشاري الوبائيات بمنظمة الصحة العالمية، بـ"عدم التسرع بإعلان المرور وتخطي مرحلة الذروة لأننا لا نزال في الموجة الأولى من انتشار الفيروس"، فـ"انخفاض عدد إصابات كورونا يشبه موجة المد والجزر العملاقة، التي تسبب زيادة في الإصابات ثم انخفاض تدريجي، وهذا حال الأوبئة على مدار التاريخ إلى أن تنتهي إما باختفاء المرض أو بإيجاد لقاح له" والتفسير لموقع "science alert".

في شارع، تُغرق الدماء طينته، يسند عبدالحليم ظهره إلى عربة، فيما يتابع عملية ذبح الأضحية خاصته، والابتسامة تملأ وجهه، بينما لا يشغله توقيع غرامة على المخالفين لقرار منع الذبح في الشارع، فرغم ضخامة الـ5 آلاف جنيه بالنسبة لابن حي المطرية، يستبعد تطبيقها على أرض الواقع، كما يقول.

أنفوجراف 1قبل ظهور فيروس كورونا المستجد، قررت الأسرة التضحية بذبيحة في العيد، وكانت هي المرة الأولى، فيما لم يثنها تفشي الجائحة عن خطوة التنفيذ "قولنا لو الأزمة طولت، ساعتها نلبس كمامة وجوانتي"، وهو ما لم يفعلوه، يعتقد صاحب الـ28 عامًا أنه اختبر مرض "كوفيد-19" قبل شهرين "جالي أعراضه، روحت مستشفى المطرية لقيتها زحمة، ومبيستقبلوش حد، فروحت عزلت نفسي في البيت، كام يوم وبقيت كويس".

صورة 1

أمام محل لبيع الأثاث، يجلس محمود جمال، بينما يستقبل زبائنه، يثق الرجل الخمسيني في بنيانه، فلا يرتدي كمامة، يقول إن الكثيرين يمرضون ثم يَشفون، وإن مناعته قوية، لكن تصرف ابن حي المطرية ربما يفسره أحد أحدث التحليلات، التي أجراها المحاضر في علم الاقتصاد فاليريو كابرارو وعالمة الرياضيات الكندية هيلين بارشيلو، واعتمدت على بحث شمل 2500 مشارك في الولايات المتحدة الأمريكية، ليتوصلان في النهاية إلى أن الرجال أقل ميلًا لارتداء الكمامة من النساء، رغم أن الرجال أكثر عرضة للموت بـ"كوفيد-19" وفق بيانات جامعة جونز هوبكينز الأمريكية، إذ يعتبر الرجال ارتداءها "معيبًا وعلامة ضعف".

الإحساس بالقوة نفسها، يتملك أحمد حسين. في أحد أشهر شوارع حي المطرية، يجلس الشاب رفقة 5 أصدقاء، فيما لا مجال لـ"كورونا" بين أحاديث الشباب، على العكس يستغربون أصحاب الكمامات، حاملي زجاجات المطهر.

2020_7_31_16_29_20_137

العيد بهجة لا توصف للأطفال، ينطلق محمد حسام مندفعًا، نحو محل يبيع "الكريب"، يقف وسط الزحام، ينادي على البائع، ليحصل على ما يحبه، وبينما يتمشى إلى المنزل، يأكل طعامه بنهم، لا خوف يمسه، ولا كمامة تعيقه عن المهمة، يلبسها الفتى خارج الحي فقط، وفيما عدا ذلك فـ"إحنا في عيد".

صورة 3

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان