إعلان

"الإيدين بتحكي".. بعدسة "سارة" حكايات ومعاناة "الصنايعية"

08:05 م الأحد 05 مايو 2019

الصنايعية

كتب- محمد مهدي:

في طريقها إلى البيت، تمارس المصورة "سارة سعيد" واحدة من هوايتها المُفضلة، تأمل الشوارع والمارة من شباك الحافلة حتى لفت انتباهها مشهد لا يُنسى في منطقة السيدة عائشة، رجل ثلاثيني يُمسك بصاروخ- آلة لتقطيع الحجارة والرخام- في يد ملونة بغبار أبيض كثيف "وإيده التانية غرقانة دم" نتيجة لإصابة أثناء عمله "فكرت قد إيه الإيدين بتتأثر بمجال شغل كل واحد، وإزاي بتحكي حكاياتهم" لذا قررت أن تخوض تجربة مثيرة بالتقاط عشرات الصور لعاملين للتعبير عن معاناتهم "وطبيعة شغلانة كل واحد فيهم" كما تقول سارة.
صورة 1

ظلت الفكرة عالقة داخل عقلها لكن التردد حال دون تنفيذها "كان جوايا حاجز إني أصور في الشارع، وأتجاوز خوف الناس من التصوير السنين الأخيرة" تُدرك قلقهم من "تريقة السوشيال ميديا، او استخدام الصورة في حاجة غلط" تعطلت التجربة لشهور عديدة قبل أن يقودها القَدر للبداية حينما جلست على رصيف بمنطقة شبرا لالتقاط أنفاسها "لقيت بياع نعناع بيسيب شغله جنبي وهو بيتكلم مع الزباين" أوصاها بالانتباه إلى بضاعته، غاب لدقائق ثم عاد وعلى وجهه ابتسامة "قررت أقوله على فكرتي وأصور إيديه خاصة إنها مميزة جدًا، وباين عليها شغلته".

2

بحماس شديد وافق البائع "كان مبسوط ولقيته من نفسه بيحكلي قصته وإزاي ابتدى الشغلانة" منحها الفُرصة للتصوير عدة مرات للحصول على أفضل "كادر"، حينما تركته كان القلق قد تلاشى من قَلب "سارة" فاندفعت في الشوارع لاستكمال مشروعها الفني "طلعت من شبرا على وسط البلد، كل ما ألاقي نموذج مميز لشغلانة أصوره على طول" ترحيب العمال دفعها للبحث عن المزيد دون اكتفاء حتى تمكنت من تصوير 16 شخصًا.

3

بهاتفها المحمول التقطت سارة صور لأيادي ميكانيكي وبائع برتقال وصبي بمقهى ونجار وصاحبة كشك للأطعمة السريعة وغيرهم "صورت بالتلفون لأنه أسرع، والكاميرا كمان بتخلي الواحد عُرضة لمشاكل الشارع" أكثر الأشياء التي أدخلت الفرحة بقلبها هو اعتزاز العمال بصنعتهم، والحماس البادي على وجوههم فور أن تشرح لهم وجهة نظرها وسبب اختيارها لتصوير أياديهم "فيه ناس كانت بترتاح إن وشوشهم مش هتطلع، وناس تانية يقولولي صورينا كُلنا قدام بتعملي حاجة كويسة عننا".

4

خلال أيام نجحت سارة في إقناع العديد من أصحاب "الشغلانات" المختلفة من التصوير، تعاملت بهدوء مع الصعوبات التي واجهتها "كان أغلبها إن الناس تتلم حوليا ويسألوا كتير، وإنتي بتعملي إيه بالظبط ولصالح مين" تؤمن المصورة الشابة أن التصوير في الشارع يتطلب الصبر والتعاون مع المارة والتعامل برفق مع أسئلتهم "كنت بشرحلهم بلاقيهم متجاوبين، ولو فيه مشكلة بسيب المكان على طول بدون مشاكل" لذلك مرت التجربة بسلام بدون وقوع أزمات.

هناك أعمال أرادت سارة تصويرها في مشروعها الفني لكنها لم تتمكن من ذلك"كان نفسي أصور شغلانة البنت الكوافيرة، إيديهم دايمًا مُعبرة" يخشى أصحاب صالونات الحلاقة النسائي من التصوير داخل أماكن عملهم "عشان الخصوصية والزباين هيضايقوا" تحترم ذلك ودائمًا ما كانت تترك الهاتف أو الكاميرا في حالة شعورها بعدم ارتياح العمال للفكرة أو تعرضهم للأذى في حالة التصوير.

6

التجربة منحت سارة الكثيرة من الحكايات والخبرات والمواقف الطريفة "بياع العصير اللي صمم يعزمني، أو في الفُرن لما العمال كل واحد كان بيقول أنا بتعب أكتر من التاني حتى بُصي في إيدي" أو الميكانيكي الذي يُحب عمله كثيرًا "أنا بتشرف بالشحم اللي في إيدي" فضلًا عن كَسر شعورها بالقلق تجاه التعامل في الشوارع "الصراحة ناوية أرجع تاني أصور أفكار مختلفة بدل ما كنت موقفة دا".

7

حينما نَشرت سارة قصتها المصورة على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، ثم تناقلته وسائل الإعلامي، وجدت صدى كبيرًا تجاه الفِكرة وجماليات الصور التي التقطتها "فوجئت برد الفعل وكنت مبسوطة إن الفكرة وصلت للناس" شعرت بأنها نجحت في تمرير حكايات العمال ومعاناتهم "وإن دا ممكن يفرق في نظرة الناس ليهم والتعامل معاهم".

8

فيديو قد يعجبك: