إعلان

بعد 8 سنوات من توقف سباق الهجن بالشرقية.. "فخر التراث" يعود من جديد

01:42 م السبت 03 مارس 2018

سباق الهِجن العربية الأصيلة

كتبت - رنا الجميعي:

تصوير: محمود بكار

كمباراة كرة قدم استعدّت القبائل البدوية لسباق الهِجن العربية الأصيلة، ينتقي كل مُنهم أحسن الجمال، وأفضل الأطفال تدريبًا، ينتظر البدو تلك المُناسبة ليتبارى الجميع بينهم الجمال كالجواهر النفيسة.

بمُشاركة 300 هجين استأنفت، أمس الخميس، محافظة الشرقية السباق بعد توقف دام 8 سنوات، منذ الصباح الباكر قدمت القبائل البدوية للاستعداد، نصبوا الخيم، واستقرت السيارات أرض صحراء بلبيس، لا وجود للنساء هنا، الحضور هم شيوخ ورجال وأطفال المُشاركون والمدربون للجمال بسباق الهِجن، الذي تعتبر المشاركة فيه مدعاة للفخر.

كانت آخر مرة أقيم فيها السباق عام 2010 كما تقول دكتورة نرمين عوض الله، مدير إدارة السياحة بالشرقية، وكانت الدعوة لاحيائه من قِبل الهيئة الإقليمية لتنشيط السياحة بالمحافظة، في التاسعة صباحًا بدأ الحضور من الضيوف والمسئولين في التواجد، داخل سرادق انقسم إلى ثلاث، كما استعدّ شباب الكشافة التابعين لوزارة الشباب والرياضة وطلبة مدرسة الفؤاد الدولية وفرقة الشرقية للفنون الشعبية للمشاركة بعروض قبل السباق.

1

كان الشيخ "سالم ناصر" من قبيلة العيايدة يُشرف على الاستعداد للسبق، جاء برفقة أولاده الثلاثة، يُشارك الشيخ في سباقات الهجن منذ عام 1994، لا يمر العام دون المشاركة في المسابقات المتعددة "في الاسماعيلية وشرم الشيخ والعريش"، يرى المُشاركة شرف "ده تراث قبيلة بنحييه عشان مينقرضش".

يُشارك الشيخ سالم بأكثر من جمل، يقول إن كل قبيلة تنتقي أفضل الجمال لديها، ويتكون غذاؤه من "فول وشعير وعجوة ولبن، دي تغذية الجمل اللي بيجري في السبق من أول ما ينولد"، ولا يتم إطعام الجمل في اليوم المحدد للسبق "عشان يكون خفيف".

2

الخفّة هي سر سباق الهجن، فالمُتسابق الذي يمتطي الجمل يكون ولد وزنه خفيف، في سن السادسة وحتى السابعة "وبيكون متدرب على الركوب"، ابراهيم أحد أولاد الشيخ القادمين معه يقول إن تدريب الجمل والطفل يتم على مدار أشهر، أما عُمر الجمل المتباري "من 2 ل8 سنين".

في العاشرة صباحًا بدأت الفعالية بالقرآن الكريم، ثُم جاء عرض مدرسة الفؤاد الدولية بالرايات، فيما صدحت بالأجواء أغنية الوطن الأكبر، شارك في العرض طلبة المرحلة الإعدادية والثانوية، كما يذكر محمود العسكري، أحد المسئولين بالمدرسة، كما قدّمت ثلاثة فتيات خُطبة باللغتين الإنجليزية والعربية عن أهمية السباق.

3

توالى الحضور على السرادق، من بينهم نواب مجلس الشعب، كذلك المسئولين من الاتحاد المصري للهجن، قبل بداية السبق كانت مُقدّمة الفعالية تشير إلى تاريخه، حيث بدأ أول مهرجان عام 1986، كما تذكر أهميته الذي يؤصل إلى الرياضة الصحراوية، كما أنها تربط بين العشائر العربية.

حدّقت الشمس بقوة في الجموع الحاضرة، والبدو الذين افترشوا الرمال، وأمام السرادق المغطى بدأت فرقة الشرقية للفنون الشعبية في عرضيها المُقدميّن، "تحيوه" هي الكلمة التي تغنوا بها، يقول محمد عاطف، مساعد مدير الفرقة، إنها تعني التحية للحضور، كانت المرة الأولى التي يُشارك فيها فرقة الشرقية بسباق للجمال.

4

خلال العروض الفنية كان بعض المُشاركين يستعدون، قبل السباق يبدأ عرض مبدأي أمام محافظ الشرقية لغير الجمال المنافسة، "أنا جبت الجمل بتاعي، دا بقاله 10 سنين معايا"، يذكر الشيخ ناصر، داخل مضمار السبق وقف حوالي 6 جمال يركب فوقهم شباب القبائل أمام الحضور، يستعرض المُشاركون "فخر تراثهم".

5

من بين الشباب المشاركين بالعرض جلس "سلمان" على الجمل، يُجهز نفسه للحظة بدء العرض، لم تكن المرة الأولى التي يُشارك فيها الشاب وجمله، في العريش والاسماعيلية وسيناء حضر سابقًا، كما حاز الجمل على مراكز للفوز. تنقسم جوائز المسابقة إلى مادية حيث ألف ونصف جنيه للمركز الأول، الجوائز أحيانًا تختلف، يتذكر الشيخ ناصر أنه فاز على جمل في مرة سابقة "في سبق شرم الشيخ"، وقد أحضره معه هذه المرة.

6

انتصف النهار ولم يبدأ السباق بعد، جاء الشيخ "ناصر" من قبيلة الحويطات برفقة أقاربه، لا يُشارك بجمال هذه المرة، لكنه يحرص على التواجد، يرى أن تربية الجمال تقلل من نسبة البطالة، فكل جمل يحتاج إلى مُدرب له. يعتبر أن سباق الهِجن هو أساس يجب الحفاظ عليه، يتمنى أن يكون الوضع مستقرًا دومًا "نفسنا حد يدعمها".

7

حوالي الثانية عشر ونصف بدأ السباق، فوق كل جمل يجلس طفل لا يتعدى سنه الثامنة، يتحوّل ذاك الصغير الذي يُمسك في جلباب الكبار، ولا يُسمع صوته نهائيًا، إلى مُنافس قوي يمتطي الجمل، ممسكًا بيده العصا أداته للمنافسة.

ينقسم السبق إلى 8 أشواط كما يقول رئيس اللجنة الفنية بالاتحاد المصري للهجن، كل شوط يتراوح مسافته بين 5 كيلو إلى 15 كيلو "وممكن الجمل اللي بيعدي في العشرة كيلو يعدي في 15 كيلو"، لكن لا يُسمح للجمل أن يُشارك في أكثر من شوط واحد، يكمن دور رئيس اللجنة الفنية في تسجيل اسم كل جمل والمالك.

8

ما إن بدأ الشوط الأول حتى انطلقت الجمال في مضمار السبق، الذي يمتد لـ5 كيلو، وعلى موازاة الخط يلحق بالسباق شباب القبائل بسياراتهم، الملاكي والنصف نقل، يُثير السبق غبار الصحراء من كل ناحية، يُغلق "عبد الله المسعودي"، من قبيلة المساعيد، زجاج سيارته جيدًا، ثُم يفتح أغانيه البدوية الخاصة، من بينها أغنية في مديح الجمال، لا يُشارك المسعودي بجمل، لكنها العادة التي تحكم حضور القبيلة، ترتج السيارة بقوة "الأرض دي مش مؤهلة للسبق، أرض سرابيوم في الإسماعيلية أحسن من هنا".

9

جلس رفاق المسعودي فوق السيارة، يُتابعون السبق، لا يحفلون بالغبار الشديد المُثار حولهم،كما البهجة التي يصنعوها، يهتفون للجمل الخاص لأقاربهم، بسخرية يقولون "اضرب يلا"، وبينهم يجلس رفيقهم "ابراهيم" فوق السيارة النصف نقل، تحضر روح التشجيع فيهم بقوة، التواجد واجب "ينفع ماتش كورة من غير مشجعين".

10

للساعة الرابعة عصرًا يمتد السبق، كل شوط تُعلن نتيجته على الحضور، يقول الشيخ أبو عبد الرحمن من قبيلة الحيوات إن الجوائز المادية تتجمع من القبائل، وهو دليل على حرصهم على إقامة السبق، لا تهمّ الجائزة إنما التواجد هو الأهم للحفاظ على تراث يندثر.

فيديو قد يعجبك: