إعلان

"أطفال مفقودة".. مشروع لعودة "الضنا" لحضن أهاليهم

04:31 م الأربعاء 23 مارس 2016

lostmain

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت – يسرا سلامة:
في عام 1994، انتفض قلب والدة "أحمد رحومة" لضياع فلذة كبدها، وقتها كان يبلغ من العمر ثلاث سنوات ونصف، أخ وحيد لخمسة أشقاء من البنات، ضاع في سبوع لابن عمه، اختفى فجأة، لم تتوقف محاولات الأهل في محافظة أسيوط للبحث عنه.

مرت الأعوام ومنذ فترة قام أحمد بإجراء تحليل الDNA، عرف منها عائلته، أعلن قصته على حسابه بصفحة فيسبوك، أرسل إلى صفحة "أطفال مفقودة" في فبراير الجاري، لتتطابق مواصفاته مع ما كانت أسرته قد أبلغت عنه لكل الجهات كل تلك السنوات، شاهدت العائلة مناشدته من خلال الصفحة، ليتأكد كلاهما من الطرفين، وتصبح الصفحة على موقع التواصل سندا لمن يبحث عن أهله، أو ضناه.

1

"أطفال مفقودة" تكسر ذلك الحاجز بين العالم الافتراضي والواقعي، المليء بنسب كبيرة ممن تحرقهم نيران الفقد، أهلا وأطفالا، تصبح قصصهم بعد ذلك صورًا في حكايات متداولة، يحصل الأطفال على لفظ "مفقود" والأهالي على ضحايا القدر، تأكلهم بطء مؤسسات ترى في ضياع الأطفال حدثا اعتياديا متكررا، وتحصده في أرقام، الكارثة تظل كما هي، بينما تسعى "أطفال مفقودة" إلى استغلال كافة الامكانات المتاحة لأفراد عاديين من أجل عودة طفل إلى أهله.

بداية القصة.. طريقة الحكي
الصفحة دشنها "رامي الجبالي"، مهندس الاتصالات والعمارة، منذ ثمانية أشهر، بدأ في توثيق الصور والبيانات المصاحبة لها، هو وزوجته في البداية عملا على المشروع، ليس فقد جمع المعلومات عن المفقودين، ولكن أيضًا التأكد من حقيقة أن الطفل مفقود بالفعل، وإنه لم يعد إلى أهله منذ تاريخ انتشار البوست.

مع أكثر من واقعة تعرف رامي على أن هناك فرق بين الطفل المفقود والمختطف، فالطفل الذي فقده أهله عنوة، يكون هناك صعوبة في عودته، وهو المختطف، أما المفقود فمن ابتعد عن أهله هربا أو فقدته الأسرة دون أن يختطفه أحد.

2

"لقيت صور المفقودين بتلف على الانترنت من غير ما حد يتأكد، بدأت اتصل بالأرقام، أوثق البيانات"، قدم رامي أيضا بعض القصص بطريقة مشوقة لكي تجذب مريدي مواقع التواصل الاجتماعي إلى الاهتمام "ساعات طريقة القصة بتفرق في رد فعل الناس".

بعد أيام أصبحت الصفحة منتشرة بين 30 ألف معجبا، ردود فعل كثيرة لعودة عدد من الأطفال توالت على الصفحة، يبدأ رامي في تحديث القصص على الصفحة بأن الطفل عاد لأهله، موجها الشكر لكل من دعم بنشر القصة، حتى أصبحت "أطفال مفقودة" منصة لمن فقد طفلا أو من رأى طفلا من أطفال الشوارع شك في أنه مخطوفا، أو من يبحث عن أهله بعد الفقد.

3

القصة تبدأ لدى الصفحة من عدة اتجاهات، منها الرسائل التي ترد إلى الصفحة، أو "البوستات" التي تنتشر على موقع فيسبوك، يبدأ رامي وعدد من المتطوعين، انضموا إلى الصفحة فيما بعد، منهم 200 محامي على مستوى الجمهورية، رحلة التأكد والبحث، تصبح بعدها تلك القصص كالعناكب على مواقع التواصل في الانتشار، تصل إلى عدد كبير من المتابعين، ليعود عدد من الأطفال مرة أخرى إلى أهاليهم بعد أن تصل من متطوعين صورا لهم، أو أماكن تواجدهم.

برنامج كشف الوجه
كما لدى الصفحة برنامج للتعريف بملامح الوجوه face detection يساهم في معرفة ملامح الوجوه الجديدة، ومقارنتها بتلك المتواجدة في الأرشيف لدى الصفحة، من صور لباعة جائلين أو في الشوارع.

يجمع "رامي" والفريق الصغير كافة المنشورات عن المفقودين، يحدث بياناتهم في حالة عودتهم، يكتب ذلك في "البوست" المنتشر حتى يكف الناس عن نشره، يضطر للرد علي آلاف الرسائل يومياً، تصل إليه من عدة محافظات.

4

الدور الأصعب الذي تواجهه الحملة يبدأ في مواجهة التحقق من قصة الاختطاف، "مش بننشر القصة إلا لما نتأكد منها فعلا، ولازم يكون فيه رقم تليفون الأب و الأم معا في القصة المنشورة، بالإضافة إلى معرفة رقم المحضر إن وجد"، بالإضافة إلى نشر الصفحة لصور أخرى للطفل من أهله "ساعات الناس مش بتصدق الصور القديمة لو اتنشرت أكثر من مرة"، يشير رامي إلى قصة "نصب" وقعت خلال المبادرة "فيه ناس بتعدل بالفوتوشوب في صورة وكان قصدها تلم فلوس، وقتها سلمنا الناس للشرطة".

"الموضوع مش أكتر من  share.. ساعات الناس بتقلل من قيمته، لكن فعلا ممكن يصادف يكون حد شاف طفل أو طفلة مع أحد الباعة الجائلين، ويكون سبب في أنه يرجع لأهله".. يتابع رامي أن "أطفال مفقودة" تقدم تلك الخدمة بشكل مجاني، وأيضا تقوم بشكل أساسي على التطوع، يردف "كل ما الأطفال صورتها تنتشر كل ما زادت فرصة إننا نلاقيهم".

5

حيل الخطف
كشفت تجربة الحملة عن عدد من الحيل يقوم بها سارقو الأطفال، منها أن الطفل الذي يولد في المستشفى عند تسجيله في السجل المدني يشترط أن يكون هناك ورقة واحدة فقط من المستشفى لإثبات واقعة الولادة، تلك الورقة يتم تزويرها في بعض الأحيان لإثبات حق الأطفال المخطوفة لخاطفيها، بالإضافة إلى ثغرة في الباسبور "ممكن حد يخرج من البلد بباسبور طفل ومحدش يسأله لو رجع من غيره هو ما رجعش ليه"، بحسب قول رامي.

"إحنا مش أكتر من صفحة في الفضاء الإلكتروني.. بتوصلنا ما يقارب من ٥٠٠ الي ١٤٠٠ رسالة كمعدل يومي، بجانب التعليقات اللي بتساعدنا كتير وتوصلنا لناس مخطوفة أو مفقودة، بنحاول نعمل اللي علينا".

6

مفقودون بلا أرشيف
يواجه المفقودون والمختطفون أزمات أخرى مثل عدم وجود أرشيف يجمعهم بين دفتيه، كما يوجه هؤلاء الأطفال عدة عقبات، تبدأ من مراكز أقسام الشرطة، حيث يسجل الغالبية منهم كمفقودين، حتى لا يكون هناك عبء على الشرطة بتكوين لجنة للتحري على هذا الطفل، بحسب قول رامي، يتابع "لو فيه طفل تاه في أسوان وركب القطر بالخطأ إلى اسكندرية محدش يقدر هيعرف لان مفيش تواصل حقيقي بين المحافظتين".

لا يحمل رامي إلا أملا في أن تهتم مؤسسات الدولة بقضايا الأطفال المفقودين، "كان فيه برنامج عن المفقودين زمان على القناة الثالثة للأسف القناة أوقفته منذ فترة، معرفش الناس وقفته ليه رغم إن العيال لسة بتختفي"، حالات كثيرة لا تزال في أرشيف "أطفال مفقودة"، والتي قدمت أيضا مقترح للحكومة بموقع به أرشيف للمفقودين "ياريت الحكومة تاخد المشروع، أو أي جهة مهتمة بالأطفال مثل نجدة الطفل التابع للمجلس القومي للمرأة، أنا طلعت واتكلمت في الاعلام كتير لكن لا حياة لمن تنادي".

7

فرحة العودة
فرحة في نفوس رامي والمتطوعين معه بالصفحة حين يرد الله مفقودا لأهله "بناخد دعوات كتير و ده كفايه بالنسبالنا"، تتواصل الصفحة مع جهات عديدة بشكل ودي منها الشرطة وخط نجدة الطفل، وأيضا عدد من المحافظات "إحنا عارفين إننا بنقوم بدور مؤسسات كاملة، لكن لما المؤسسات دي مش بتعمل دورها، بيكون مفيش بديل عننا"، يردف الشاب أن الحملة أيضا تتصدى لبعض النصابين والباعة الجائلين بنشر صورهم "عمالة الأطفال جريمة حتى لو الطفل مش مخطوف،مفيش في إيدينا أكتر من نشر الصور، إحنا مش جمعية بتاخد فلوس وامكانياتنا محدودة".

يفسر "رامي" العدد الكبير من حالات الفقد "للأسف الخطف والهروب من الأطفال مشكلة كبيرة، بالاضافة إلى إن هناك قصص يمر عليها الوقت لكن تظل موجوده لإن الطفل أو الطفلة لا يعود"، كما لا تقتصر القصة على الصغار "فيه كبار في السن من أمراض الزهايمر أو من المعاقين ذهنيا بيواجهوا أزمة الفقد".

حالات كثيرة تملأ أرشيف "أطفال مفقودة"، فيما تظل الأرقام الرسمية عاجزة عن الحصر الحقيقي والفعلي لحالات الاختطاف وهروب الأطفال، يملأ الحزن والعناء نفوس أهالي دون ذويهم، فيما تظل عدة قصص تملأ أرشيف المبادرة، التي تنشر أيضا صورا لكبار جعل الزهايمر أو الإعاقة الشارع ملجأهم الوحيد.

فيديو قد يعجبك: