كاليس.. مدينة الغلال والحكمة التي أطعمت روما منذ 2000 عام (صور)
كتب : مصراوي
-
عرض 21 صورة
-
عرض 21 صورة
-
عرض 21 صورة
-
عرض 21 صورة
-
عرض 21 صورة
-
عرض 21 صورة
-
عرض 21 صورة
-
عرض 21 صورة
-
عرض 21 صورة
-
عرض 21 صورة
-
عرض 21 صورة
-
عرض 21 صورة
-
عرض 21 صورة
-
عرض 21 صورة
-
عرض 21 صورة
-
عرض 21 صورة
-
عرض 21 صورة
-
عرض 21 صورة
-
عرض 21 صورة
-
عرض 21 صورة
-
عرض 21 صورة
الوادي الجديد - محمد الباريسي:
مدينة كاليس القديمة واحدة من أروع أسرار الواحات المصرية، التي ظلت طي النسيان تحت الرمال لقرون طويلة، غير أن الدراسات الحديثة تكشف عن تاريخها المدهش كأكبر مخزن للغلال في الإمبراطورية الرومانية.
تقع هذه المدينة على بعد 15 كم شرق مدينة موط في محافظة الوادي الجديد، وتعتبر من أهم المواقع الأثرية التي تحتفظ بعناصر تاريخية وثقافية غنية من العصرين اليوناني والروماني.
- مدينة كاليس: أرض الرخاء والنعيم
يقول الخبير الأثري منصور عثمان، مدير الآثار القبطية السابق بالوادي الجديد، إنه تعود قصة مدينة كاليس إلى أكثر من 2000 عام، حيث كانت تُعرف بأنها "أرض النعيم" أو "مخزن الغلال"، وُجدت المدينة، التي شُيدت بالكامل من الطوب اللبن في القرن الرابع والخامس الميلادي، لتكون نقطة محورية في التجارة الرومانية.
أضاف منصور، أن أهالي الواحات الداخلة أطلقوا عليها اسم "أسمنت الخراب" بعدما تم تهدمها وغطت الرمال أطلالها لعدة قرون، ولكن، يُثبت التاريخ أن هذه المدينة كانت في يوم من الأيام مركزاً مزدهراً، يعج بالخيرات التي كانت تُصدر إلى روما، بل ويُعتقد أنها كانت أكبر مصدر للحبوب والدقيق في ذلك العصر.
- أهم المعالم التاريخية في المدينة
يؤكد منصور، أنه من أبرز ما يميز مدينة كاليس هو معبد الإله توتو، الذي يُعد المعبد الوحيد له في مصر، والذي كان مكرساً لعبادته الإله توتو، الذي كان يرمز إلى الحكمة والمعرفة، تم تصويره برأس آدمي وجسد أسد، بينما كان ذيله يشبه ثعبان الكوبرا، يقال أن هذا المعبد يعود إلى العصر الروماني، وبالأخص إلى عهد الإمبراطور نيرون بين عامي 54 و68 ميلادي، وعلى الرغم من أن المعبد قد تهدم بشكل كبير، فإن الهيكل العظمي له ما زال قائماً، ويعد من أقدم المعابد التي تجسد العبادة في تلك الحقبة.
- أقدم كنيسة في مصر
يقول الخبير الأثري بهجت أبو صديرة، مدير الآثار السابق بالوادي الجديد، إن مدينة كاليس تضم واحدة من أقدم الكنائس القبطية في مصر، حيث شُيدت في عام 350 ميلادي، وهي تعد شهادة على المسيحية الأولى في مصر، الكنيسة، التي تأسست في العصر الروماني، تعد من الكنائس الرائدة التي تحمل بصمات خاصة في عمارتها، وتحتوي المدينة أيضًا على ثلاث كنائس أخرى، اثنان منها على الطراز القبطي والثالثة على الطراز البازيليكي.
- مخطط المدينة والمنازل القبطية
أكد بهجت، أنه جرى اكتشاف نحو 100 منزل أثري في المدينة، والتي كانت تُبنى عادة وفقاً للنمط المعماري القبطي السائد في تلك الحقبة، تتضمن هذه المنازل مداخل كبيرة تؤدي إلى صالات واسعة، وحجرات صغيرة كانت تستخدم لأغراض المعيشة والإعاشة، كما يضم كل منزل حوشًا ملحقًا وحجرات صغيرة لتربية الدواجن، بالإضافة إلى فرن للخبز. تشير البرديات المكتشفة إلى تفاصيل دقيقة حول أسلوب الحياة في المدينة.
- معبد توتو ودوره في الثقافة المحلية
يقول خالد حسن، وكيل مكتب السياحة والآثار بالوادي الجديد، إن معبد توتو جزءًا محوريًا في دراسة الديانة المصرية القديمة في الواحات الداخلة، الإله توتو كان يرتبط بالعديد من الآلهة الأخرى، ولا سيما الأم الإلهة "نيت"، كما يرتبط أيضًا بالقوى الغيبية مثل الشياطين، وجرى توثيق هذه العلاقات عبر النقوش التي تم العثور عليها في المعبد، حيث كان يُعتقد أن توتو هو من يتحكم في المصير والقدر.
- الآثار الأخرى والاكتشافات في المنطقة
يؤكد خالد، أنه بالإضافة إلى المعابد والكنائس، تم العثور على العديد من المقابر التي تعود إلى العصر القبطي في المنطقة. وتُعد هذه المقابر من أقدم المقابر في مصر التي تحمل الطراز المعماري القبطي الفريد، كما عُثر على نصوص قديمة باللغة القبطية التي تشير إلى المدينة باسم "كلس"، التي تعني "مخزن الغلال"، وهو ما يعزز الفكرة القائلة بأن المدينة كانت تُستخدم كمصدر رئيسي للحبوب.
- العوامل الطبيعية وأثرها على الموقع
يؤكد محسن عبد المنعم، مدير الهيئة المصرية لتنشيط السياحة بالوادي الجديد، إن العوامل الطبيعية مثل الرمال والعوامل الجغرافية هي التي ساعدت في إخفاء العديد من معالم مدينة كاليس لعقود طويلة، فعلى الرغم من الزخم التاريخي لهذا الموقع، كانت الرمال والأعاصير الصحراوية تُخفي آثار المدينة لتظل طي النسيان حتى بدأت الحفائر في عام 1985 التي أظهرت معالم المدينة التاريخية.
- دور الواحات الداخلة كمركز تجاري
يقول محسن، إنه قد كانت الواحات الداخلة بموقعها الاستراتيجي تعد مركزًا تجاريًا هامًا، فقد كانت تصدر الحبوب والدقيق إلى العاصمة الرومانية روما، ويُعتقد أن هذه المدينة لعبت دورًا محوريًا في تزويد الإمبراطورية الرومانية بالموارد الغذائية، في هذا السياق، تُعتبر مدينة كاليس إحدى أهم المواقع التي تسلط الضوء على التطور الاقتصادي والتجاري في العصرين اليوناني والروماني في مصر.
ويضيف محسن، أن مدينة كاليس تعتبر من المواقع الأثرية الفريدة في مصر، حيث تحمل في طياتها تاريخًا طويلًا من الرخاء والنعيم، بالإضافة إلى العديد من المعابد والكنائس التي تشهد على التحولات الثقافية والدينية التي مرت بها مصر عبر العصور، وأصبح موقع "أسمنت الخراب" الآن نقطة جذب للباحثين عن تاريخ مصر الفرعوني، ويفتح أبوابًا جديدة لفهم كيفية تأثير الواحات المصرية في تاريخ الحضارات الكبرى، مثل الإمبراطورية الرومانية.
ويختتم حديثه قائلًا: "إنه من خلال الاكتشافات المستمرة في هذه المنطقة، تبقى مدينة كاليس بمثابة مصدر حيوي لفهم أعمق للحقب التاريخية التي مر بها العالم القديم، وأدلة على التفاعلات الثقافية والدينية التي أثرت في مصر وأثرت في العالم كله".