مدير مكتبة الإسكندرية: العنف ضد المرأة قضية عالمية لا تقتصر على العالم النامي
كتب : محمد البدري
الدكتور أحمد زايد مدير مكتبة الإسكندرية
الإسكندرية - محمد البدري:
قال الدكتور أحمد زايد، مدير مكتبة الإسكندرية، إن العنف ضد المرأة قضية عالمية لا تقتصر على المجتمعات النامية، مشددًا على ضرورة تجاوز "النظرة الثنائية" التي تحكم المجتمع، مثل الفصل بين البيت والعمل أو الظل والنور، من أجل خلق فضاء رقمي آمن للنساء والفتيات.
جاء ذلك خلال إطلاق مكتبة الإسكندرية، فعاليات حملة "الـ16 يوماً لمناهضة العنف ضد المرأة"، التي ينظمها برنامج دراسات المرأة والتحول الاجتماعي، بالتعاون مع المجلس القومي للمرأة وهيئة الأمم المتحدة للمرأة، وبدعم من الاتحاد الأوروبي، وبمشاركة أعضاء من المجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة، تحت شعار: "اتحدوا لإنهاء العنف الرقمي في الرياضة".
وأضاف زايد أن المرأة تمتلك قوة هائلة تمكنها من هندسة المنظومة الأسرية حتى وإن كانت في منطقة الظل، داعيًا إلى تبني رؤية متعددة الأبعاد تنصف المرأة وتكفل لها الحضور الفاعل في الفضاء الرقمي. كما حذر من خطورة "العنف الرقمي" بوصفه شكلاً مستحدثًا وغير منظور من أشكال العنف، مطالبًا بتوفير بيانات دقيقة لدعم صانعي القرار، وتوفير بيئة إلكترونية آمنة ومطمئنة للنساء، تمامًا كما نسعى لتأمينهن في الواقع المادي.
وفي كلمة ألقتها نيابة عن المستشارة أمل عمار، رئيسة المجلس القومي للمرأة، أكدت الدكتورة ميادة عبد القادر أن هناك إرادة سياسية واضحة في مصر لحماية المرأة، مشيرة إلى أن دستور 2014 والاستراتيجية الوطنية لمكافحة العنف ضد المرأة يشكلان إطارًا داعمًا لذلك. ولفتت إلى أن حملة هذا العام تركز على "العنف الرقمي" باعتباره الأسرع انتشارًا والأشد تأثيرًا، مؤكدة أن المجلس يواجهه من خلال مكتب شكاوى المرأة ووحدات مكافحة العنف في الجامعات والجهات الأمنية.
من جانبها، شددت الدكتورة سلمى ناصر، أخصائية برنامج إنهاء العنف ضد المرأة بهيئة الأمم المتحدة، على أن العنف القائم على التكنولوجيا لم يعد افتراضيًا، بل أصبح منظومة تهدد السلامة الشخصية، مشيرة إلى أن ما بين 16% و58% من النساء حول العالم تعرضن للعنف الرقمي، وأن نصف النساء في المنطقة العربية لا يشعرن بالأمان عبر الإنترنت. كما سلطت الضوء على معاناة البطلات الرياضيات من التنمر الإلكتروني، الذي قد يصل إلى حد دفع بعضهن للانتحار.
وتضمنت الفعالية عرضًا لحملة "علّي صوت التشجيع"، التي أطلقتها هيئة الأمم المتحدة للمرأة بالشراكة مع المجلس القومي للمرأة وبدعم من الاتحاد الأوروبي، وتستضيفها مكتبة الإسكندرية، بهدف التصدي للعنف الإلكتروني ضد اللاعبات، والدعوة إلى بيئة رياضية رقمية قائمة على الاحترام والمساواة.
وشهدت الفعالية حلقة نقاشية موسعة أدارتها الدكتورة سلمى ناصر، واستعرضت خلالها المهندسة سماء سلطان، بطلة السباحة ونائبة رئيس منطقة الإسكندرية للسباحة، تجربتها مع التنمر الإلكتروني، مؤكدة أن "العناد الإيجابي" كان وسيلتها لمواجهة الإحباط وتحقيق البطولات.
كما تناولت الدكتورة جيداء جواد حمادة، أستاذة الأدب الإنجليزي وبطلة الترياثلون، الجانب الثقافي للعنف الرقمي، محذرة من "ثقافة اللوم" التي تُحمّل الضحية مسؤولية التنمر، خاصة في الرياضات التي تتطلب أزياء محددة، مشيرة إلى أن العنف الإلكتروني قد يتطور إلى مطاردة تهدد الحياة الواقعية.
من جهتها، أوضحت الدكتورة مريم عبد الرؤوف، أخصائية الصحة النفسية، أن العنف الرقمي يخلق شعورًا دائمًا بعدم الأمان، ويؤدي إلى القلق والعزلة، مشددة على أهمية دعم الأسرة والمؤسسات الرياضية لبناء "المرونة النفسية" لدى اللاعبات.
وفي السياق ذاته، كشفت الدكتورة ماجدة الشاذلي، مقرر فرع المجلس القومي للمرأة بالإسكندرية، عن وجود تجاوزات من بعض المدربين تجاه اللاعبات، مطالبة بتأهيلهم نفسيًا وتربويًا، وداعية الأسر إلى الإبلاغ عن أي انتهاكات دون خوف على مستقبل أبنائهم.
واختتمت الفعالية بعرض الشق القانوني، حيث أكدت الدكتورة ميادة عبد القادر أن القانون المصري يواجه الجرائم الإلكترونية بحزم من خلال قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات لعام 2018، مشيرة إلى ضرورة الإبلاغ عن الجرائم خلال 3 أشهر من وقوعها، ومحذرة من التحديات الجديدة التي يفرضها الذكاء الاصطناعي وتقنيات التزييف العميق.
وتزين مبنى مكتبة الإسكندرية باللون البرتقالي، في إشارة رمزية للتضامن العالمي مع جهود إنهاء العنف ضد النساء والفتيات.