إعلان

الحرب بالوكالة.. كيف يشكل الدعم التركي أزمة قد تستمر عقودًا؟

10:19 م الإثنين 09 نوفمبر 2020

ميليشيات مسلحة

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- محمد صفوت:

تستخدم تركيا ميليشيات مسلحة في مسارح العمليات بشكل متزايد، بداية من سوريا مرورًا بليبيا ووصولاً إلى ناجورنو قره باغ، تدعم تركيا المجموعات المسلحة، في الوقت الذي زعم الدبلوماسيون الأتراك أنهم حلفاء في القتال ضد تنظيم داعش، حيث اعتمد الجيش والمخابرات التركية على مقاتلي التنظيم؛ لتعزيز مصالح أنقرة.

وفي تحليل للباحث مايكل روبين في مجلة "ذا ناشيونال إنتريست" الأمريكية، حول تأثير استخدام تركيا للميليشيات أكد أنه ليس عسكريًا، فقط بل يمتد إلى السياسة والدبلوماسية، مشيرًا إلى تقرير صادر عن "مركز معلومات كردستان السورية"، الذي حدد عشرات من قدامى المحاربين في داعش يدعمون القوات التركية ويطهرون عرقيًا ويخطفون النساء في الشمال السوري؛ تمهيدًا لصراع قد يمتد عقودًا في المنطقة.

وفي ليبيا لم يختلف الأمر كثيرًا بعد توقيع اتفاقيتين بين حكومة السراج وتركيا، إذ كان مقررًا أن يسلم السراج مهام منصبه نهاية أكتوبر الماضي، على أمل أن تنهي لجنة الحوار عملها وتختار مجلسًا رئاسيًا جديدًا ورئيسًا للوزراء، لكن السراج يبدو أنه تدارك ثمن الاتفاقيات مع تركيا بعد رفض الميليشيات المدعومة من أنقرة مغادرة البلاد. لقد استبدل السراج ببساطة أحد المنافسين المحليين برجال ميليشيات موالين لأردوغان.

في ٤ أكتوبر الماضي، زار السراج سرًا تركيا، لعقد لقاء مع أردوغان؛ لبحث المشكلة بعدما أصبحت حكومته في ليبيا تابعة لتركيا بعد 109 سنوات من انتهاء السيطرة العثمانية في ليبيا.

ويدرك الليبيون والمجتمع الدولي، الثمن الدبلوماسي الذي مقرر دفعه نتيجة عدم قيامهم بمنع تدفق المرتزقة الموالين لتركيا إلى ليبيا، وبعد أيام من المحادثات في جنيف بهدف وقف إطلاق النار بين الجيش الوطني الليبي وقوات السراج، لتمهيد الطريق لإنجاح الحوار على المستويات الاقتصادية والسياسية وباقي المسارات، لم يوافق أردوغان عليه وقال ساخرًا: "يبدو لي أنه يفتقر إلى المصداقية".

ويقول روبين في تحليله، إن أردوغان يرى نفسه الحاكم الفعلي لليبيا وليس السراج، فيما يرى الليبيون أنه العائق الرئيسي أمام مصلحة ليبيا، إذ تعمل الميليشيات المدعومة منه على تقويض جهود وقف إطلاق النار.

في قره باغ التي تشهد نزاعًا بين أرمينيا وأذربيجان، دفعت تركيا بنحو ٢٠٠٠ من المرتزقة السوريين وفقًا لتقديرات وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، وهو العدد الذي يتفق مع التقديرات الأمريكية، في الوقت الذي كان لدى الطرفين المتحاربين حافز للتوصل إلى اتفاق سلام.

ويتابع الباحث في تحليله، أن المرتزقة المدفوعين من تركيا لم يقتصر دورهم على إعاقة الجهود الدبلوماسية في قره باغ، لكنهم منحوا أردوغان حق (الفيتو) في أي اتفاق سلام في المنطقة المتنازع عليها، موضحًا أنه بمجرد وصولهم إلى قره باغ، أصبح من الصعب على المجتمع الدولي إقناعهم وإجبارهم على المغادرة، كما حدث مع السراج الذي أدرك أن المكاسب العسكرية بتعاونه مع أنقرة قصيرة المدى، فاستخدام القوات التركية للميليشيات للحرب بالوكالة ثمن باهظ، وكذلك سيعلم رئيس أذربيجان إلهام علييف.

ويقول روبين: "لفهم مدى خطورة الألعاب الديمغرافية لأردوغان وحرب الوكالة التركية، لا يحتاج الدبلوماسيون والمحللون إلى النظر لأبعد من قبرص"، مضيفًا أنه بعد نحو ٤٥ عامًا على الغزو التركي لقبرص وحملات التطهير العرقي أصبح ثلث الجزيرة القبرصية تحت سيطرة تركيا، موضحًا أن سبب الغزو التركي منذ عقود، الخوف من المجلس العسكري اليوناني الذي نجحت القوات التركية في الإطاحة به في غضون أيام قليلة ومع ذلك، فإن تدفق المستوطنين الأتراك إلى قبرص قوض إمكانية التوصل إلى حل، إذ أن القبارصة الأتراك كانوا تقليديًا أكثر اعتدالًا في ممارساتهم الدينية وأكثر استعدادًا للتصالح مع نظرائهم اليونانيين من الوافدين الجدد، ويرفض أردوغان إعادتهم إلى تركيا ما يجعلهم أكبر عائق أمام الحلول السلمية لإنهاء الصراع في الجزيرة القبرصية.

ويؤكد روبين، أن مشكلة المستوطنين الأتراك بدأت قبل تولي أردوغان منصبه بفترة طويلة، لكنها تقدم مثالاً حول كيف يمكن للألعاب الديمغرافية الحالية في تركيا أن تمنع السلام بعد عقود من انتهاء الأعمال العدائية المفتوحة.

بالنظر إلى الواقع الحالي، تستخدم تركيا الوكلاء في الصراعات السورية والليبية وفي إقليم قره باغ، فيما تتجاهل الدول وجودهم باعتبارها مشكلة عسكرية لا ينبغي أن تشكل عائقًا أمام الجهود الدبلوماسية، وعليه فإن أي دولة أو زعيم يقبل المرتزقة الموالين لتريكا على أراضيها يجب أن تفقد الدعم الدبلوماسي وتوقع عليها عقوبات وربما تصنف كدولة راعية مستقبلية للإرهاب.

فيديو قد يعجبك: