إعلان

هل يُشعل اتفاق ليبيا وتركيا فتيل الحرب في شرق المتوسط؟

10:22 م الثلاثاء 03 ديسمبر 2019

الرئيس التركي أردوغان وفايز السراج

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب – محمد الصباغ:

بدأت مصر ومعها اليونان وقبرص في تحركات، لمواجهة المحاولة التركية للتمدد في شرق البحر المتوسط اثر توقيع حكومة رجب طيب أردوغان ما أسمتها مذكرة تفاهم في المجال الأمني والبحري مع حكومة الوفاق الوطني في طرابلس الليبية.

اعتبرت الدول الثلاث أن التحرك التركي غير شرعي ومخالف للقانون الدولي والقوانين المنظمة للحدود البحرية، حيث لا تفصل بين ليبيا وتركيا جزر يونانية بينها كبير الحجم مثل كريت.

ترى اليونان أن هذا التوقيع ما هو إلا خطوة جديدة في أحلام التوسع التركي والزعم بامتلاك حدود بحرية لا يمتلكها، بجانب إعاقة التعاون بين القاهرة وأثينا ونيقوسيا في موارد شرق المتوسط بمناطقهم الاقتصادية.

التقى وزيرا الخارجية المصري سامح شكري واليوناني نيكوس ديندياس في القاهرة، الأحد، وناقشا تطورات توقيع مذكرتيّ التفاهم بين أنقرة والسراج، حيث توافق الوزيران على عدم شرعية توقيع "السراج" على مذكرات مع دول أخرى خارج إطار الصلاحيات المقررة في اتفاق الصخيرات.

من جانبها وصفت وزارة الخارجية الأمريكية، الثلاثاء، الاتفاق الموقع بين تركيا ورئيس المجلس الانتقالي الليبي فايز السراج حول الحدود البحرية، بأنه "استفزازي".

وذكرت صحيفة "كاثيميريني" اليونانية، أن متحدث باسم الخارجية الأمريكية وصف الاتفاق في مؤتمر صحفي بأنه يزيد التوترات في المنطقة.

وأضاف أن الولايات المتحدة لا تتدخل بشكل عام في النزاعات حول الحدود البحرية في الدول الأخرى، لكنه طالب كل الأطراف "بالابتعاد عن التحركات التي تزيد التوتر في شرق المتوسط في هذا الوقت الحساس".

فيما طالبت اليونان الاتحاد الأوروبي باتخاذ الإجراءات اللازمة بعد توقيع تركيا مذكرتي تفاهم مع السراج، والتي تتعلق بالحدود البحرية بين أنقرة وطرابلس.

ونقلت وسائل إعلام محلية يونانية عن ديندياس، قوله إنه أطلع مسئولين بارزين بلجنة الشئون الخارجية بالاتحاد الأوروبي على مذكرتي التفاهم حول الحدود البحرية، وطالب التضامن الأوروبي في هذا الأمر.

وأضاف ديندياس "أطلعتهم على تفاصيل مكثفة وشرحت لهم تلك المذكرات، موضحا أنه انتهاك ليس لمصالح اليونان فقط بل لدول أخرى أيضًا".

2كما شدد شكري اليوم الثلاثاء على أن مذكرتي التفاهم بين السراج وتركيا من شأنهما تعميق الخلاف بين الليبيين ومن ثم تعطيل العملية السياسية وذلك في وقت بدأ يتشكل توافق دولي حول كيفية مساعدة الشعب هناك على الخروج من الأزمة الحالية.

جاء ذلك خلال اتصال هاتفي أجراه شكري مع المبعوث الأممي لليبيا الدكتور غسان سلامة، حيث أكد خلاله على أهمية الحيلولة دون إعاقة العملية السياسية في المرحلة القادمة بأي شكل من الأشكال من قبل أطراف على الساحة الليبية أو خارجها..مشيرا في الوقت ذاته إلى دعم مصر الكامل لسلامة في مهمته والحرص على نجاحها.

"مطامع أنقرة"

من المقرر أن يجتمع رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان غدا الأربعاء، وذلك على هامش قمة الناتو في لندن.

يأتي الاجتماع في محاولة لنزع فتيل الأزمة حول التنقيب والطاقة في شرق المتوسط، وأشارت وسائل إعلام محلية يونانية إلى أن اللقاء جاء بطلب من أردوغان.

ونقلت رويترز عن المتحدث باسم الحكومة اليونانية "نأمل أن يتسنى خلال اجتماع الغد تمهيد الطريق أمام شكل جديد من احترام القانون الدولي وعلاقات حسن الجوار بين البلدين".

يقول كوستاس رابيتس، المحلل والصحفي اليوناني براديو أثينا، في تصريحات لمصراوي، إن مذكرة التفاهم بين السراج وأردوغان مجرد محاولة أخرى للزعم بأن ليبيا وتركيا تملكان حدودا بحرية مشتركة، "وفقا للنسخة التركية من القانون الدولي والتي تزعم أن مجموعة الجزر اليونانية وبينها كريت غير مؤهلة لتحظى بوجودها أثينا على حقوق مثل المنطقة الاقتصادية".

يُذكر أن توقيع الاتفاق بين تركيا و"السراج"، جاء بعد أسبوعين من خطاب تركي إلى الأمم المتحدة يوم 13 نوفمبر، قدمت أنقرة مشروع "الوطن الأزرق" الذي يرصد تمدد الحدود التركية البحرية في شرق البحر المتوسط.

زعم الخطاب أن لتركيا الحق في مناطق بحرية جنوب جزيرة رودس اليونانية، ووفقًا لأثينا فذلك يتجاهل تماما وجود جزيرة يونانية في جنوب غرب بحر إيجه وهي دوديكانيسي "Dodecanese"، بجانب جزيرة كريت.

كما أشار رابيتس إلى أن ضعف المجلس الانتقالي الليبي برئاسة السراج وأيديولوجيته المتماشية مع الإخوان المسلمين، تسبب في اعتماده بشكل أساسي على دعم تركيا. وتابع "على الجانب الآخر، أردوغان مصمم على نشر النفوذ التركي في شمال أفريقيا، عبر خطوط الطيران والإعفاء من التأشيرات، ومشاريع البناء، والدبلوماسية، بجانب العمل الخيري الإسلامي والقبائل من أصول عثمانية كما في مصراتة الليبية".

وأشار إلى أن الدبلوماسية اليونانية محافظة جدا وتدور بشكل أعمى حول الغرب. "ولهذا حتى الآن، مسألة قطع العلاقات مع حكومة السراج أمر لم يتم مناقشته. لكن هناك انفتاح أمام التواصل مع حفتر وذلك بعد المذكرة الموقعة".

واستكمل حديثه قائلا "الحقيقة أن اليونان تتبع ألمانيا في هذا الأمر، والتي بدورها تدعم حكومة السراج المعترف بها دوليا".

يبرز الاتفاق السعي التركي نحو التمدد خارجيًا، والسيطرة على مناطق في بحر إيجه والمتوسط بعيدًا عن الحدود الرسمية للدولة.

وكان موقع الرئاسة التركية الرسمي نشر صورة لأردوغان وخلفه خريطة توضح ما تطلق عليه أنقرة "الوطن الأزرق"، حيث تتوسع خريطة تركيا لتشمل جزءًا منة بحر إيجه ومجموعة من الجزر اليونانية.

التقطت الصورة في سبتمبر الماضي خلال لطلاب جامعة الدفاع التركية، ووقّع حينها أردوغان على وثائق كُتب عليها "الوطن الأزرق" أو " Blue Motherland"،حيث تتمدد الحدود البحرية لتركيا لحوالي 462.000 كيلومتر، لتشمل الجزء الشرقي بكامله من بحر إيجه، وكذلك جزر ليمنوس ولسبوس ورودس وشيوس، وهي جزء من اليونان.

آنذاك استنكر وزير الخارجية اليوناني دندياس الأمر، واعتبر أن خريطة "الوطن الأزرق" استقزاز تركي يواصل أردوغان من خلاله خطواته الاستفزازية.

3

حرب مقبلة في شرق المتوسط؟

أجرت تركيا تدريبات عسكرية بحرية كبيرة في مارس الماضي، وأظهرت خلالها قدراتها العسكرية في المتوسط خلال التدريب الذي حمل اسم "الوطن الأزرق" وأجرته في بحر إيجه والمتوسط، في رسالة واضحة حول تطلعاتها في شرق المتوسط.

ويقول المحلل اليوناني رابيتس إن مذكرة التفاهم بين السراج وأردوغان تؤثر بشكل كبير على مصالح مصر واليونان وقبرص، بداية من حقوقهم في وجود حدود بحرية مشتركة وفقا للقانون الدولي، وبالتالي التعاون في التنقيب والنقل تحت الماء.

وعلى الرغم من التوترات إلا أن رابيتس يعتبر أن الحرب كلمة كبيرة جدا، "لكن هناك المزيد من التوترات في الأفق".

يضع موقع "جلوبال فاير باور" المتخصص في الشئون العسكرية، مصر في المركز السادس عالميا من حيث عدد القطع البحرية الحربية، بعدد 319.

في حين تأتي تركيا في المركز الثاني عشر بعدد 194 قطعة عسكرية بحرية. ويشير الموقع إلى أن التفوق العددي لا يكون وحدة العامل الأبرز في أي مواجهة عسكرية، لكن التطور التكنولوجي وحداثة تلك القطع تكون عوامل أخرى في فرض التفوق.

وفي نوفمبر الماضي أجرت كل من مصر واليونان وقبرص تدريبات عسكرية مشتركة، وعقد الفريق أول محمد زكى القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي جلسة مباحثات مشتركة مع كلا من نيكولاوس بانايوتوبولوس وزير الدفاع اليونانى وسافاس أنجيليدس وزير الدفاع القبرصى.

وبحسب بيان للمتحدث العسكري للقوات المسلحة في السابع من نوفمبر الماضي، بحث الأطراف الثلاثة التطورات والتقدم الذي تحقق في مجال الدفاع والأمن، مؤكدين على عزمهم المشترك لتحقيق المزيد من التعاون في المجالات الدفاعية والأمنية من أجل مواجهة التحديات التي تواجههم في منطقة شرق البحر المتوسط.

كما أدان الوزراء أعمال التنقيب التركية غير القانونية في المنطقة الاقتصادية الخالصة لقبرص داعين للوقف الفوري لهذه العمليات غير القانونية، والحاجة إلى احترام الحقوق السيادية لجمهورية قبرص في مياهها الإقليمية وفقاً للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة لقانون البحار.

فيديو قد يعجبك: