إعلان

عائدًا من الرماد.. كيف سلك بوتين طريق الهيمنة على العالم؟

02:14 م الجمعة 25 أكتوبر 2019

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- هدى الشيمي:

عندما وصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى مدينة بريزبين الأسترالية التي شهدت عقد قمة مجموعة العشرين قبل خمس سنوات، كان في وضع لا يُحسد عليه، إذ أن الدول الغربية كانت في حالة غضب شديدة إزاءه، لعدة أسباب على رأسها تأجيج الصراع في أوكرانيا، بعد احتلال بلاده لشبه جزيرة القرم، واسقاط طائرة على متنها عائلات هولندية واسترالية.

أفادت وسائل إعلام وقتذاك أن الرئيس الروسي طُرد من القمة، وفرضوا عليه عقوبات، وبعض الزعماء رفضوا حتى تحيته، ونقل موقع "شبيغل" الألماني أن بوتين، لم يشارك في المؤدبة الأخيرة التي نظمت على شرف قادة وزعماء دول العشرين، ولم ينتظر إلى غاية التوقيع على البيان الختامي، بل توجه إلى مطار بريزبين ومنه إلى موسكو بدعوى أنه بحاجة إلى النوم لمواصلة عمله. ورغم أن الكرملين لم يصدر أي تصريح رسمي بشأن أسباب مغادرة بوتين المبكرة للقمة، لكن التقارير الإعلامية المحلية تحدثت عن "عدم رضاه من سير اجتماعاتها".

ولكن الأوضاع انقلبت رأسًا على عقب بعد خمسة سنوات. قالت مجلة إيكونوميست البريطانية، في تقرير على موقعها الإلكتروني، إن الرئيس الروسي عاد إلى الساحة العالمية أقوى مما كان عليه، وبات صاحب اليد العُليا في النزاع الذي يشهده الشرق الأوسط، وبنى تحالف استراتيجي مع الصين، ورحب بنظيره الأوكراني في مقر إقامته بسوتشي، في 22 أكتوبر الجاري، لوضع حدًا للعدوان العسكري الذي تشنه انقرة في المنطقة الحدودية شمال سوريا، وتوجه نحو 40 قائد وزعيم أفريقي إلى بلاده لحضور القمة الاقتصادية التي ترأسها جنبًا إلى جنب مع الرئيس عبدالفتاح السيسي.

العودة إلى الشرق الأوسط

عزز بوتين وضعه في الشرق الأوسط من خلال الاتفاق الذي توصل إليه مع اردوغان، والذي يسمح لكل من أنقرة وموسكو بالسيطرة العسكرية المشتركة على المنطقة التي كانت موطنًا للأكراد. وفي الوقت نفسه، يعمل الرئيس الروسي على تعزيز علاقته بدول الخليج، السعودية والإمارات، وقام بزيارة وُصفت بالتاريخية للبلدين.

قالت المجلة البريطانية إن موقف أوروبا من روسيا يتغير بفضل سيطرة بوتين المتزايدة على الشرق الأوسط وعلاقاته الوثيقة مع الصين، وتغيرت لهجة زعماء الغرب إزائها، فبات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يؤكد أن موسكو دولة مهمة للغاية ولا يمكن تجميدها أو التغاضي عن دورها المحوري، كذلك تتعرض أوكرانيا للعديد من الضغوطات من قبل أمريكا وأوروبا لتسوية نزاعها مع روسيا.

افعلها مثل بوتين

وتساءلت المجلة البريطانية عن كيفية تحقيق دولة ذات اقتصاد بحجم إسبانيا ويملأها الفساد وكأنها غينيا الجديدة، ومتوسط عمر أفرادها أقل من مواطني ليبيا لكل هذه الإنجازات؟. وأشارت إلى أن أحد الأسباب الرئيسية التي ساعدت موسكو على الوصول إلى ما هي عليه الآن هو التحديث العسكري.

خلال 20 عامًا، حوّل بوتين القوات المُسلحة الروسية من مُجرد مجموعة غير مُدارة بشكل جيد من المُجندين الذين يفتقرون العديد من التجهيزات إلى قوة قتالية مُسلحة جيدًا. علاوة على ذلك، فقد كان بوتين أكثر ذكاءًا من الغرب، إذ أنه حرص على اغتنام أي فرصة يجدها أمامه، وكان يمتسك بحلفائه.

أخفقت الولايات المتحدة والدول الغربية كثيراً خلال الفترة الماضية، ذكرت إيكونوميست أن الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما وضع خطوطًا حمراء لمنع استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا، لكنه لم يكن يدعم قراره بالقوة العسكرية، ثم تخلى دونالد ترامب عن حلفائه الأكراد في وقت سابق هذا الشهر، وسحب قواته من المنطقة الحدودية السورية- التركية، وسمح لتركيا بتنفيذ عدوان عسكري بالمنطقة.

اكتشف بوتين، حسب المجلة، إن إحجام الغرب عن استخدام الأسلحة خلق فراغًا كبيرًا في السلطة، وأدرك أن بإمكانه احتلال أوكرانيا، وإرسال قوات لاحتلال المواقع الأمريكية السابقة وقصف أهداف مدنية وعسكرية في سوريا، ودعم الرئيس السوري بشار الأسد المُتهم بارتكاب انتهاكات في حقوق شعبه، ولن يُحرك الغرب ساكناً، ولن يحاولوا الانتقام منه.

يخفي نجاح بوتين نقاط الضعف ويغطى على المشكلات التي يعاني منها. لفتت إيكونوميست إلى أن الرئيس الروسي يواجه العديد من الصعوبات في الخارج نظرًا إلى كونه الشريك الأصغر للصين. وفي الداخل، تعاني موسكو من العديد من المشكلات الاقتصادية، ارتفع سن التقاعد وانخفض مُعدّل الدخل للعام السادس على التوالي، كذلك يقوم الروس بالعديد من الاحتجاجات اعتراضًا على الأوضاع في بلادهم، وتنديدًا بالفساد.

قالت إيكونوميست إن بوتين يرغب في الحصول على كل شيء، فهو يسعى إلى رفع العقوبات التي يفرضها الغرب على بلاده، وكذلك يخطط للبقاء على رأس السلطة إلى أجل غير مُسمى، ما يُحتم ضرورة امتلاك الغرب لسياسة خارجية قوية لمواجهته.

فيديو قد يعجبك: