إعلان

عائدها يساوي تصدير النفط عامًا كاملًا.. ما نعرفه عن حملة الفساد السعودية

02:34 م الخميس 31 يناير 2019

حملة مكافحة الفساد

كتبت- رنا أسامة:

بعد أكثر من عام، أُسدِل الستار على حملة مكافحة الفساد السعودية التي "أزعجت" بعض المستثمرين الأجانب، وأدخلت للمملكة أموالًا تُعادل 10 أضعاف عجز الميزانية العام الماضي، وما يوازي إيراداتها من تصدير النفط لعام كامل، مُمثلة في أصول وعقارات ونقود دخلت إلى خزينة الدولة من تسويات مع "مُحتجزي الريتز".

وأعلن الديوان الملكي السعودي، مساء الأربعاء، تسلّم خادم الحرمين الشريفين تقرير اللجنة العُليا لقضايا الفساد، بعد انتهاء التحقيق مع المتهمين بإشراف النيابة العامة. جاء ذلك بعد نحو أسبوع من إطلاق سراح 4 رجال أعمال من المُحتجزين، أبرزهم الملياردير السعودي الإثيوبي محمد العمودي.

متى بدأت الحملة؟

بدأت الحملة بعد ساعات من أمر ملكي بتشكيل لجنة عُليا لمحاربة الفساد، أصدره العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز فجر السبت الموافق 4 نوفمبر 2017، بهدف اجتثاث جذور الفساد.

وأسند رئاسة اللجنة إلى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وعضوية كلٍ من (رئيس هيئة الرقابة والتحقيق، ورئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، ورئيس ديوان المراقبة العامة، والنائب العام، ورئيس أمن الدولة).

وقال البيان: جاء ذلك بعد أن "لاحظت القيادة السعودية استغلالًا من قِبل ضعاف النفوس الذين غلبوا مصالحهم الخاصة على المصلحة العامة، واعتدوا على المال العام دون وازع ديني أو ضميري أو أخلاقي أو وطني، مستغلين نفوذهم، بمساعدة البعض ممن عملوا في الأجهزة المعنيّة، بما حال دون إطلاع وُلاة الأمر على حقيقة هذه الجرائم والأفعال المُشينة".

وحدّد الأمر الملكي أهدافها في "حصر المُخالفات والجرائم والأشخاص والكيانات ذات العلاقة في قضايا الفساد العام، والتحقيق وإصدار مذكرات اعتقال بحق أفراد، ومنعهم من السفر، وتشكيل فرق للتحري والتحقيق، واتخاذ ما يلزم مع المتورطين في قضايا الفساد العام"، بحسب وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس).

وبناءً عليه مُنِحت لجنة مُكافحة الفساد صلاحيات استثنائية، من الأنظمة والتنظيمات والتعليمات والأوامر والقرارات.

ما عدد الأشخاص الذين طالتهم الحملة؟

بلغ عدد الأشخاص الذين استدعتهم لجنة مكافحة الفساد (381) شخصًا، بعضهم للإدلاء بشهاداتهم.

وجرى استكمال دراسة ملفات المتهمين كافة ومواجهتهم بما نُسب إليهم، وتمت معالجة وضعهم تحت إشراف النيابة العامة، بحسب أحدث بيانات النائب العام السعودي.

من هم المُحتجزون؟

احتجزت الحملة أكثر من 200 شخص من الأمراء والوزراء ورجال الأعمال والمسؤولين البارزين، بينهم الملياردير الأمير الوليد بن طلال، ورئيس الحرس الوطني السابق الأمير متعب بن عبدالعزيز، ومدير الديوان الملكي السابق خالد التويجري، ووزير المالية السابق إبراهيم العسّاف.

وُجّهت إليهم اتهامات بـ(رشاوى، واحتيال، وغسل أموال، واختلاسات، وتوقيع صفقات وهمية وصفقات سلاح غير نظامية، وسوء استغلال السلطة). واحتُجِزوا داخل فندق "ريتز كارلتون" الشهير بالعاصمة السعودية الرياض.

كيف جرت التحقيقات؟

التحقيقات مع مُحتجزي الريتز جرت على مرحلتيّ "التفاوض والتسوية" و"الإحالة إلى النيابة العامة"، حسبما أعلن النائب العام السعودي، سعود المُعجب، في بيان سابق.

خلال المرحلة الأولى، اتبعت اللجنة أساليب مُطبّقة عالميًا للتفاوض مع الموقوفين، أفضت إلى التوصل إلى تسويات مع بعضهم سهّلت استعادة أموال الدولة، واختصرت إجراءات التقاضي التي عادة ما تستغرق وقتًا طويلًا.

وحول الإجراءات المُتبعة في المرحلة الأولى، ذكر البيان أنه "تتم مواجهة الموقوف بما هو منسوب إليه، فإن أقرّ به بكامل اختياره ورضاه، تم الاتفاق معه على تسوية مالية نظير قيام اللجنة بالتوصية بصدور عفو عما نُسِبَ إليه من تهم فساد، وانقضاء الدعوى الجزائية. ويتم بناء على ذلك توقيع اتفاقية تسوية تتضمن ما أُشير إليه".

أما في حال عدم التوصل إلى تسوية أو إنكار الموقوف ما نُسِبَ إليه، تتم إحالته إلى النيابة العامة لاستكمال الإجراءات النظامية بحقه، وفق البيان.

وبالنسبة للمرحلة الثانية، فعُنيت بدراسة قضية المُحال إليها من اللجنة واستكمال الإجراءات النظامية، بما في ذلك مواصلة التحقيق مع المتهم ومواجهته بالأدلة والمعلومات المتوافرة عن ارتكابه لجرائم فساد، وفقًا لإجراءات التحقيق التي نص عليها نظام الإجراءات الجزائية.

فضلًا عن البّت في أمر الإيقاف على ذمة التحقيق؛ "فإذا كانت الأدلة تسوّغ الاستمرار في توقيفه فيتم ذلك وفقًا للمدد المحددة نظامًا، والتي تصل إلى 6 أشهر وفقًا لصلاحيات النائب العام، أو يتم تمديدها لأكثر من ذلك في الحالات الاستثنائية بقرار من المحكمة المختصة"، وفق البيان.

وكفل نظام الإجراءات الجزائية للموقوفين عددًا من الحقوق، منها الحق في الاستعانة بوكيل أو محام في مرحلتي التحقيق والمحاكمة، الحق في الاتصال بمن يريد إبلاغه بتوقيفه، والحق في عدم توقيفه أكثر من ستة أشهر إلا بقرار من المحكمة المختصة، مع حظر تعرّضه للإيذاء الجسدي أو التعذيب أو المعاملة المهينة للكرامة، بحسب البيان.

متى أُطلِق سراحهم؟

أُطلِق سراح "مُحتجزي الريتز" تِباعًا منذ نهاية عام 2017، بعد التوصل إلى تسويات مالية مع السلطات، بما في ذلك الأمير متعب بن عبدالله، ووزير المالية السابق إبراهيم العسّاف، ورئيس مجلس الإدارة السابق لشركة الاتصالات السعودي سعود الدويش.

ووفقًا للإجراءات النظامية بالمملكة، تُطلق النيابة العامة السعودية سراح المُتهمين بمجرد "انتهاء التحقيق بعدم كِفاية الأدلة وعدم وجود ما يدعو للسير في الدعوى الموجّهة بحقهم".

وفي 9 نوفمبر الماضي، أعلنت النيابة العامة السعودية الإفراج عن 7 من أصل 208 أشخاص متهمين بالفساد، دون الكشف عن أية تفاصيل شخصية تتعلق بالأمراء والمسؤولين المحتجزين وقتذاك، لضمان حصولهم على حقوقهم القانونية الكاملة التي يكفلها لهم نظام المملكة.

وتوصّلت السلطات السعودية إلى تسويات مع (87) متهمًا بقضايا الفساد، فيما أُحيل (8) أشخاص رفضوا التسوية رغم ثبوت تُهم الفساد بحقهم للنيابة العامة، إلى جانب (56) آخرين رفضت السلطات التسوية معهم لوجود قضايا جنائية أخرى بحقهم، بحسب بيان النائب العام السعودي.

ما قيمة التسويات؟

لم تكشف النيابة العامة السعودية، في أحدث بياناتها، عن قيمة التسويات المالية التي توصّلت إليها مع كل محتجزٍ على حِدة، واكتفت بإعلانها استعادة أكثر من 400 مليار ريال، نتج عنها استرجاع أموال للخزينة العامة للدولة متمثلة في عدة أصول من (عقارات وشركات وأوراق مالية ونقد).

وبحسب تقديرات الخارجية السعودية، فإن الأموال التي استعادتها المملكة من مُحتجزي الريتز تُعادل 10 أضعاف عجز الميزانية العام الماضي، وقيمة بيع مليار و800 مليون برميل من النفط، أي ما يوازي إيراداتها من تصدير النفط لعام كامل، وما يُقارب 12 ضعفًا للأرباح السنوية الصافية للشركات المحلية.

فيديو قد يعجبك: