إعلان

"عار ونكتة".. كيف استقبل إثيوبيون خبر انتحار مدير مشروع سد النهضة؟

09:33 م الجمعة 07 سبتمبر 2018

كتب – محمد الصباغ:
أعلنت السطات الإثيوبية، صباح اليوم الجمعة، في مؤتمر صحفي تفاصيل واقعة موت مدير مشروع سد النهضة سمنجو بقلي، وأشارت إلى أنه مات منتحرًا بعدما أطلق النار على نفسه داخل سيارته في يوليو الماضي.

وقال مدير الشرطة الفيدرالية المفوض في إثيوبيا، زينو جمال، إن المسدس الذي وجد في سيارة بقلي مملوك له، والرصاصة التي أصيب بها بالقرب من أذنه انطلقت من نفس المسدس.

وأشار إلى أن المهندس قام بنقل رسالة الوداع إلى ابنه الأكبر، قبل يوم من انتحاره، مضيفًا أن الشرطة ستواصل تحرياتها حول أسباب الانتحار.

وتم العثور على مدير مشروع السدالإثيوبي، في 26 يوليو الماضي، مقتولا داخل سيارته في ميدان مسكل وسط العاصمة أديس أبابا.

الرجل الذي طالما اعتبر أن مشروع سد النهضة "طفل الإثيوبيين" الذين دفعوا من أموالهم من أجله، تسبب موته في غضب كبير ونظريات كثيرة داخل الأوساط الإثيوبية.

وشهدت جنازته في يوليو الماضي اشتباكات كبيرة بين قوات الأمن ومتظاهرين تسببت في إطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع، وسط حضور عشرات الآلاف لحضور جنازة رجل اعتبره الإثيوبيون بطلا قومياً.

"غضب وتكذيب"

ومع نشر تفاصيل حادثة الموت في مؤتمر صحفي اليوم الجمعة عبر الصفحة الرسمية لهيئة الإذاعة الإثيوبية على صفحتها الرسمية بموقع فيسبوك، هاجم المعلقون التفسير الذي أطلقته الشرطة بأنه انتحر.

وكتب المعلقون على خبر إعلان الشرطة للتفاصيل أكثر من 5 آلاف تعليقًا خلال الساعات الأخيرة منذ الصباح.

أغلب التعليقات جاءت باللغة الأمهرية الرسمية في إثيوبيا، واتجهت نحو اعتبار التفسير "كذب" وطالبوا بكشف الحقيقة.

أحد التعليقات التي لاقت تفاعلا كبيرة من المتابعين كان أحد الأشخاص كتب أن "كل ذلك كذب. من الأفضل أن تصمتوا"، فيما رد أحد المعلقين عليه بالقول "لا يمكن السماح بتلك الإهانة".

وطالب آخر يحمل اسم "تصفاي كيروسي" بتحقيق العدالة في الواقعة، وكتب "العدالة لأخينا... أعتقد أنه (سمنجو بقلي) بكشف الحقيقة سيكون بطلًا".

كما كتب شخص يدعى أبيوت كسانيش، أن ما جاء على لسان المتحدث باسم الشرطة هو "نكتة... وهذا أمر مؤلم جدًا".

وهاجم ماليكو جيريميوي، الشرطة الإثيوبية وكتب: "هذا بعيد جدا عن الحقيقة... أخينا (بقلي) لم ينتحر".

تولى بقلي إدارة مشروع سد النهضة منذ الإعلان عن بدء العمل فيه عام 2011، حتى لحظة وفاته في يوليو.

وعلق سلشي بقل، وزير المياه والكهرباء الإثيوبي بعد وفاة سمنجو يقلي قائلا: "سنواصل عمله حتى ننتهي منه والمشروع لا يتوقف بسبب موته".

وكانت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية كشفت في الأيام التي تلت وفاة المهندس الإثيوبي، أنه كان في العاصمة أديس أبابا يوم وفاته من أجل إقامة مؤتمر صحفي وسط قلق المواطنين حول التأجيل المتكرر للمشروع، ووسط أيضًا مخاوف من الفساد وسوء الإدارة.

ولفتت نيويورك تايمز إلى أن مقتله جاء قبل ساعات من المؤتمر المقرر أن يتحدث فيه أمام العامة حول الأمر.

"اختلاس مالي"

واتهم مسئول إثيوبي بارز شركة "ميتيك" المسئولة السابقة عن الأعمال في سد النهضة بسرقة 8 مليارات بير إثيوبي (العملة المحلية)، وذلك بعد أسابيع من قرار رئيس الوزراء آبي أحمد بإزاحة الشركة من المشروع.

وكان آبي أحمد أزاح خلال الشهر الماضي شركة المعادن والهندسة (ميتيك) التابعة للجيش الإثيوبي من مشروع سد النهضة بسبب عدة تأخيرات في استكمال المشروع.

وأعلن أحمد في أغسطس الماضي عن مشكلات تواجه تصميم سد النهضة، وصرح بأن الطريقة التي يتم العمل بها في المشروع ربما تجعله لا يرى النور.

وأضاف أنه زار مشروع سد النهضة آنذاك ورصد تأخرا في تنفيذ الجوانب الكهروميكانيكية من جانب هيئة المعادن والهندسة المتعاقد معها.

وأشار شركة ساليني الإيطالية تقوم بإتمام الجزء الخاص بها من المشروع في الوقت المحدد، وهي الآن تطالب بمبالغ ضخمة بسبب التأخير من جانب هيئة المعادن والهندسة.

وتابع رئيس الوزراء الإثيوبي، بحسب الموقع: "لقد سلمنا سدا مائيا معقدا لشعب لم ير سدا في حياته، وإذا سرنا على المنوال الحالي، قد لا يرى المشروع النور في أي يوم".

وبحسب موقع "إيزيجا" الإثيوبي الصادر باللغة الإنجليزية، فإن رئيس شركة الكهرباء والطاقة في إثيوبيا، أبراهام بيلاي، صرح أن شركة "ميتيك" تلقت ما يزيد عن 16 مليار بير إثيوبي، وليس 8 مليار فقط من المفترض تلقيها في وقت أتمت فيه أقل من 30% من مشروع سد النهضة.

ومن الجدير بالذكر أن الدولار الأمريكي يعادل 27.5 من العملة المحلية في إثيوبيا.

والأموال التي تلقتها "ميتيك" في مقابل أعمال إلكتروميكانيكية، مثل تصنيع وتركيب التوربينات وهياكل الصلب المائي، والمحولات ووحدات الرصد وغيرها.

ولفت المسئول الإثيوبي إلى أن المبلغ الذي حصلت عليه "ميتيك" كان من المفترض أن يكون قد أنجز بواسطته 65% من الأعمال الإلكترو-ميكانيكية في المشروع، ما يعني أن هناك 8 مليار لم يظهر مقابل لهم في المشروع.

وأضاف الموقع، اليوم الجمعة، أن عملية الاختلاس ظهرت جلية حينما طالبت شركة "ساليني إمبريجيلو" الإيطالية المقاول الرئيسي في مشروع السد، بتعويضات عن التكلفة التي تكبدتها نظير التأخير في الأعمال الميكانيكية والكهربائية المكلفة بها شركة ميتيك.

وطلبت الشركة 338 مليون يورو، بالإضافة إلى 119 مليون دولار مقابل خسائرها.

وتخشى مصر أن يؤدي بناء السد وما يتبعه من خطوة تخزين للمياه لتدمير مساحات من الأراضي الزراعية لديها، فضلًا عن نقص مياه الشرب.

في المقابل، تقول إثيوبيا إن السد ضرورة لتطوير البلاد، وتؤكد أن له منافع لجميع الدول بما فيها دولتا المصبّ، مصر والسودان.

وكان وزير الخارجية المصري سامح شكري، ورئيس المخابرات العامة المصرية اللواء عباس كامل، التقيا رئيس الوزراء الإثيوبي في نهاية أغسطس الماضي، رسالة شفهية من الرئيس عبدالفتاح السيسي.

وقال السفير أحمد أبوزيد، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، إن تلك الزيارة هدفت إلى متابعة مسار العلاقات المصرية الإثيوبية وسبل دعمها، والتطورات الخاصة بمفاوضات سد النهضة، في إطار الجهود المبذولة لتنفيذ اتفاق إعلان المبادئ لعام 2015، ومخرجات الاجتماع التساعي الأخير الذي عقد بأديس أبابا في مايو 2018.

فيديو قد يعجبك: