إعلان

القنابل السائلة.. كيف أحبطت 3 أجهزة مخابرات دولية تكرار كارثة 11 سبتمبر؟

07:54 م السبت 24 نوفمبر 2018

عبدالله علي

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب - محمد عطايا:

أصبح السفر جوًا كابوسًا في الولايات المتحدة، خاصة بعد العام 2006، الذي فُرضت خلاله تدابير أمنية شاملة اتبعتها إدارة أمن النقل (TSA)، من بين إجراءاتها أن على المسافرين خلع الأحذية للتفتيش، وألا يسمح لهم إلا بكميات ضئيلة جدًا من السوائل والمياه.

صحيفة "ديلي بيست" الأمريكية، في تقرير لها اليوم السبت، قالت إن تلك التشديدات الأمنية في المطارات والمستمرة إلى الآن تعود إلى مهمة إرهابية معقدة عُرفت باسم "القنابل السائلة"، كان يُعد لأحداثها عبر المحيط الأطلسي خلال العام 2006، قبل أن تكشفها استخبارات دول بريطانيا وأمريكا وباكستان.

وأشارت الصحيفة إلى فيلمًا وثائقيًا تبثه حاليًا شبكة "نيتفلكس"، يستعرض دور مراكز "مكافحة الإرهاب"، التي تمكنت من إفشال أكبر عدد من الهجمات الإرهابية، فيما بقيت بعيدة عن دائرة الضوء والإعلام.

وفي استعراض للحلقة الخامسة من هذه السلسلة الوثائقية، ذكرت "ديلي بيست" أنها تكشف تفاصيل مؤامرة "القنبلة السائلة" عبر المحيط الأطلسي، بعدما خطط عشرات الإرهابيين لتهريب زجاجات بلاستيكية مليئة بالمتفجرات السائلة، وأجهزة أخرى ستستخدم ضمن مخططهم داخل سبع طائرات تجارية، تغادر مطار هيثرو في لندن في اتجاهها إلى أمريكا الشمالية. مشيرة إلى أنه وفقًا للمخطط الإرهابي فإن الانفجارات كان معدًا لها أن تقع في لحظة إقلاع الطائرات السبع، في عملية أشبه ما يكون بحادثة 11 سبتمبر 2001.

وقال مارك كيلتون رئيس العمليات الأوروبية السابق في وكالة الاستخبارات المركزية، لـ"ديلي بيست"، إن الخلية الإرهابية وجنسيتها بريطانية كانت تستهدف ما لا يقل عن 1500 شخص على متن رحلات الطيران السبع، ما كان سيمثل خسارة في الأرواح أكبر من مثيلتها في أحداث 11 سبتمبر، مشيرًا إلى أنه إذا كانت القنابل قد انفجرت فوق منطقة مأهولة بالسكان، لكانت الإصابات سترتفع بشكل كبير.

وكان كيلتون، 34 عامًا، المخضرم في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، واحدًا من الشخصيات المركزية التي ساعدت في إحباط هذه المؤامرة.

وأوضحت الصحيفة الأمريكية أن تفاصيل واقعة "القنابل السائلة"، تبدأ أحداثها في باكستان في فبراير 2006، حينما اعترضت المخابرات البريطانية اتصالاً هاتفيًا بين "جهاديي" القاعدة في باكستان، بقيادة زعيم العمليات راشد رؤوف، أحد كبار مهندسي هجمات 7/7، ومواطن بريطاني باسم عبد الله أحمد علي، وكان الاتصال يدور حول تدريب بعض الإرهابيين المتورطين في 7/7.

وقاد هذا الاتصال السلطات البريطانية إلى الكشف عن خلية إرهابية تضم 18 مفجرًا انتحاريًا في المملكة المتحدة.

وأضافت "ديلي بيست"، أن عملية "Overt"، كما سميت بعد ذلك، كانت أكبر عملية مراقبة من نوعها في المملكة المتحدة، شارك فيها ما يقرب من 1000 ضابط من مختلف وكالات الاستخبارات، كُرسوا لمراقبة الإرهابي "عبدالله علي" وعصابته ومخططهم.

التخطيط للعملية

خطط الإرهابي "عبدالله علي" وطاقمه لاستخدام المحاقن لاستخراج مكونات القنبلة من زجاجات الصودا البلاستيكية، وإدخال مزيج من "بيروكسيد الهيدروجين" الممزوج مع "تانج" في داخلها. وأكد كيلتون: "أن القاعدة كانت تحاول تصنيع المتفجرات من مواد متاحة بسهولة، لا تسترعي انتباه قوات الأمن، ومن هنا تأتي خطورة العملية والأهمية القصوى لدور قوات أمن والتعاون الدولي".

وأكدت "ديلي بيست"، أنه إلى جانب عبوات الصودا البلاستيكية المملوءة ببيروكسيد الهيدروجين، قام الإرهابيون أيضًا بإدخال مركب المتفجرات "HMTD" في بطاريات توشيبا AA المطوّلة، وخططوا لاستخدام فلاش الكاميرا مرة واحدة لتفجير القنبلة، مشيرةً إلى أنه ابتكار جديد للغاية.

ولفتت الصحيفة إلى أنه كان من المفترض أن يتم تهريب المواد بشكل منفصل وتجميعها على متن الطائرة، مؤكدةً أن "عبدالله علي" أخذ زوجته وأطفاله في مهمة الانتحار معه. وأجرى وشركاؤه مسيرة وهمية -قبل بضعة أسابيع من مهمتهم الانتحارية- لاختبار أمن المطار في هيثرو.

نقطة الضعف.. وإحباط العملية

وفي 6 أغسطس 2006، شوهد "عبدالله علي" في مقهى إنترنت شرقي لندن، يبحث في أنماط الطيران عبر المحيط الأطلسي من مطار هيثرو إلى أمريكا الشمالية. وبحسب "ديلي بيست" الأمريكية، أبلغت وكالة الاستخبارات الباكستانية نظيرتها الأمريكية بأن زعيم العملية القيادي بـ"القاعدة" راشد رؤوف، سيسافر على طول طريق محدد في باكستان، ومن هناك يمكنهم اعتقاله.

هنا، يوضح كليتون أن هذا أشار إلى واحدة من نقاط الضعف في تنظيم القاعدة، الذي يتواصل أفراده من خلال نقاط دولية بعيدة للغاية، ما يسهل اعتراضها وتعقبها. ويضيف رجل المخابرات الأمريكية أن وكالة الاستخبارات المركزية لم تكن ترغب في تكرار خطأها بأحداث 11 سبتمبر، لذا أدركت حجم المخاطرة بفرصة ترك "رؤوف" يفلت من الاعتقال.

وبعد إلقاء القبض على "رؤوف"، داهمت السلطات البريطانية في 9 أغسطس 2006 شقة "عبدالله علي" التي تتكون من طابقين في شرق لندن، ووجدت ما يكفي من المواد لإنتاج 20 قنبلة على الأقل، بالإضافة إلى بطاقة ذاكرة تحتوي على تفاصيل سبع رحلات عبر المحيط الأطلسي على الخطوط الجوية المتحدة، والخطوط الجوية الكندية والأمريكية.

وألقت الاستخبارات البريطانية بعد ذلك القبض على مجموعة مكونة من 24 مشتبهًا به في لندن وحولها، وفرضت إدارة أمن وسائل النقل حظرًا على جميع السوائل التي تدخل الطائرات.

هروب قائد العملية

أشارت "ديلي بيست" أيضًا إلى أن قائد العملية "راشد رؤوف"، تمكن من الهرب من أحد السجون الباكستانية، بعد أيام من إلقاء القبض عليه، وهو ما يراه كيلتون "يثير عددًا من الأسئلة حول كيف يمكن أن يحدث ذلك". وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن هذا الهروب صعب مهمة التحقيق وإدانة الرجال التسعة الذين ألقت السلطات البريطانية القبض عليهم على خلفية هذه العملية، وإن كانوا اتهموا في نهاية الأمر بالتآمر لارتكاب جريمة قتل.

ولفتت "ديلي بيست" إلى أن "رؤوف" قُتل بعد ذلك بعامين، في عملية نفذتها طائرة بدون طيار في باكستان. وأن هذه القضية أخذت قرابة أربع سنوات في المحاكم البريطانية قبل إدانة سبعة من الرجال التسعة، بمن فيهم "عبد الله علي". ​

181116-stern-cia-tease_e05nly

فيديو قد يعجبك: