إعلان

الرئيس معذور ... وأنا كمان 2/3

إبراهيم علي

الرئيس معذور ... وأنا كمان 2/3

إبراهيم علي
07:00 م الأحد 28 سبتمبر 2025

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

تابعنا على

يقول الله سبحانه وتعالى في الآية رقم 30 من سورة { يوسف} ﴿ ۞ وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ ۖ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا ۖ إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ﴾

ثم تأتى الآية التالية لها رقم 31 ، لتتعرض لِرَدَة فعل امرأة العزيز، حيث يقول الله سبحانه وتعالى : ﴿ فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ ۖ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَٰذَا بَشَرًا إِنْ هَٰذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ ﴾

الآيتان الكريمتان تتعرضان لمشهد تدور أحداثه خلف أبواب مُغلقة، تُحيطه السريَّة والخصوصية والحذر، أطرافه إثنين فقط – سيدنا يوسف عليه السلام وامرأة العزيز- يقع بكامل تفاصيله في حجرة من أربعة جُدران، داخل قصر عزيز مصر، رئيس وزرائها، لا توجد كاميرات مراقبة، ولا أجهزة تنصت، وأيضاً لا توجد وسائل تواصل اجتماعي، ولا يوجد أي شيء .

ومع ذلك ورغم أن العزيز، هو من هو، هو من يخشاه الناس، هو من يتحاشاه الكبير والصغير، القريب والبعيد، إلا أن ذلك لم يعصمه وامرأته من التلصص والتنصت، وتسريب الأخبار، وإفشاء وإذاعة الأنباء للعامة، حتى أن نسوة في المدينة شرعن بالتندر ونسج القصص ورواية الحكايات عما يحدث داخل القصر .

والغريب هنا ما تعرضت له الآية رقم 31، حيث كشفت عن أنه كما لعوام الناس أذانٌ يتلصصون بها وأعين يرون بها، كل ما يدور داخل قصر الحكم، فإن امرأة العزيز أيضاً وهي داخل القصر لها آذانٌ وأعُين، تسمع بها وترى كل ما يحدث خارج أسوار القصر، لدرجة أنها سمعت بمكرهن وأحاطت علماً بما يقولون ...

الشاهد في الأمر، أنه كما أن هناك من ينقل الأخبار من داخل القصر إلى الشارع، فهناك من يجمع الأخبار من الشارع وينقلها إلى داخل القصر... هكذا تدور حياة البشر وستستمر !!!

الناس بطبيعة الحال يوجهون بوصلتهم نحو الحاكم، ديوانه وقصره، كل ما يدور فيه، مَحَّط اهتمامهم وبؤرة تركيزهم، يريدون أن يعلموا ما يدور، ولماذا يدور، ومتى حدث، وأين، ولماذا، وإن لم ينجحوا في الحصول على ما يكفيهم من معلومات واقعية، سيطلقون العنان لخيالهم – وما أخصبه – ويضيفون ويحذفون، وفقاً لأهوائهم، وطبقا لمسار أعجبهم يتفق وقناعاتهم، حددوه مسبقاً لروايتهم، يطوعون الأنباء لتخدم هواهم، مُختتمين روايتهم بأنه "مفيش دُخان من غير نار"

كثيراً ما تحفظ الرئيس عبد الفتاح السيسي، على انتشار الشائعات في المجتمع المصري، مُحذراً من الانسياق ورائها، وخطورة تداعياتها على التماسك واللُحمَة المُجتمعية، وكثيراً ما ضجت الحكومة من الشكوى جراء انتشار الشائعات، وأقامت لذلك مركزاً بمجلس الوزراء لمكافحة الشائعات يَصدُر عنه نشرة يومية، تتعرض للشائعة، وترد عليها وتُفندها.

الرئيس وحكومته معذورون، كما أنني أنا أيضاً وكثيرٍ غيرى معذورون، فنحن نُريد – وهذا حقنا – أن نعرف كل ما يدور حولنا، نُقدر أن هناك معلومات تخص الأمن القومي ويجب أن تُحاط بالسرية، لكننا من حقنا أن نعلم، كل ما هو دون ذلك .

إن فشل الحكومة في توفير المعلومات، أو التأخر في توفيرها، أو التضييق علينا في الحصول عليها، يفتح الباب للقيل والقال، وتأخذ على الفور الشائعة مكان المعلومة.

إذا كان الرئيس معذور ...فأنا كمان معذور.

إعلان

إعلان