إعلان

عن الـ"Bug" وما فعله بنا

أمينة خيري

عن الـ"Bug" وما فعله بنا

أمينة خيري
09:00 م الإثنين 28 يناير 2019

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

أخبرني سائق التاكسي الأنيق الرجل الستيني عن عطلاته الصيفية التي يمضيها في البرتغال. قال إنه كان يذهب إلى قبرص كل عام على مدى عقدين من الزمان، ثم قرر قبل خمس سنوات أن ينقل وجهته إلى البرتغال؛ فالطعام أطيب مذاقًا، والبرتغاليون ألطف معاملة.

وفجأة أضاف أنه فكر أكثر من مرة في أن يأتي إلى شرم الشيخ أو الغردقة على سبيل التجربة، لكنه في كل مرة يعدل عن ذلك خوفًا من الـbug التي تصيب كثيرين.

وبالطبع حاولت بوازع وطني ودافع اقتصادي أن أدفع بدفة الحديث يمينًا تارة، حيث الموضوع ليس موضوع bug لا سمح الله، لكنها مجرد صدفة ضمن الصدف الكثيرة، ويسارًا تارة أخرى حيث الـbug يحدث في جميع دول العالم. لكنني في قرارة نفسي لم أكن متوائمة مع ما أقول، أو متصالحة مع ما أدعي. فمسألة الـbug هذه عريقة عراقة التاريخ وقديمة قدم السياحة.

ومنذ كنت طفلة صغيرة، وبحكم علاقات صداقة كثيرة جمعت والدي وأشخاصًا من جنسيات مختلفة، كنت دائمًا أسمع عن الـbug الذي أوقع هذا ضحية لنزلة معوية عاتية، أو أجهد ذاك إجهادًا أفسد رحلته من أولها إلى آخرها.

واستمرت هذه المتلازمة بين السياح والسياحة القادمة إلى مصر من جهة والـbug وضحاياه في مصر أيضًا.

أحيانًا يقال إن الـbug موطنه مياه الشرب. بل ادعى البعض أن حتى مياه الشرب المعلبة تحتوي على الـbug في عبواتها.

وأحيانًا أخرى يقال إنه الخضروات الطازجة، إما لأنها لا تغسل جيدًا فتبقي على الـbug حرًا طليقًا يرتع فيها ومنها إلى المعدات، أو لأنها تغسل جيدًا بالماء الذي يحتوي على الـbug حيًا يرزق في كل دورة حياته ويسعى وراء رزقه في أمعاء الآكلين القادمين من بلاد بعيدة.

القادمون من بلاد بعيدة إلى مصر لا يعبرون عن قلق بالغ جراء أوضاع أمنية، أو أعمال إرهابية، بل يمكن القول إنه طالما بلدانهم لا تضع تحذيرًا صريحًا بعدم التوجه إلى المكان الفلاني، فهم يذهبون إليه بكل ثقة وتسليم بالأقدار. لكن في المقابل، لا يخلو دليل سياحي، أو حديث استفساري يسبق السفر إلى مصر من حديث الـbug.

الأصدقاء يتبادلون النصائح، فمن زار مصر ينصح القادمين الجدد، ويقترح عليهم إما إجراءات وقائية أو أخرى علاجية. ومن لم يزرها من قبل يبحث وينقب على متن الشبكة العنكبوتية باحثًا عما يكتبه سكان الشبكة العنكبوتية عن الـbug في مصر.

وفي مصر، نتعامل مع المسألة باعتبارها مدعاة للدعابة حينًا، حيث معدات المصريين تهضم الظلط، وتتجاوب مع الـbug تجاوبًا مذهلاً يحير العالم شرقه وغربه، أو تتجاهله تجاهلاً تامًا كاملاً لا ريب فيه، حيث لاbug ولا يحزنون.

وفي كل الحالات يبقى الـ bug حائلاً يقف بيننا وبين الترويج لبلدنا في الخارج.

فأمثالي تبدو عليهم آثار الكذب، وتتبدى على وجوههم ملامح التوتر الناجمة عن عدم اقتناع بما أقول حين أطمئن القلقين من الـ bugأو أنكر وجوده، ربما لأنني لا أعلم ماهية المذكور تحديدًا، وربما لأنني أعلم أن كثيرين يعانون معاناة مرضية تتعلق بالجهاز الهضمي لدى زيارتهم لمصر، بمن فيهم أصدقاء مصريون مقيمون في الخارج، ربما اعتادت أجهزتهم الهضمية على غياب الـbug لفترات طويلة.

أجد لدي القدرة على المواجهة بأننا نعاني فوضى مرورية عارمة، لكنها أقل حدة في مدن شاطئية سياحية مثل الغردقة وشرم الشيخ.

وأجد لدى الشجاعة على المواءمة بين كوننا شعبًا عريقًا في التعامل مع السياح لكن نعاني في السنوات الأخيرة أمراضًا سلوكية أثرت سلبًا، لكنها قابلة للعلاج.

أما الـbug، فقد حاولت مرارًا وتكرارًا دون جدوى. وربما يكون من الأسهل التيقن من وجود الـbug، وتحديد هويته، والاعتراف بنشاطه، ومن ثم العمل على مواجهته أو مساءلته أو حتى مداهنته.

ملحوظة: الـbug كلمة مطاطة، فهي قد تعني "عيبًا" أو "حشرة" أو "فيروس إنفلونزا"، لكن جرى العرف على إلصاق تهمة إصابة الأجانب في مصر بمشكلات هضمية به.

إعلان