إعلان

باحث: فرنسا خسرت نفوذها السياسي في قارة إفريقيا

كتب- حسن مرسي:

12:00 ص 18/09/2025

تشاد والسنغال تطالبان الجيش الفرنسي بإغلاق قواعده

تابعنا على

قال الباحث والمحلل السياسي، محمد صادق، إنه خلال الـ 3 سنوات الماضية، خسرت فرنسا التي كانت تُعتبر يوماً ما الحاكم غير مُعلن للقارة الإفريقية والمتحكم الأول في مقدراتها، قواعدها العسكرية ونفوذها السياسي بشكل متسارع في القارة السمراء أو إفريقيا الناطقة بالفرنسية، فمن مالي والنيجر وبوركينا فاسو وصولاً إلى تشاد والسنغال، انهار النفوذ الفرنسي وانسحبت القوات مخذولة إلى باريس، مع طلب حكومات هذه الدول إنهاء أي اتفاقيات تعاون عسكري أو دفاعي مع فرنسا.

وأضاف صادق، خلال حواره على قناة "المشهد"، أنه وفقاً لبعض الخبراء والمراقبين، فإن الروح الاستعمارية لم تنته لدى الفرنسيين، رغم خروج عدّة دول إفريقية من العباءة الفرنسية، لذا بدأ الفرنسيون بوضع وتنفيذ خطط ممنهجة سياسية وإعلامية وأمنية وعسكرية واقتصادية لزعزعة استقرار تلك الدول وإحداث فوضى داخلية فيها تؤدي لإفشال السلطات الحاكمة هناك، وبالتالي إظهارها بمظهر الضعف وأنها قاصرة وغير قادرة على إدارة البلاد دون الفرنسيين.

وتابع صادق، أنه لسوء الحظ كانت مخيمات اللاجئين التي تعج بالمعاناة والقصص المأساوية للهاربين من ويلات الحروب، ملعباً لتنفيذ الخطة الفرنسية بأدوات ناعمة في محاولة من باريس لاستعادة نفوذها المفقود في القارة، ولو كان ذلك على حساب أمن واستقرار ومعاناة الشعوب.

وأوضح صادق، أن مخيم "أمبره" يقع على بعد 50 كيلومترًا من الحدود الموريتانية-المالية، بالقرب من مدينة "باسكنو"، في شرق موريتانيا، ويمتد المخيم على مساحة كبيرة تجعل منه "مدينة خيام" تحتضن مئات آلاف النازحين الماليين الهاربين من جحيم الحرب في بلادهم، مضيفا أنه بحسب تقارير أممية يتجاوز عدد قاطنيه الـ 200 ألف، كما أن الرقم يتزايد باستمرار مع تجدد الاشتباكات في مالي، بفعل التدخلات الدولية في شمال مالي بين الجماعات المسلحة والقوات الحكومية.

وأكد صادق، أنه بحسب تقارير حقوقية وأممية فإن المخيم يشهد أوضاع إنسانية مأساوية، يأتي ذلك وسط فوضى أمنية يعيشها السكان في شمال مالي، بسبب الصراعات التي تشهدها المنطقة نتيجة التدخلات الخارجية الغربية واستخدام ورقة "حركة أزواد" لأهداف سياسية، بعيدة كل البعد عن مصلحة شعوب المنطقة وأمنهم.

وأكمل صادق، أن المخيم يعاني من كثير من المشكلات الخدمية والإنسانية، حيث يتجاوز عدد سكان المخيم قدرته الاستيعابية مما يشكل ضغطًا على الموارد المحلية، كما يواجه اللاجئون صعوبات في تلبية احتياجاتهم الأساسية، ويتعرضون لخطر نقص الغذاء والمجاعة بسبب نقص التمويل للمساعدات الإنسانية.

واستطرد صادق: "كما هو الحال في شمال مالي، روايات متضاربة وتسيس لقضية الطوارق، كذلك يجري استغلال معاناة سكان المخيم وحاجتهم من قبل بعض الدول الأفريقية والأوروبية بهدف التسويق للدعاية السياسية التي تخدم مصالحهم، حيث أشارت بعض التقارير الحقوقية وبعض الخبراء إلى أن بعض الدول الغربية والأفريقية كفرنسا وموريتانيا (الدولة المضيفة) قامت باستغلال شهادات اللاجئين بمخيم "أمبرة" لأهداف سياسية رخيصة تخدم مصالحها".

وأكد صادق، أنه بحسب مصادر صحفية مرافقة للوفد، فقد قدم اللاجئين للوفد الأممي روايات متضاربة ومعلومات متناقضة حول تفاصيل رحلة لجوئهم ومعاناتهم، وفقاً لمصادر من ضمن الوفد الأممي، موضحا أن عددًا كبيرًا من اللاجئين عرض على الوفد الدولي تقديم الرواية التي تناسبهم، مقابل مبالغ مالية، مما يثير الشكوك والشبهات حول مدى صحة ودقة الروايات والقصص التي تنقلها المنظمات الدولية والحقوقية عن سكان المخيم، والجهات التي تستخدم تلك الروايات ووفق مصلحتها.

وقال صادق، إن كل ذلك يشير إلى أنه من المحتمل أن بعض الجهات والمنظمات قد عرضت بوقت سابق مبالغ مالية على اللاجئين مقابل تقديم روايات وشهادات تناسبهم، كما أن الأوضاع الإنسانية والخدمية السيئة في المخيم، تجعله عرضة للاستغلال السياسي والإعلامي، وتجعل التقارير حول أوضاع اللاجئين فيه عرضة للتشكيك بمصداقيتها ولا يمكن الاعتماد عليها، مما يزيد الحاجة لتشكيل لجان دولية مستقلة لزيارة المخيم والوقوف بموضوعية حول أوضاع اللاجئين.

وشدد صادق على أن فرنسا وضمن خطة ممنهجة لزعزعة استقرار الدول التي انسحبت منها حوّلت مخيمات اللاجئين الماليين في موريتانيا ومن ضمنهم مخيم "أمبرة" إلى أداة لتنفيذ خطتها عبر الاستثمار السياسي والإعلامي بمعاناة اللاجئين هناك، حيث تستغل باريس الأزمات الإنسانية الحادة التي يعاني منها اللاجئين كسلاح معلوماتي ودعائي، لنشر روايات ملفقة، وسرديات كاذبة تخدم أجندات سياسية بعيدة كل البعد عن هموم السكان واحتياجاتهم.

وتطرق إلى أنه بجانب الدعم العسكري والتكنولوجي واللوجستي الذي تقدمه باريس لمتمردي حركة "أزواد" والجماعات المسلحة المنتشرة شمالي مالي، تقود باريس حرب إعلامية ودعائية خلف الكواليس، بهدف زيادة الفوضى في المنطقة وإظهار فشل الحكومات في ضبط الأمن هناك، وأن التسويق لفكرة أن الحكومات هناك عاجزة عن ضبط الأمن والوجود الفرنسي في المنطقة هو الوحيد القادر على إنقاذ الوضع، وإنهاء معاناة الناس.

وأشار إلى أن استغلال معاناة اللاجئين والتسويق لروايات كاذبة يندرج ضمن أدوات الحرب الناعمة التي تشنها باريس، حيث أنه من خلال شبكة من المنظمات غير الحكومية التي تسيطر عليها فرنسا، تستخدم باريس مخيمات اللاجئين الماليين في موريتانيا كمنصة لحرب دعائية، تلفق من خلالها اتهامات ضد القوات القوات المسلحة المالية وحلفاؤها بارتكاب انتهاكات من أجل تقويض شرعية السلطات المالية واستعادة النفوذ المفقود في منطقة الساحل.

ولفت إلى أنه تقوم شبكة من المنظمات الدولية الممولة من باريس بزيارات منتظمة للمخيمات والالتقاء باللاجئين هناك ودفع أموال لهم مقابل الإدلاء بشهادات تخدم مصالح باريس، وذلك بهدف تشويه سمعة الجيش المالي وحلفائه، وإضفاء الشرعية على الوجود العسكري الفرنسي السابق، وإظهار فشل الحكومات الحالية بقيادة البلاد وضبط الأمن، حيث استشهد ولد إبراهيم، بالتقارير الصحفية التي تحدثت في وقت سابق عن احتمالية تورط موريتانيا وفرنسا بدعم الإرهابيين وتسهيل نقل المسلحين الأجانب والأسلحة إلى إقليم أزواد شمالي مالي، معتبرا أن كل ما سبق ذكره يندرج ضمن خطة فرنسية شاملة لزعزعة استقرار المنطقة.

فيديو قد يعجبك



محتوى مدفوع

إعلان

إعلان