إعلان

الشاعر حسن طرابية: جائزة أحمد فؤاد نجم فتحت لي الطريق- حوار

04:32 م الإثنين 31 ديسمبر 2018

حوار- محمد عاطف:

شاعر عامية صاعد بدرجة مهندس، صعد اسمه مؤخرًا كأحد المبدعين المصريين الشبان الذي يحذون حذو أحمد فؤاد نجم وفؤاد حداد وصلاح جاهين وسيد حجاب وعبدالرحمن الأبنودي وغيرهم العشرات.

حسن فريد طرابية، حاز مؤخرا على جائزة أحمد فؤاد نجم، عن ديوانه الأول "آخر فرسان الموهيكانز"، وقد لقيت القصيدة التي ألقاها في حفل الختام ترحيب الجمهور.

خلال هذا الحوار نقترب من الشاعر الشاب لنتعرف على سيرته الذاتية وأفكاره وآرائه في الكثير من القضايا الأدبية المثارة على الساحة الثقافية، وإلى نص الحوار..

من هو حسن فريد طرابية؟

أنا مهندس حديث التخرج حاصل على بكالوريوس هندسة القوى الميكانيكية من جامعة بورسعيد، عضو نادي أدب قصر ثقافة دمياط، مؤسس نادي أدب كلية الهندسة جامعة بورسعيد، عضو منتسب لنادي أدب بورفؤاد وصالون أمواج الثقافي ببورسعيد، حصلت على العديد من الجوائز منها جائزة إبداع 4 لوزارة الشباب والرياضة، شاركت في العديد من الأمسيات والندوات الشعرية، نشرت لي العديد من القصائد والمقالات في الجرائد والمجلات العربية الورقية والإلكترونية.

كيف كانت بداياتك الشعرية؟

البداية كانت في الثانوية العامة عندما كتبت ما يشبه القصيدة وذهبت بها لأستاذ اللغة العربية وأبدى إعجابه بموضوع تعبير كنت كتبته وجعلني أقرأه على فصلي، وقد عرضتها عليه ووجدته قال سأقرأها واحضرها لك غدا، وفي اليوم التالي جاءني ومعه ديوان شعر لفاروق جويدة وطلب مني اقراه واكتب ثانية، بالفعل كتبت نصا بالفصحى يشبه أشعار جويدة، وانتهيت من الكتاب وأعدته له، بعدها أعطاني ديوانا لنزار قباني وبعدها رواية انت حرة لإحسان عبد القدوس وبعدها كتاب لنيتشة وبعدها ديكارت وهكذا إلى أن كتبت قصيدة فصحى موزونة في نهاية العام، فقال لي عندما قرأها: اليوم ظهرت بذرة الشاعر ولابد أن ترويها إلى أن تبقى شجرة كبيرة.

وماذا فعلت عندما دخلت الجامعة؟

قابلت شاعرًا كان أكبر مني بثلاث فرق عند رعاية الشباب، بدأ ينبهني للمستهلك وللكسور ولعلم العروض وبدأت افهم قيمة العامية وجمالها الخاص وأنها لا تقل ابدا عن الفصحى في التعبير وان الأهم هو الشعر والصورة البكر والتناول الجيد، عرفني على الوسط الأدبي في بورسعيد، وبدأت اتعلم شيئا من كل شخص أقابله أو أسمعه أو أتكلم معه سواء شاعر او ناقد أو روائي أو قاص ، ومرت التجارب والأيام والمحاولات وبدأت انخرط في المسابقات والملتقيات الأدبية وأسابيع شباب الجامعات وقابلت شعراء من اسوان إلى الإسكندرية إلى أن شعرت أن الوقت المناسب حان لطباعة ديوان، فأخذت الخطوة، والآن أنت تحاورني كشاعر عامية حصل على جائزة أحمد فؤاد نجم عن ديوانه الأول.

لماذا اخترت مجال شعر العامية تحديدا؟

ببساطة لأني فهمت معنى مهمًا للشعر بعد انفتاحي على عوالم أدبية كبيرة أكبر من المحلية والعربية، وهو أننا نقرأ الشعر المترجم سواء لبودلير أو رامبو في فرنسا أو ت.س إليوت في إنجلترا أو لوركا في اسبانيا او هاينة في المانيا أو غيرهم كثيرون.. بدون جماليات اللغة العربية الخالصة اللي يكتب بها شاعر الفصحى قصيدته إلا لمن رحم ربي طبعا من المترجمين مثل الدكتور رفعت سلام أو لويس عوض، ومع ذلك مازلنا نشعر بجمال الشاعرية التي تحملها القصائد، ونستمتع بالمشاهد المرصودة المصاحبة للخيال الرائق وتصل لنا الحالة رغم فقد القصيدة الكثير من جمالياتها بعد الترجمة، الشاهد من الكلام أن اللغة ليست هي الهدف من الشعر ولكن الهدف هو التعبير عن الحالة الشعورية بجمل تعبيرية تقدر تخلق كون موازي يعرف يدخلها القارئ ويشارك الشاعر فيها ويحس ان الشاعر قادر على التعبير عن ما يدور في روحه من حالات نفسية مختلفة، أيا كانت اللغة اللي مكتوب بها هذه الجمل التعبيرية، والتي مرسوم بها هذا الكون الموازي.

بسبب فهمي هذا المعنى، قررت أن أكتب باللغة التي أتحدث بها وأتعامل بها مع الأحداث اللي تقابلني وتصيبني بالحالات الشعورية التي تستفزني للكتابة، طبعا دور الفصحى مهم وحيوي ولابد من ممارستها ودراستها وعدم التخاذل في دراسة النحو والصرف وكمان متابعة المنتج الأدبي لشعراء وكتاب الفصحى، الفصحى هي اللغة الأم والعامية بنتها، البنت عندها مميزات والأم عندها خبرات والمجتمع لن يستطيع أن يتخلى عن الاثنين.

كيف رأيت حصولك على جائزة أحمد فؤاد نجم؟

تعتبر أهم جائزة لشعر العامية في مصر، وهو ما زاد من فرحتي بالديوان وأنا أراه واقف صالب طوله وقادر يتكلم عن نفسه في الوسط الأدبي، وهو واثق أنه "هيتقرا كويس وهيتآمن بيه".

ما ردود الفعل بعد الحصول على الجائزة؟

أضافت لي الجمهور، القراء الذين وثقوا في العمل الأدبي بعد حصوله على جائزة، عرفتني بالناس وعرفت الناس عليا، جعلت المهتمين يقولوا "والله فيه واحد اسمه حسن فريد من دمياط بيحاول يوصل لمنطقة خاصة في الكتابة"، ومثلي مثل أي شاعر آخر يعرفون ان هناك ثلاثة انواع من البشر يحبوا أن يكون لهم مؤمنين "النبي والفيلسوف والشاعر" لذلك عندما عرفت خبر فوزي فرحت بأن النقاد آمنوا بالتجربة ومن بعدهم القراء الذين سيثقوا في آرائهم.

كيف تقيم حالة الشعر في الوقت الحالي وفي القلب منه شعر العامية؟

الشعر الآن في مرحلة انتقالية مرعبة، بعد الانفتاح المفاجئ والسريع على العالم من بعد الثورة وانتشار استخدام الانترنت والفيس بوك بهذه الشراهة، لدرجة إن المدهش كله لم يعد مدهشا بالنسبة لهذا الجيل، والعادي من القصايد سيموت سيموت، ولا يوجد فرصة للبقاء إلا لمن عمل لنفسه طريقا خاصا وبصمة لا يستطيع غيره أن يكمل فيها.

ماذا عن ديوانك؟

بالنسبة لديواني أرى أن كل جيلي خاض التجربة هذه معي وإن كانت التجربة شخصية في بعض التفاصيل وفي ترتيب عملية الخروج من المراهقة إلى النضج، لكن العامل المشترك الإنساني يظل ثابتا، وهو أننا جيل تصادفت مرحلة تكوين أفكاره سواء الاجتماعية او الانسانية او الدينية او حتى آراؤه السياسية مع حدث عظيم وهو الثورة وما تبعتها من أحداث طبعا.

وكذلك مع الانفتاح التكنولوجي الهائل اللي غمر أرجاء مصر في فترة قصيرة جدا ، لذلك كل الجيل من الأدباء والمشاركين في الحركة سيقابل في قرارة نفسه الرغبة في اللحاق بالركب ومحاولة النضج وخلق طريقة وكون موازي ليستطيع أن يعبر عن كم التحولات التي حدثت سواء عامية او فصحى او راوية او قصة او اي لون أدبي .

جاء ديوانك وأغلب دواوين الفائزين يعكس قدرا كبيرا من الأزمات الاقتصادية التي تمر بها مصر.. هل كان هذا مقصودا؟

نعيش في مصر، وبقصد أو من غير قصد فإن ما يوجع مصر يوجعنا.

جاء عنوان ديوانك لافتا وهو "آخر فرسان الموهيكانز".. ماذا قصدت منه؟

كان تناولي لرؤيتي في الديوان عن طريق استخدام قناع فني يجعلني أفعل ما يحلو لي من ورائه، وفي نفس الوقت يعطي الحس الروائي للمجموعة الشعرية عند القارئ فيتتبع الأحداث وكأنه هو البطل وهو "آخر فرسان الموهيكانز" والذين هم اصطلاحًا الهنود الحمر .

لماذا لم تجعل العنوان "الهنود الحمر"؟

لأني ببساطة اعتمدت في كتابة المقدمة على إحالة ذهن القارئ لفيلم امريكي تسعيني اسمه the last of the mohicans ، وهذا الفيلم من أوائل الافلام اللي تناولت قضية السكان الأصليين لأمريكا بشكل فيه شئ من المصداقية وبالمناسبة هم لا هنود ولا حمر.. هم بشر عاديين كان لديهم حضارة وقوانين وأفكار وديانات، ولكن تمت إبادتهم بالكامل وتم تشويههم عن طريق السينما الامريكية بتحويلهم لآكلي لحوم بشر واتهامهم بالجهل والكفر والهمجية، فقمت بخلق بطل ثاني كبطل الفيلم لكن بصفات مختلفة غير صفاته، وكان له صفاتي المصرية والادبية والاجتماعية، متكئا على معاناته ومعاناة شعبه وربطها بمعاناتي ومعاناة شعبي في فترة ما بعد الثورة مباشرة، وجعلت البطل بحبكة درامية في ليلة إعدامه يكتب كلمته الاخيرة للعالم عن طريق الشعر وكانت كلمته الاخيرة هي هذا الديوان.

كيف ترى تأثير الجوائز على المثقف؟

تعطيه الثقة الكافية لمواجهة الجمهور والعامة وعرض أفكاره وقراءة نصوصه.

ما هي آخر أعمالك أو مشاريعك التي تعمل عليها؟

أوشكت على الانتهاء من ديواني الثاني ومن المتوقع أن يكون موجودا في معرض الإسكندرية للكتاب الصيف القادم بإذن الله.

كيف ترى واقع نشر دواوين شعر العامية.. وهل تواصل معك بعض دور النشر بعد فوزك بالجائزة؟

واقع القراءة بشكل عام لا يعجبني، الناس الآن إما أنها ليست قادرة على أن تقرأ، أو أنها لا تملك وقتا تنفقه في القراءة أو أنها لا تحب القراءة، والقراء الحقيقيون والمثقفون يستسهلوا في اختياراتهم ويشتروا الكتاب المشهور إلا من رحم ربي طبعا، وعلى ذلك تكون طريقة تفكير معظم دور النشر، وبعد المسابقة جاءني فعلا عروض من دور كبيرة ، لكني متمسك بوجودي في الدار التي نشرت ديوان الأول.

كيف ترى شعر العامية يبعد غياب كبار الشعراء مثل نجم وحجاب والابنودي؟

أظن أننا في مرحلة أصعب وأكثر تعقيدا من المرحلة اللي عاشوا فيها والوعي الجمعي أعلى الآن بسبب توفر المعلومات وتطور طرق التواصل مع العالم وانتشار المعلومات المغلوطة والتطرف في الآراء، وبالتالي الأدب سيكون أكثر تعقيدا وأكتر احتدام وشراسة ووعي وفكر، لذلك أقدر أقول لو هم ماتوا كأشخاص فهم مهدوا لنا الطريق ووضعوا لنا حجر أساس نقدر نتكئ عليه.

فيديو قد يعجبك: