إعلان

جريمة "المقاول والعامل".. دماء في ليلة المولد

01:49 م الجمعة 30 نوفمبر 2018

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب - محمد شعبان:

احتفالات تجوب الشوارع، مكبرات المساجد تعلو بقصائد المديح فرحا بذكرى المولد النبوي الشريف، الأطفال ينتشرون في الطرقات ممسكا كل منهم بلعبة اشتراها للتو للاحتفال بالذكرى العطرة، إلا أن "أمل" -اسم مستعار- كانت تجلس في شرفة منزلها منتظرة قدوم زوجها على أحر من الجمر، خاصة أنه أخبرها بأنه لن يتأخر في العودة باعتبار "المولد" مناسبة لا يمكن التفريط في الاحتفال بها والاستمتاع بروحانيات تلك الأمسية التي تبثها لدى المريدين والمحبين للرسول الكريم، إلا أن ثمة جديدًا طرأ على السيناريو المعد سلفًا بينها وزوجها انتهى باكتشاف مقتل "رب الأسرة" على يد "صبيه".

48 ساعة بالتمام والكمال لم يظهر خلالها الزوج على خلاف مكالمته الأخيرة مع زوجته بأنه سينهي "شغلانة" بسيطة ويعود مبكرًا، فارتدت الزوجة ملابسها قاصدة قسم شرطة ثانٍ بأكتوبر، وطلبت الإبلاغ عن أمر هام "حياة أو موت"، ومع السماح لها بالدخول، أبلغت السيدة الرائد أحمد محرم، نائب مأمور قسم شرطة ثانٍ بأكتوبر، بأن زوجها "رشاد"، 47 سنة، لم يعد للمنزل منذ يوم الثلاثاء "ليلة المولد".

واصطحب نائب مأمور القسم الزوجة إلى "الاستيفا" مطالبًا أحد الضباط بسماع أقوالها في محضر رسمي، وعرضه على رئيس المباحث المقدم محمد داوود فور الانتهاء من كتابته للأهمية. خلال حديثه معها، عمد رئيس المباحث إلى الوقوف على طبيعة علاقة السيدة مع زوجها "هو في حاجة حصلت بينكم يعني اتخانقتوا قبلها"، لتجيبه الزوجة بالنفي مؤكدة: "ده كلمني يومها وكان فرحان إنه جايب حلاوة المولد".

انتقل رئيس المباحث للحديث عن التعاملات التجارية للزوج المبلغ بتغيبه، لتستمر الزوجة في التأكيد على عدم وجود ما كان يعكر صفو "بعلها" قبل أن تصمت لثوانٍ معدودة، عاودت بعدها لتؤكد: "كان من فترة قريبة بيزعق مع واحد في التليفون تقريبا معاه في الشغل.. بس معرفش مين"، لتلتقط أذن الضابط الشاب تلك الكلمات مطالبا إياها بعدها بالانصراف: "اتفضلي وإحنا لو وصلنا لحاجة هنبلغك على طول".

داخل مكتبه في الطابق العلوي، اجتمع العقيد فوزي عامر، مفتش مباحث قطاع وسط أكتوبر، بضباط وحدة مباحث القسم، لبحث خطة البحث المقرر تنفيذها؛ لكشف غموض اختفاء "المقاول رشاد"، وتركزت على تنشيط مصادر المعلومات السرية، وحصر علاقات الضحية الخاصة بعمله، والوقوف على آخر مشاهدات له قبل اختفائه.

انطلق المقدم مصطفى زيدان، وكيل الفرقة، إلى محل عمل المقاول بشونة رمل وزلط يمتلكها، راح يسأل كل من يصادفه عن طبيعة ذلك الرجل، إذ أثني الجميع على خلقه وسلوكياته وتعامله مع العامل بشكل جيد، إلا أن أحدهم قص عليه ما دار منذ 10 أيام تقريبا، عندما تنامى إلى مسامعه أصوات شجار تبين بعدها نشوب مشادة حادة بين المقاول وعامل يدعى "عبدالرحمن" كادت تتطور إلى مشاجرة لولا تدخل الحاضرين.

بالعودة إلى ديوان القسم، كان المقدم محمد داوود يجمع خيوط الواقعة بعدما اتجهت أصابع الاتهام إلى ذلك العامل، موجهًا بتكثيف التحريات حوله والوقوف على تحركاته يوم الاحتفال بالمولد للتأكد من تورطه في اختفاء المقاول من عدمه.

بعدما بات الأمر جليًا أمام رجال المباحث، أضحت الخطوة المتبقية هي مواجهة المشتبه به بالتحريات وأقوال شهود العيان من العمال، لكنه أنكر معرفته بمكان تواجد المقاول، مؤكدًا أنه كان رفقة بعض أصدقائه تلك الليلة إلا أن تتبع خط سيره كشف كذبه لينهار باكيًا: "أيوه قتلته علشان سرق عرقي وشتمني قدام الناس".

حالة من الصمت سيطرت على المتهم، صاحب الـ20 ربيعًا، حاول خلالها تجميع قواه أمام العميد عاصم أبوالخير، رئيس مباحث قطاع أكتوبر، ليدلي باعترافات تفصيلية حول جريمته، موضحًا أن المجني عليه أهانه أمام العمال بعد رفضه دفع 600 جنيه له نظير عمله، وأنه قرر الانتقام منه ومعاقبته على فعلته، إذ وسوس له الشيطان بالتخلص منه في الصحراء دون أن ينكشف أمره.

وقال المتهم إنه اتصل بالضحية وأخبره برغبته في بيع قطعة سلاح أخفاها في الرمال بالقرب من موقع الإنشاءات، مستغلاً معرفته بهوس المقاول بحمل السلاح، إذ توجها سويا واستقلا "لودر" وصولا إلى المكان المقصود، ليشير للضحية نحو مكان إخفاء السلاح ليشرع في إخراجه من الرمال فباغته بـ"شوكة اللودر" حتى تهشمت رأسه، ووارى جثمانه الثرى.

واصطحبت قوة من القسم المتهم إلى مسرح الجريمة، وتم العثور على جثة المجني عليه، وتم استدعاء زوجته التي تعرفت عليه، فيما تم اقتياد الجاني إلى النيابة العامة التي أمرت بحبسه على ذمة التحقيقات.

فيديو قد يعجبك: