إعلان

قرطبة .. سقوط مشؤوم لحضارة 500 عام وبداية النهاية للأندلس

01:13 م السبت 07 يوليو 2018

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب - هاني ضوه:

قرطبة.. تلك المدينة العظيمة التي كانت مهدًا للرقي والحضارة في الأندلس لقرون من الزمان، ولكن الغدر والخيانة والصراع كانت سببًا في أن تسقط هذه المدينة العظيمة في أيدي الإسبان لتكون بداية النهاية لحضارة الأندلس الإسلامية بأكملها بعد أن دامت 8 قرون.

وفي التقرير التالي يرصد مصراوي حكاية قرطبة كيف بدأت وكيف سقطت في مثل هذا اليوم 23 من شوال سنة 633هـ:

كانت قرطبة مدينة أندلسية تقع في غرب إسبانيا حاليًا، تم فتحها على يد القائد العربي طارق بن زياد وعبد العزيز بن موسى بن نصير سنة 93هـ، لتصبح بعدها حاضرة الأندلس الإسلامية وعاصمتها، خاصة في عهد حاكمها عبد الرحمن الداخل الذي أعلنها سنة 138 هـ عاصمة له فزاد نجمها لتصبح قبلة العلم والعلماء والشعراء من كل حدب وصوب.

وفي قرطبة تم التوسع في التعليم الذي جعل العامة يجيدون مهارات القراءة والكتابة، ضمن نهضة ثقافية واسعة، ضمت علوم الرياضيات والفلك والكيمياء، ونبغ إبان عصرها الزاهي، عشرات العلماء العرب، مثل: «الخوارزمي، وابن السمح القرطبي، وابن الصفار، وعباس بن فرناس».

عشرة آلاف دار تحيط بها حدائق غناء ونوافير المياه أهل قرطبة لتكون واحدة من أكثر مدن العالم اتساعًا بفضل نشاطها التجاري، ونظامها العمراني الفريد؛ الأمر الذي أبقاها عاصمة الدولة الإسلامية في الغرب لمدة تجاوزت 500 عام، ورغم سقوطها فإن ما تركته من نهضة تجارية وتراث ثقافي وعمراني ما زال شامخا يشهد على ما أسدته للدنيا من مكارم حتى اليوم.

بدأت الصراعات بين ملوك الطوائف في الأندلس وبدأت معها النهاية المشؤومة لقرطبة ومدن الأندلس جمعاء، فبعد أن سقطت دولة الخلافة الأموية، وقامت ممالك الطوائف المشئومة، استقل بنو جهور بحكم قرطبة سنة 422هـ ثم انتقلت لحكم بني عباد سنة 468هـ واستمرت على وضعها الجديد الهامشي حتى قام يوسف بن ناشفين بإسقاط ملوك الطوائف ولم يكن لها نفس اللمعان السابق في عهد المرابطين ومن بعدهم الموحدين.

وبعد أن كانت قرطبة في عهد الخليفة عبد الرحمن الناصر وابنه الحكم المستنصر من بعده في أوج تألقها الحضاري والثقافي، أصبحت بعد ذلك مدينة مسلوبة بعد أن ثار جند البربر على الخلافة ودمروا قصور الخلفاء فيها وهدموا آثار المدينة وسلبوا محاسنها.

وما أن حدث ذلك حتى انطفأت شعلة قرطبة وانتقلت مكانتها السامية إلى أشبيلية، ورغم هذه الظروف التي مرت بها إلا أنها استطاعت أن تحتفظ ببعض من تفوقها، حتى سقطت بيد فرناندوا الثالث في يوم 23 شوال سنة 633هـ، وحزن المسلمون لسقوطها حزنًا عظيمًا، وتحول مسجدها الجامع الكبير إلى كنيسة، وهجرها عدد كبير من المسلمين، وطويت صفحة حضارية عظيمة للمسلمين امتدت أكثر من خمسة قرون في هذه المدينة.

ولذلك قصة:

بعد الانقسام الذي سرى بين حكام الأندلس توزعت سلطتها بين خمس مناطق، يفصل بين كل منها سور.

ولكن في أواخر (ربيع الآخر 633هـ= 1236م) خرج جماعة من فرسان قشتالة المغامرين صوب قرطبة، واحتموا بظلام الليل وخيانة البعض ونجحوا في الاستيلاء على منطقة من مناطق المدينة تعرف بالربض الشرقي، وكانت قليلة السكان، ضعيفة الحراسة، وقتلوا كثيرًا من سكانها، وفر الباقون إلى داخل المدينة، وبعدما زالت المفاجأة جاءت حامية المدينة وهاجموا هؤلاء الغزاة الذين تحصنوا بالأبراج، وبعثوا في طلب النجدة والإمداد، فجاءتهم نجدة صغيرة من إخوانهم المسيحيين، وتحرك فرناندو على الفور صوب قرطبة، غير ملتزم بالمعاهدة التي عقدها مع ابن هود الذي تتبعه المدينة، وبدأت تتجمع قوات فرناندو تحت أسوار المدينة ويزداد عددها يومًا بعد يوم، وتتوقد قلوبهم حماسة وحمية، وبدأ الملك يضع خطته للاستيلاء على المدينة العظيمة.

حتى جاء اليوم المشؤوم وتحديدًا يوم 23 من شهر شوال سنة 633هـ والذي يوافق 29 من يونيو 1236م، وذلك عندما دخل القشتاليون قرطبة، ورفعوا الصليب على قمة مئذنة جامعها الأعظم، ليسكت الأذان فيها إلى الأبد بعد أن كان يدوي في سماء قرطبة لعدة قرون. ليس ذلك فحسب، بل حولوا مسجد قرطبة إلى كنيسة واستمرت على ذلك حتى اليوم.

ودخل فرناندو وجنوده قرطبة وهو يشعر بنشوة النصر الذي لم يكن يحلم به، ليبدأ بسقوط قرطبة بداية السقوط للأندلس بأكملها بعد أن خذلها حكامها العرب بصراعاتهم وخيانتهم.


* مصادر:

كتاب "نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب" - أحمد بن محمد المقري.

كتاب "تاريخ ابن خلدون" - ابن خلدون.

كتاب "البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب" - ابن عذارى المراكشي.

كتاب "دولة الإسلام في الأندلس - عصر المرابطين والموحدين" - محمد عبد الله عنان.

كتاب "التاريخ الأندلسي من الفتح الإسلامي حتى سقوط غرناطة" - عبد الرحمن علي حجي.

فيديو قد يعجبك: