إعلان

آخر منشور عام لـ نوران شريف.. كتبته قبل شهر وتحدثت عن والدتها

05:30 م الجمعة 21 يناير 2022

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- هاني صابر:

رحلت المخرجة الشابة نوران شريف، عن عالمنا مساء أمس الخميس، بشكل مفاجئ صدم كل محبيها وأصدقائها بالوسط الفني، وكانت آخر رسالة تركتها قبل رحيلها وجهتها لوالدتها كانت منذ شهرا.

وكتبت نوران، عبر حسابها على "فيسبوك": "كلما كبرت كلما أدركت كم أنا محظوظة بأمي، لم أدرك في صغري تميز أمي عن معظم الأمهات.. تعمل أمي منذ تخرجها وقد حققت منصب محترم جدًا علمت حجمه مؤخرا عندما زرتها صدفة في عملها لأجد العديد من الناس يرحبون بي ويدلوني على مكتبها الخاص ويعاملوني معاملة مميزة، كطفلة لم أكن أعلم أدرك حبها وشغفها لعملها وتميزها به، فهي إمرأة شديدة الذكاء بقلب طفولي شديد الاخلاص وأرى في هذه التجميعة سحر يجعلها قادرة على الابتكار وحل المشاكل وإنجاز المهام بشكل مميز، لكن رغم وجود كل هذا، كانت أمي تتعامل مع أخي وأنا وكأننا كل ما تملك في الدنيا".

وتابعت: "لم أكن أبدا طفلة سهلة في التربية وحتى كأبنة كبيرة يتطلب مجهودا دائما لمواكبة أفكاري الغير مألوفة التي بذلت أمي مجهودا محترم جدا لفهمها ومواكبتها ثم احترامها كاحترام مساحتي الشخصية، وترى اختلافنا دائما وكأنه فرصة لعيش حياة مختلفة عن حياتها بشكل جديد، وبشكل ما هذا ما زرعته هي منذ صغري، فكانت دائما ما توجه بأقل تدخل ممكن".

واستكملت: "أتذكر وأنا في حوالي الرابعة من عمري الأورج الكبير الذي اشترته لي أمي هدية لأنها لاحظت لعبي على البيانو في الحضانة، فحرصت أن أتمرن في المنزل وأحضرت لي مدرس موسيقى يعلمني اللازم حتى أشتكي لها إني دائما ما أنام خلال الحصة، لم توبخني على ذلك، لكنها حاولت أن تفهم ما أريد، فأدركت أني أحب اللعب على الأورج وأني أعزف ما أسمع لكني لم أحب حصص الموسيقى، وقفت الدرس وظلت أول وأهم جمهور، فكنت دائما ما أندهها وأطلب منها سماع مقطوعتي الموسيقية الجميلة أو الأغنية الجديدة التي لحنتها، وكانت تأتي وتستمع بحب وكأني فنانة كبيرة".

وأوضحت: "كانت دائمة الحرص أن تدخلني في العديد من الأنشطة والرياضات، لكن كانت تتأكد ألا اكمل فيما لا أحب، فعلمتني من صغري مسؤولية قراري فاذا طلبت ألا أكمل في لعبة أو نشاط، كانت تحترم ذلك وتفكر معي فيما أنا مميزة فيه حقا واستمتع به بدلا من أن أقوم بنشاط هام في العموم".

وتابعت: "كنت أنوي بعد المدرسة دخول كلية الصيدلة أو العلوم، فأنا أحب العلوم والأحياء بشغف، لكني غيرت رأيي بعد دراسة علمي علوم، وقلت لها أني أريد دخول كلية الفنون.. سألتني اذا كنت متأكدة؟، وكان يشغلها بعد الكلية عن المنزل، فهي وأنا لم نكن نحتمل المسافات الطويلة، لكني أردت هذه الكلية بشدة، وبالفعل أول سنة كنت أعاني جدا من الطريق حتى تعودت عليه، وظلت على مدار خمسة سنوات تنتهز أي وقت لديها لتوصلني الكلية أو تأتي لتوصلني للمنزل إشفاقا عليا من ركوب المترو أو أي وسيلة مواصلات أخرى".

استضطردت: "كشخص متقلب، بعد سنتين احببت الفن جدًا، وبدأت ممارسة الفن بشكل واضح وأصبحت أشارك في معارض للفن الحديث، نوع من الممارسات الفنية التي لم تكن مفهومة بشكل كامل حتى في كليات الفنون، فكنت أحضر ورش عمل مع فنانين تعلموا في الخارج وعادوا لينقلوا خبراتهم أو مع فنانين أجانب يدرسوا هذا النوع من الفنون الحديثة، ورغم تعقيد المشهد حرصت أمي على حضور جميع المعارض، بل وحرصت أيضًا على التكلم معي عن هذا النوع من الفن قبل كل معرض كي تلم كاملا بما يحدث فتحضر حضور حقيقي وليس شرفيا فقط".

أضافت: "قرأت أمي سيناريو أول فيلم قصير لي، وحتى الآن هى أهم جمهور لي.. أهتم جدا برأيها في أي عمل جديد وأتحمس جدا عندما يعجبها أي من أعمالي، وكنت في قمة سعادتي عندما قالت لي مؤخرا إنها تحب أسلوبي في الكتابة، فشعرت بالفخر أن سيدة في ذكائها ومكانتها تعجبها كتابتي وأصبح لدي رغبة أن أنمي ذلك ليرقى لأنول إعجابها دائما".

أختتمت حديثها: "أرى أصدقائي يبذلون مجهودًا جبارًا مع أبنائهم وأرى كم هو شبه مستحيل توفير كل شيء طول الوقت، فحتما يحدث تقصير في جزء ما، وكلما رأيت تعبهم، كلما أدركت مدى صعوبة ما كانت تفعل أمي لنا منذ الصغر وحتى الآن، من متابعة كل حكاياتي الصغيرة بعد يوم دراسي، لتوصيلي لجميع التمرينات واختبار الأنشطة المناسبة بشكل مستمر، للأكل البيتي الصحي الذي كان دائما متوفر بأشكال مختلفة، للوقت الدافئ الذي كنا نقضيه سويا والعديد من الأشياء التي تتطلب مجهود وتضحية جبارين أن تفعل كل ذلك، جانب عملها لتظل أمي مثلي الأعلى دائما وأصبح كل يوم أكثر فخرًا أن هذه السيدة العظيمة التي كنت سأحب معرفتها في كل الأحوال هى أمي، وعندما أرى خوف أصدقائي على أولادهم أبتسم من قلبي لأنه يذكرني بخوفي عليها وعلى قلبها الطفولي من هذا العالم حتى تقول لي جملتها الشهيرة وهى تضحك: هي مين اللي أم مين فينا؟".

يذكر أن المخرجة نوران شريف، هى خريجة كلية الفنون التطبيقية من جامعة حلوان، وخاضت تجربة إخراجية بفيلم "آمن جدا" شارك في بطولته ثراء جبيل وسلوى محمد علي.

فيديو قد يعجبك: