إعلان

في الجونة السينمائي| "لما بنتولد".. الأحلام الجريئة تواجه المحظورات

08:53 م الإثنين 23 سبتمبر 2019

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- أحمد الجزار:

عرض مهرجان الجونة السينمائي في دورته الحالية الفيلم المصري "لما بنتولد" إخراج تامر عزت، والذي يعرض، لأول مرة عالميًا، ويعد من أبرز مفاجاَت هذه الدورة؛ إذ يحمل روحًا من الثورية على مستوى القصة والإخراج.

هذا الفيلم، الذي رحلت مؤلفته نادين شمس قبل 5 سنوات، ولم تشهد ولادته كان حلمًا يجمعها بالمخرج تامر عزت قبل 19 عامًا حتى قبل أن يقدم فيلمه الأول "الطريق الدائري"، ولكن تامر ظل خلف حلمه، الذي تحول في بعض اللحظات إلى مستحيل، ولكنه لم ييأس وواصل العمل حتى نجح في كسر كل العوائق والسدود ليخرج بحلمه إلى النور.

الروح الثورية هي المحرك الأساسي لهذا الفيلم الذي سعى لكسر التابوهات ومواجهة المحظورات والعادات التي أصبحت سدودًا تعوق الأحلام.

يتناول الفيلم ثلاث قصص متقاطعة تنتمي شخصياتها إلى طبقات اجتماعية مختلفة، تشترك جميعها في أزمة الاصطدام بحائط الممنوع والمحظور الذي تفرضه الظروف الاجتماعية والاقتصادية فتخوض كل شخصية اختبارها الخاص.

أبرز هذه الحكايات علاقة الحب بين فتاة مسيحية، وشاب مسلم تقابلا صدفة في الشارع ووقعا في الحب من أول نظرة، دون التفكير في أي حواجز قد تعوق هذه العلاقة حتى لو كانت الديانة، مخرج الفيلم حرص على طرح هذه العلاقة بعزوبية شديدة وكان موفقا في اختيار بطلي القصة، وهما "سلمى حسن ومحمد حاتم"، وجعل المشاعر وحدها هي وقود هذه العلاقة، دون التركيز على الشعارات أو الوقوف كثيرًا حول المحظورات، ليتفاعل المشاهد مع الحالة الرومانسية ويتعاطف مع بطلي القصة، ويجد نفسه طرفًا في الحكم على هذه العلاقة بشكل غير مباشر، بعد أن يترك المخرج نهاية قصته تبدو مفتوحة، لنختار نحن النهاية المناسبة لهذه القصة دون أن يحكم عليها بوجهة نظره الأحادية.

القصة الثانية في الفيلم، لشاب يعيش حياة صعبة مع أسرته التي يعولها بعد وفاة الأب، مع زوجة طموحة تحلم بشقة منفصلة، وجد مريض، وأخ في مرحلة الدراسة، ويعمل هذا الشاب "عمرو عابد" مدرب لياقة بدنية لإحدى السيدات الأثرياء، التي حاولت أن تغوية لإقامة علاقات غير شرعية مع عدد من سيدات المجتمع لإشباع رغابتهن الجنسية وذلك بمقابل مادي، ورغم رفضه في البداية لأسباب أخلاقية ودينية إلا أنه يقبل في النهاية بعد أن تشتد عليه الظروف المادية الطاحنة، لتنقلب حياته بعد ذلك رأسا على عقب بعد أن يتحول إلى دمية في يد هؤلاء السيدات، ثم يجد نفسه فجأة في مفترق الطرق أما أن يكمل المشوار أو يعود لحياته الأولى.

القصة الثالثة بطلها "أحمد"/ "أمير عيد" في أول تجربة تمثيلية له، هو عبارة عن مطرب يعاني من سطوة الأب الذي يريد أن يكون ابنه الوحيد نسخة منه ليستكمل ما بدأه في مشوراه، بينما يرى الشاب أن لديه طريقًا معاكسًا في أن يكون مطربًا ناجحًا بعيدًا عن طريق والده، ما يخلق حالة من الصدام، ليجد أحمد حياته في مفترق الطرق أيضا إما أن يترك حلمه أو يعود ليكمل حلم والده.

"لما بنتولد" تجربة تحمل حالة من التمرد في شكلها الدرامي بعيدًا عن قصص أبطالها، إذ يعتمد بناؤها على المزج بين الدراما والغناء، فكل منهما يسير في خطوط متوازية، أحيانًا تتصدر الدراما وأحيانًا أخرى يتصدر الغناء الذي استخدمه المخرج ليكون الوسيلة الوحيدة للمزج بين القصص الثلاث، بل أنه كان يعبر عن أحساس وحالات الشخصيات، وهذا ما نجح فيه المخرج بشكل كبير، بل يحسب له أنه لم يشعر المشاهد ولو مرة واحدة بإقحام الغناء على الدراما، رغم أنه استخدم تقريبًا 9 أغانٍ ضمن أحداث الفيلم، كتبها ولحنها وغناها أمير عيد قائد فريق "كايروكي"، والذي كان موفقًا إلى حد كبير في التعبير عن مشاعر الأبطال، كما أن هناك هاروموني جمع بين صوته وإحساسه والحالة الدرامية التي يعبر عنها.

"لما بنتولد" تجربة متمردة في شكلها الدرامي والإنتاجي، يقودها شباب موهوبون لديهم حب وشغف كبير للسينما، وهو أجمل هدية لروح الراحلة نادين شمس التي تغمرها السعادة الاَن بعد أن خرج حلمها للنور.

فيديو قد يعجبك: