إعلان

"الفتاة الدنماركية".. قصة أول رجل يتحول إلى امرأة

01:09 م الإثنين 22 فبراير 2016

الفتاة الدنماركية.. قصة أول رجل يتحول إلى امرأة

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت-رنا الجميعي:

في العام 2012 كان إيدي ريدماين يلعب دور الشاب الثوري بفيلم "لي ميزرابل"،"البؤساء"، وأثناء غضب ماريوس- اسمه بالفيلم- ومناداته بالحرية لبلده فرنسا أمام المتاريس المقامة، في فترة الاستراحة أعطاه توم هوبر-مخرج الفيلم- خطاب مغلف مع سيناريو لفيلم آخر، وقال له "ربما يكون أفضل سيناريو قرأته على الإطلاق"، قبل نحو ذلك بعدة أعوام لعب ريدماين أول دور مسرحي له، عن مسرحية "الليلة الثانية عشر" لشكسبير، مثّل دور الفتاة "فيولا" على مسرح "جلوب" بلندن، شاهده يومها هوبر، ولم تُنسيه الأيام كيف أدى دور الفتاة ببراعة، ليُصبح خياره الأول لبطل فيلمه "الفتاة الدنماركية"، المرشح لهذا العام لأربعة جوائز أوسكار.

يبدأ الفيلم بمعرض مُقام لأعمال الرسام الدنماركي "آينر فيجنر"، وسؤال أحد الزوّار لزوجته المحبة جيردا "ألا ترغبين لو ترسمين ببراعة زوجك"، يبرع آينر في رسم المناظر الطبيعية، أما جيردا- التي تمثل دورها أليسيا فيكاندر- فلم تكن ترسم سوى البورتريهات، لكن ثمة مُزحة لعبت بذهن جيردا، جعلتها ترسم بعد ذلك بشكل جيد، تجد موضوعًا مناسبًا، كما قال لها أحد الفنانين، وفيما نجحت حياتها العملية، أوشكت حياتها الزوجية على الانهيار. 

hgيحكي الفيلم عن قصة أول رجل تحول جنسيًا إلى سيدة، من السيرة المنشورة عام 1933 "من رجل إلى امرأة"، عرفت البشرية قصة "ليلي إلبا"، الفنان الذي ذبلت حياته، لكنه قاوم مع معرفته أنه امرأة، وعليه التمرد ليتحول، ففي سيرتها كتبت "لا أستطيع الإنكار، ورغم غرابته، إلا أني أحب نفسي في هذا التنكر، أحب ملمس ملابس النساء"، منذ اللحظات الأولى للفيلم، ورغم أنه لا ينقلنا للقصة بشكل حاد، لكن هُناك بعض التفاصيل الصغيرة التي تنقل ذلك الشعور، تحسس يدي ريدماين لصف ملابس النساء في المسرح، تطويقه لرداء داخلي لجيردا، وتلمسه للجوارب النايلون، فيما تبدأ شخصية "ليلي" في الظهور كبديل طارئ عن الموديل التي تغيبت عن القدوم، فاضطرت جيردا أن يحل زوجها مكانها، ولم تواجهها صعوبة في ذلك.

جلس "آينر" مرتديًا الجوارب، يميل على أحد جانبيه قليلًا، فيما يُمسك بيديه فستان كأنه يرتديه، حتى تنتهي جيردا من لوحتها سريعًا، تلك اللحظات التي تلمّس فيها ريدماين أطراف الفستان، تتولى "ليلي" فرصة إظهار نفسها من جديد، يعبث بذهن جيردا مزحة تقديم ليلي كابنة عم آينر تعلمه كيف يمشي، كيف يتحرك كفتاة، تضع له المكياج، تختار الفستان، وتصطحب "ليلي" معها إلى الحفل، يتوتر حينما ينظر إليه الرجال كامرأة، غير أن ليلي تدير الدفة لها، ويُصبح هناك شخصان وليس واحدًا، يُعجب بها أحد الحضور، ويُقبلها.

597c4c3d-9c79-4e74-bdb4-dc186add0ea5

يبدأ جسد آينر في التمرد، دم يخرج من فمه، وتشنجات في معدته، يٌفسّر ذلك أحد الأطباء، أنه اختلال توازن كيميائي، تظل جيردا بجواره، رغم أن ليلي استمرت في الظهور والتحدث عن نفسها، لم يقم ريدماين بالدور دون بحث، سأل العديد من المتحولين جنسيًا بما فيهم مخرجة فيلم "ماتريكس" لانا وشووسكي، يقول في أحد الحوارات "وجدت نفسي أصنع أخطاء، لكن حينما قابلت رجال ونساء متحولون أدركت كم هذا مزعج لهم"، أتقن الممثل الحائز على أوسكار العام الماضي، والمرشح لنيله هذه السنة أيضًا، دوره ببراعة، وتمردت ليلي على آينر، حتى اختفى الأخير عن المشهد تمامًا.

eddie-redmayne-the-danish-girl

أجاد المخرج هوبر اظهار الفيلم كله كلوحة فنية مُكتملة، كل مشهد به عناصره التي تكفي لصنع قطعة مرسومة، خاصة حينما تظهر ليلي بفساتينها وأوشحتها المُلونة، واضعة يدها على خدّها، ضامة قدميها، فإن المشهد يكتمل، كذلك الأماكن الخارجية كانت جميلة، من القاعة الخلفية لمسرح الممتلئة بالفساتين، لشارع ضيق يعلو سقفه لوحة فنية، حتى حي سكني على جانبيه مباني باللون البرتقالي.

4

ساءت حياة "جيردا"، لم تُدرك أن المزحة ستنقلب لتصبح واقع عابث، ورغم أن "فيجنر" ظل يتحدث عن "ليلي"، ويتنكر داخلها لأوقات عديدة، فيما أصبحت ليلي شخصية حقيقية منفصلة تمامًا عن فيجنر، وترغب في إزاحته تمامًا، وهو ما حدث بعد ذلك، لم تبتعد جيردا عن الفنان المتحول، بل وقفت بجانبه، ظلت تُحبه حتى النهاية، فيما يُشير الفيلم بعد الخاتمة أن جيردا استمرت في رسم ليلي حتى وفاتها.

c7c953f4-4c95-4945-874b-1457e5f38afb

عُرض السيناريو على هوبر سابقًا عام 2008، حينما كان يُخرج فيلم "خطبة الملك"، غير أنه لم يجد إمكانية لتمويله، كذلك وجه إليه العديد سؤال إن كان واثق من عمله، رفضه حينها، ثُم عاد إليه ثانية مع تقبل المجتمع لفكرة المتحولين جنسيًا، الأمر الذي عانت منه ليلي الحقيقية في أوائل القرن العشرين، متهمة نفسها في يومياتها المدونة "طائشة، وامرأة سطحية التفكير"، غير أنها بعد ذلك وجدت كيف يُمكن ليلي أن تعرف نفسها جيدًا، وتقاوم لأجل أن ترى ذاتها سيدة مكتملة، هو ما حاولت فعله بالعمليات الجراحية، في ذلك الوقت كانت محاولات جريئة، ومع أملها بالنجاح، أجرت عملية لزرع رحم، تمنّت أن يهبها الله طفل، غير أن جسدها لم يتحمل، قبل ذلك ببضعة أشهر راسلت ليلي أختها "حلمت الليلة الماضية بأمي، أخذتني من ذراعي ونادتني ليلي، وكذلك فعل أبي"، رحلت ليلي في سبتمبر 1931.

 

فيديو قد يعجبك: