إعلان

نزار قباني.. "قديسته الحلوة" تُنجب شاعر المرأة في عيدها - (بروفايل)

08:13 م الإثنين 21 مارس 2016

نزار قباني

كتبت - نسمة فرج:

"صباح الخير يا حلوة.. صباح الخير يا قديستي الحلوة أيا أمي..أيا أمي.. أنا الولد الذي أبحر..ولا زالت بخاطره..تعيش عروسة السكر..فكيف.. فكيف يا أمي..غدوت أبًا..ولم أكبر؟".. كلمات خطها الشاعر السوري، نزار قباني في خمس رسائل؛ تعبيرًا عن حبه إلى أمه، وفي ذكرى ميلاد قباني الـ 93، المتزامن مع الاحتفال بعيد الأم، نستعيد بعض من كلماته وسيرته.

وُلد قباني، في العاصمة السورية، دمشق، 21 مارس عام 1923، و كان منزلهم يمتلئ بالزروع الشامية، من زنبق وريحان وياسمين، وهو ما خلّف في نفسه حب الرسم، وكذلك عشق الموسيقى، وخاصة العزف على العود، ثم وجد الشعر طريقه إلى روح نزار؛ فبات يحفظ أشعار عمر بن أبي ربيعة، وطرفة بن العبد، وقيس بن الملوح، وتتلمذ على يد الشاعر خليل مردم بك.

جمع شعره كلًا من البساطة والبلاغة، اللتان تميزان الشعر الحديث، وأبدع في كتابة الشعر الوطني والغزلي.

غنى العديد من الفنانين أشعاره، أبرزهم أم كلثوم، عبد الحليم حافظ، نجاة الصغيرة، فيروز، ماجدة الرومي، كاظم الساهر، ومحمد عبد الوهاب، واكتسب شهرة ومحبة واسعة بين المثقفين والقراء في العالم العربي.

رفض نزار قباني أن تُكتب سيرته على يد أحدٍ سواه، وطبعت جميع دواوينه ضمن مجلدات تحمل اسم "المجموعة الكاملة لنزار قباني".

واشتهر شعر قباني بتميز واضح وإبداع، متأثرًا بكل ما حوله؛ فكتب عن المرأة الكثير، وكان لانتحار أخته بسبب رفضها الزواج من رجل لا تحبه، أثر عميق في نفسه وشعره، فعرض قضية المرأة و العالم العربي في العديد من قصائده، رافضًا شوفينية الرجال.

يصف نزار الانتحار بقوله: "صورة أختي وهي تموت من أجل الحُبّ محفورة في لحمي... كانت في ميتتها أجمل من رابعة العدويّة".

من أنا؟

كتب الشاعر الكبير نزار قباني يتحدث عن نفسه وتجربته مع الشعر، فقال تحت عنوان "من أنا؟": "سأوفر عليكم الوقت، وعذاب طرح الأسئلة، وأقول لكم إنني شاعر قرر بينه وبين نفسه في الأربعينيات أن يشعل اللغة من أول نقطة حبر حتى آخر نقطة حبر، ويشعل الوطن الممتد من البحر إلى البحر ومن القهر إلى القهر".

وأضاف، "خريطة الأشياء لم تكن تعجبني ولخبطتها، أردت أن أكتب شعرًا يحمل توقيعي وحدي، وحلمت أن أكتب قصيدة لحسابي الخاص دون أن أسحب أي قرش من ميراث العائلة".

وتابع، "من أنا؟ أنا شاعر لايزال يفتش عن الحرف التاسع والعشرين في الابجدية العربية، أحاول التنقيب عن الماء في النصوص التي جف فيها الماء من كثرة الشاربين".

شاعر إباحي

عام 1939، كان نزار في رحلة مدرسية بحريّة إلى روما، حين كتب أول أبياته الشعريّة متغزلًا بالأمواج والأسماك التي تسبح فيها، وله من العمر حينها 16 عامًا، ويُعتبر تاريخ 15 أغسطس 1939 تاريخًا لميلاد "نزار الشاعر"، كما يقول متابعوه.

وفي 1944 أثناء دراسته الحقوق، نشر قباني، أول دواوينه الشعريّة، وهو ديوان "قالت لي السمراء"، حيث قام بطباعته على نفقته الخاصة، وكتب له مُقدّمة الديوان منير العجلاني، الذي أحب القصائد ووافق عليها، وقد أثارت قصائد ديوانه الأول، جدلًا في الأوساط التعليمية في الجامعة، دعا البعض لوصفه بـ"شاعر إباحي".

وعن ديوانه "قالت لي السمراء" يقول نزار قباني "حين صدوره، أحدث وجعًا عميقًا في جسد المدينة التي ترفض أن تعترف بجسدها أو بأحلامها.. لقد هاجموني بشراسة وحش مطعون، وكان لحمي يومئذ طريًا".

الدبلوماسي

توازت موهبة قباني الشعرية مع انخراطه في السلك الدبلوماسي، حيث مثل دمشق، في عدد من عواصم العالم مباشرة بعد تخرجه في كلية الحقوق بالجامعة السورية عام 1945، وذلك بعد عام واحد من إصدار "قالت لي السمراء".

واشتهر قباني بأشعاره الرومانسية المتغزلة في النساء، حتى لقب باسم "شاعر الحب والمرأة"، لكنه تحول إلى السياسة بعد نكسة 1967.

دفتر النكسة

نقلت هزيمة 1967 شعر نزار قباني نقلة نوعية، من شعر الحب إلى شعر السياسة والرفض والمقاومة؛ فكانت قصيدته "هوامش على دفتر النكسة " عام 1967 نقدًا ذاتيًا جارحًا للتقصير العربي؛ مما آثار عليه غضب اليمين واليسار معًا، ولعنف القصيدة صدر قرار بمنع إذاعة أغاني نزار وأشعاره في الإذاعة والتلفزيون.

ومن دفتر النكسة "إذا خسرنا الحربَ لا غرابهْ لأننا ندخُلها.. بكلِّ ما يملكُ الشرقيُّ من مواهبِ الخطابهْ بالعنترياتِ التي ما قتلت ذبابهْ لأننا ندخلها.. بمنطقِ الطبلةِ والربابهْ".

هناك أحداث مر بها نزار، ألقت أثرها في نفسه وفي شعره، فتزوج مرتين، زوجته الأولى كانت ابنة خاله، والتي أنجب منها هدباء وتوفيق، وتوفي توفيق عام 1973 وكان طالبًا بكلية طب جامعة القاهرة في السنة الخامسة، ونعاه والده بقصيدة "الأمير الخرافي توفيق قباني".

أما زوجته الثانية العراقية بلقيس الراوي، التي التقى بها في أمسية شعرية ببغداد، أنجب منها عمر وزينب، قصة حبهما ذاع صيتها، وخاصةً بعد أن ﻻقت حتفها أثناء الحرب الأهلية اللبنانية في حادث انفجار السفارة العراقيّة في عام 1982، وفي رثاها كتب نزار قصيدته "بلقيس".

وخلال نصف قرن، أصدر قباني أكثر من 35 ديوانًا شعريًا، وأسس دارًا لنشر أعماله في بيروت، وعاش آخر 10 سنوات من حياته في لندن حتى توفي في أبريل من عام 1998 ودفن في دمشق.

فيديو قد يعجبك: