"بنعيش التوتر مرتين".. كيف تمر امتحانات الثانوية العامة على طلاب أدبي؟
كتبت-إشراق أحمد:
حين أُعلن عن امتحانات الثانوية العامة، الشهر المنصرف، تغيرت خطة أمنية سيف وصديقاتها بالذهاب معًا لدعم بعضهن. تمتحن أمنية في اليوم التالي لرفيقاتها لكونها طالبة بالشعبة الأدبية. ظنت ابنة مدينة العياط أن ربما نصيبها أفضل في معرفة أجواء الامتحان قبل ساعات من خوضه، لكن مع اليوم الأول لاختبار مادة اللغة العربية، السبت الماضي، انهارت كل الظنون "لقيت صحابي خارجين بيعيطوا ويقولوا الإمتحان صعب وأنا كنت براجع المادة عشان امتحن بكرة". لم تمر ليلة المراجعة النهائية بخير على أمنية كما اعتقدت.
بدأت امتحانات الثانوية العامة، السبت 10 يوليو الجاري، كأول ثانوية بنظام البابل شيت، وأدى قرابة 393 ألف طالب وطالبة بالشعبة العلمية امتحان مادة اللغة العربية، وباليوم الثاني لحق بهم نحو 256 ألف و366 طالب وطالبة بالشعبة الأدبية، على أن يستمر تقسيم حضور الطلاب في امتحانات المواد المشتركة على هذه الوتيرة، للوقاية من انتشار فيروس كورونا المستجد، كإجراء غير مسبوق في الأعوام الماضية.
ويؤدي طلاب الشعبة الأدبية، اليوم الخميس، امتحان مادة الجغرافيا.
بلغ التوتر بأمنية المدى وقت امتحان اللغة العربية؛ استمرت في البكاء بعد مكالمة صديقاتها ورؤية بعضهن "واحدة صاحبتي ساكنة قريب مني لقيتها هي ووالدتها منهارين". لم تكن الأجواء المشحونة وحدها التي أثرت على طالبة الأدبي، بل معرفتها بمستوى التحصيل الدراسي لرفيقاتها الملتحقين بالشعبة العلمية "دول صحابي من ابتدائي وشاطرين. واحدة منهم كانت الأولى على الجمهورية في الإعدادية".
لأكثر من ثلاث ساعات توقف الزمن بأمنية "قلت لنفسي طيب أنا هعمل إيه بقى". انهارت الطالبة مثل رفيقاتها رغم أنها لم تمتحن بعد، كادت أن تعصف بمشوارها في لحظة "قلت لهم في البيت هأجل السنة ومش عايزة أكمل"، لكن أسرة أمنية تلقفتها بالدعم، هدأ والدها وشقيقها الأكبر من روعها "قالوا لي إحنا مش لازمينك بحاجة أعملي اللي عليكي والباقي على ربنا". سكنت نفس الطالبة رويدًا إلا أن القلق لازمها حتى اليوم الثاني.
بالكاد استطاعت أمنية النوم في الليلة الأولى للامتحانات، بالصباح رافقها والدها وشقيقها، واصلا الربط على نفسها حتى غادرتهما إلى لجنتها بمدرسة كفر عمار الثانوية. كان قلق أمنية في أشده، لكن مع ورقة الامتحان لم يكن هناك مفر، واصلت الطالبة الإجابة حتى انتهاء الوقت، وجدت صعوبة إلا أن الأمر لم يكن بالسيء كما ظنت.
ما عايشته أمنية من خوف وقلق مضاعف، لمسته إحدى صديقاتها بالشعبة العلمية، لذا أصرت على التواجد أمام المدرسة لحظة خروجها من امتحانها الأول لتشد من أزرها "فرق معايا جدًا وجودها وحسيت أني مش لوحدي".
باليوم التالي، وقت امتحان مادة اللغة الفرنسية، استيقظت أمنية في السابعة صباحًا، عزمت المراجعة قبل أن تبدأ رفيقاتها الاختبار، تعلم أن تحصيلها سيقل بمرور عقارب الساعة التي ما إن تجاوزت الثانية عشر ظهرًا بعشر دقائق حتى سارعت لهاتفها. تحدثت لصديقاتها "الحمد لله طالعين مبسوطين وراجعوا الامتحان". التقطت أمنية أنفاسها في هذه اللحظة. شعرت أن امتحانها سيمر بسلام رغم علمها أنه مختلف.
على مدار يومين لم يغادر القلق محمد الصوفي، يتابع الطالب بمحافظة الفيوم صفحات الثانوية العامة على فيسبوك. كان يتلهف لمعرفة الشكل النهائي للامتحان، شاهد صور متداولة له ومعها أخرى لبكاء طلاب. توتر الصوفي "حتى لو الامتحان جاي سهل بالنسبة لي كنت لحظتها برضه خايف". يرى الطالب أن امتحان طلاب العلمي لنفس المادة في يوم والأدبي في آخر تؤثر سلبًا عليه ورفاقه، وفي الوقت ذاته يشفق على زملائه "العلمي بيستقبلوا الصدمة الأول وأحنا بنعيش معاهم الأجواء".
مجرد أن دخل الصوفي، الاثنين الماضي، للاطلاع على المراجعات النهائية التي تنشرها وزارة التربية والتعليم على مواقع التواصل الاجتماعي، سرعان ما امتد نظره ليعرف ما يحدث داخل لجان امتحان مادة الفرنسية، علم بأمر تسرب الامتحان، حزن لفكرة ضياع المجهود على مدار شهور، فيما ارتفعت معنوياته لعلمه أن الأسئلة يسيرة عليه خاصة وأن اللغة الثانية ليست المفضلة لديه.
"بعيش توتر الامتحان مرتين" تقولها علياء حسان بينما تشعر بالاستياء. تنتظر الطالبة في محافظة الجيزة حتى ينتهي رفاقها من الامتحان ثم تواصل مراجعتها الأخيرة "كنت قلقانة على صحابي ومش عارفة أذاكر. مستنية أشوف امتحانهم سهل ولا إيه"، حينما اطلعت على أسئلة اللغة الألمانية "نفسي اتسدت" وتلقت امتحان اليوم بنفس الحالة حتى عادت.
لم تعد تنظر علياء لما مضى في الامتحانات، تُنهي يومًا تلو الآخر بشيء من الاحباط "مبقاش فارق معايا غير أني أخلص السنة على خير"، وإن كان لا يفارقها الأمل بأن تجتهد لتُسعد والدتها، وكذلك الصوفي الذي لا يعول إلا على السعي أما حلم الالتحاق بكلية الألسن فبات في عِداد المفاجأة إن تحقق، أما أمنية فتضع من الآن البدائل لرغبتها في الالتحاق بكلية الفنون الجميلة "بحب علم النفس ممكن أدخل تربية على أسوأ الظروف"، معتبرة أن القلق يقل بمرور الأيام، وليست تجربة الامتحان الأول كالأخير.
فيديو قد يعجبك: