إعلان

صورة وحكاية (6).. ضحايا النزاع: طفل فلسطيني يحمل سلاحًا أكبر منه

11:06 م الخميس 23 أبريل 2020

طفل فلسطيني يحمل سلاحًا أكبر منه

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

تصوير- حسام دياب:

كتبت: شروق غنيم:

نزاعًا قويًا على أرض لبنان، اشتدّ القتال بين فصائل فتح الفلسطينية، في يونيو عام 1983 ضرب الانشقاق صفوف الحركة، انسلّ منها مجموعة من المتمردين على قيادات فتح ثم باتوا فصيلًا يُسمى "فتح الانتفاضة"، ولجأوا إلى السلاح لحسم الموقف لصالحهم.

في نوفمبر من العام نفسه تصاعدت حِدة الصراع بين قيادة حركة فتح والمنشقين، فيما دخلت دول أخرى على خط القتال، دعمت القيادة السورية والليبية آنذاك الانشقاق ومولته، فما كان من قائد حركة فتح إلا أن يذهب إلى عُقر دار المنشقين، وعبر التسلل من قبرص إلى لبنان وصل ياسر عرفات قائد حركة فتح وقتها إلى مدينة طرابلس اللبنانية موطن النزاع.

لا تخلو صفحات الجرائد من أخبار القتال المُسلح بين فصائل فتح، كيف صار مُخيم البداوي في لبنان معقل المنشقين، بين سطور الأنباء تابع المصور الصحفي حسام دياب الأحداث، قرر ألا تمر دون أن يوثقها بعدسته، فما كان منه إلا السفر للبنان، وبنفس الطريقة التي وصل بها عرفات، استقر دياب في طرابلس اللبنانية.

لم تكن الرحلة هينة على المصور الصحفي، داخل سفينة تشق الأمواج المضطربة طيلة ثماني ساعات من قبرص إلى لبنان، من بعيد تتوهّج القذائف في السماء، يرونها فيعرفون كيف بلغ النزاع مداه، اقتربت الرحلة من الوصول حتى واجهتهم إحدى المراكب الصغيرة "كانوا مع جماعة أبو عمار، قالولنا أنتوا في مرمى المدفعية"، ارتبك قبطان السفينة ومن على متنها، فما كان منهم إلا الترجل واقتياد المركب الصغير للوصول إلى طرابلس، بينما يبسط القمر أنواره على المياه الثائرة مثل الحرب الدائرة خلفها.

وصل دياب إلى دار النقاهة في طرابلس، والتي خُصصت لجرحى النزاع، تكوّر داخل رُكن لالتقاط بعض ساعات الراحة "اكتشفت إني نسيت شنطة هدومي في السفينة"، لم يأبه لذلك، احتضن زاده الوحيد؛ الكاميرات وغرق في النوم "لحد ما لقيت حد بيصحيني عشان أقابل ياسر عرفات".

في تلك الرحلة لم يكتفِ المصور الصحفي بالتقاط صور فقط، لكنه أيضًا كان يكتب الحوارات والأخبار ويرسلها إلى صحيفته الشرق الأوسط. أجرى حوارًا مع ياسر عرفات بالصور، ثم بدأ رحلته لاستكشاف الحرب عبر عدسته.

3 أسابيع شهدت كاميرا دياب على ما يجري لكن من نقطة تواجد فصائل فتح، دماء وجرحى، قذائف لا تتوقف، كانت العدسة تتابع كل ذلك، حتى جاء موعد الرحيل، الذي لم يكن يسيرًا أيضًا؛ قُصفت المركب التي من المقرر أن يعود على متنها، كانت الحرب قد بلغت ذروتها "قررت إني لازم أروح أصور كمان المعسكر المنشق".

إلى مخيم البِداوي الذي كان في ذلك الوقت ثاني أكبر مخيم يضم اللاجئين الفلسطينيين، ذهب دياب إلى هناك، أجرى حوارًا مع أحمد جبريل قائد "فتح الانتفاضة" المٌنشقة، كذلك لم يتوقف عن تصوير المُخيم وما يدور فيه، حتى لفت أنظاره طفل فلسطيني لم يتعد عمره 12 عامًا يحمل سلاح "أربجيه" يفوقه قوة وطولًا.

التقط دياب صورًا للصبي، حتى جاء أحدهم يعرفه عليه "ده أمهر رامي عندنا، لكن لازم إحنا اللي نحط له المقذوف عشان السلاح أكبر منه"، كان الطفل أصغر المقاتلين في المخيم الفلسطيني، وبفخر أخذ يحكون عنه "لسة من كام يوم ضرب مراكب داخلة الميناء عشان تنقل ناس.. ده البطل بتاعنا"، للحظة تسمّر المصور المصري "واحدة من المراكب دي كنت المفروض أرجع عليها".

ظلت الحرب مستمرة في طرابلس شمال لبنان، حتى استطاعت وساطة عدة دول لإنهاء الحرب، من خلال بدء "الحوار الوطني الفلسطيني"، انتهى القتال لكن لا يزال سيرته محفوظة في التاريخ، وفي أرشيف المصور الصحفي حسام دياب، تجوب أعينه ما التقطه آنذاك، ولا يتوقف سوى عند صورة الصبي التي نزعت الحرب عنه طفولته، ولا يغيب عن باله المفارقة التي حدثت "كان ممكن يكون سبب في إنهاء حياتي".

فيديو قد يعجبك: