إعلان

بالصور- "الذين هبطوا من السماء".. القفز "كالفرعون" بالمظلات فوق الأهرامات (معايشة)

10:37 م الخميس 12 نوفمبر 2020

مهرجان القفز بالمظلات في الأهرامات

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- أحمد الليثي وشروق غنيم:

تصوير- شروق غنيم:

لم يغب المشهد عن عقل الشاب الهندي ريكي؛ حينما رأى صورة صديقه السعودي يقفز بالمظلات فوق الأهرامات، يُحلق في السماء بينما يتأمل تاريخ الحضارة المصرية القديمة، انطبعت الصورة في ذهنه وقرر أن يتعلّم تلك الرياضة التي تمنح الشعور بالحُرية، بعد عامين تحقق حُلمه على نحو لم يتخيله، إذ شارك في النسخة الثالثة من مهرجان القفز بالمظلات الذي تنظمه شركة " sky dive Egypt" للرياضات الجوية بالتعاون مع الاتحاد المصري للرياضات الجوية.

في سماء الأهرمات حلّق 90 مشاركًا من 17 دولة مختلفة، لكل واحد مظلة مميزة اللون، فيما أخذ مصطفى سعيد، مؤسس الشركة المنظمة يقوم بحركات استعراضاية في الهواء بينما تحمل مظلته ألوان علم مصر. بنشاط يهبط إلى الأرض ويُعبر عن سعادته لخروج النسخة الثالثة إلى النور بعدما تأجلت في شهر يونيو الماضي بسبب انتشار فيروس كورونا.


1

كان في عُمر الخامسة عشر، حين مارس سعيد القفز بالمظلات عام 1987، أسرته تلك الرياضة حتى أنه سافر دول مختلفة لديها مراكز للقفز، غير أن سؤالًا واحدًا كان يستقبله في كل مرة حينما يلتقي بأصدقائه الأجانب "بتيجوا في بلادنا للقفز، ليه مبنجربش ده في بلدكم؟"، كان السؤال دافعًا لتأسيس الشركة وتنظيم مهرجان سنوي للقفز في منطقة الأهرامات.

على ثلاث مرات قفز المشاركون في المهرجان الذي نُظم من الأحد إلى الثلاثاء الماضي، بعناية خاصة يلملمون الأحبال والمظلة داخل الحقيبة فيما يضعونها برفقة الخوذة على جانبي المكان خوفًا من أن يدهسها أحد، وإذا حدث ذلك يصرخون بلغتهم "بنتعامل مع تفاصيل المظلة كأنها واحدة من عيالنا".

234

"أحسن حاجة بعملها في حياتي هي القفز" يقولها عمار محمد، فور فروغه من جمع خيوط مظلته، فيما ينظر لأقرانه من الأجانب بفخر "الطيران فوق الهرم حلم لأي شخص بيمارس القفز الحر"، لم يزل عمار محمد يتحدث بنشوة عن مشاركته ضمن أعضاء الاتحاد المصري في العام ١٩٨٨ "قفزت وأنا يادوب 14 سنة، وبقفز لحد دلوقتي وأنا عندي 44 سنة" يرددها فيما يتابعه ابنه يوسف عمار بشغف.

يوسف، خاض التجربة هو الآخر، لم تسعفه الظروف للتدرب على القفز الحر في مصر؛ لذا قبل عامين اتخذ من البرتغال انطلاقة له "عملت ٣٥ قفزة في أسبوعين وبحلم يكون في مصر مكان وتدريبات دايمة لينا"، يدرس يوسف الهندسة، فيما يعتبر أسعد لحظاته في القفز "بحس إني ملكت الدنيا.. مفيش قيود وبتبقى طاير بكل حرية". تمكن صاحب الـ١٨ عامًا من الحصول على رخصتين في القفز، ويرغب في استكمال المسيرة كي يتمكن من تحقيق غايته في مزاحمة عالم الكبار وأساطير اللعبة.

"كورس الاسكاي دايف مش موجود في مصر فبناخده برة، السن القانوني من 16 لما فوق.. هنا بننفذ القفز لكن مفيش تدريب" يتحدث يوسف عن أحلام البعض التي تهدر لأن الاهتمام بالقفز الحر في مصر لم يتخذ مسلكه المنطقي، من وجهة نظره.. لكنه لا ييأس من تحفيز رفقائه للانضمام لركب اللعبة، رغم ذلك يوضح عمار محمد أن مجتمع القفز الحر متواصل طول الوقت، وكأن هناك لغة يتحدثونها قرب السحاب "على طول بنتابع أماكن القفزات والمهرجانات حوالين العالم.. وبنعتبر عيلة واحدة".

576

يتشارك الممارسون المصريون للرياضات الجوية نفس الحلم؛ أن يُنشأ منطقة إسقاط في مصر لممارسي الرياضة، يقول سعيد إن ذلك سيجعل مصر قِبلة للمظليين خاصة من كل دول العالم فيما سيوفر لمحبي اللعبة المصريين من إثقال قدراتهم "أي حد بيبقى عايز يقفز بيسافر برة لأن مفيش هنا مكان مخصص لده في مصر"، يذكر أيضًا مؤسس الشركة المهتمة بالقفز بالمظلات بأنها ستكون وسيلة لجذب السياح خاصة وأن الطقس في مصر يساعد على ذلك "أوروبا بتقفل في الشتاء ومبيبقاش في قفز، ودول خليجية بتقفل تمامًا في الصيف.. هنا في مصر نقدر نقفز طول السنة في أماكن مختلفة".

في الصباح يكون اللواء ممدوح لاشين، المستشار الفني للاتحاد المصري للقفز بالمظلات من أوائل الحاضرين في المكان؛ يحمل في حقيبته جهازًا لقياس سرعة الرياح واتجاهها، يُصبح بوصلة المظليين خلال يومهم، يُخبر قائدهم عن المعلومات الأساسية وأماكن الهبوط المثالية ويمنحه التعليمات المُحيطة باليوم "وأفضل متابع طول اليوم لو حصل تغيير والمظليين في الطيارة بكلمه أقوله".

8

7

في منتصف اليوم انكسرت الغيمة وبدت السماء صافية تمامًا؛ لمعت مظلات المشاركين، على الأرض يتأمل الحاضرون المشهد في الأعلى، حتى تلوح ألوان المظلات الزاهية بالسماء، رويدًا رويدًا كلما اقتربت المظلات توضح رؤية القافزين بين السماء والأرض. لا ينفك الحاضرون عن الحديث حول الحركات الاستعراضية لأحد المشاركين أو طريقة الهبوط المثالية التي قام بها، لكن والدة لارا فرغلي كانت تتأمل المشهد في صمت.

1110

بينما كانت لارا فرغلي صاحبة العشر أعوام تستعد للقفز من الطائرة رفقة أحد المدربين، كان قلب والدتها يضرب بعنف "شعور متلخبط بين الفخر والقلق" لكن بمجرد وصول لارا للأرض احتضنتها الأم وهي تعتبر أن ما قامت به أكسبتها ثقة وجرأة لن تتمكن اكتسابهما من أي تجربة أخرى.

كانت لارا تراقب القافزين ببهجة، حضرت لمشاهدة خالها المشارك في المهرجان " فجأة قالولي في بنت كانت هتنط ومجتش أيه رأيك تجربي؟" لم تتردد الصغيرة لوهلة "حاجة ممتعة مالهاش وصف.. الشكل من فوق جميل أوي وافتكرت كل حكايات خالو المثيرة وجربتها بنفسي".

لغات مختلفة يصيح بها القافزون بعد العودة إلى الأرض، لكن شيئًا واحدًا يجمعون عليه باختلاف ثقافتهم وهو مشاهدة الأهرامات من أعلى، إذ كانت التجربة بالنسبة لهم حلم ذات يوم. انتظرت الإماراتية شيخة أحمد تلك اللحظة منذ 9 سنوات حين بدأت ممارسة تلك الرياضة "طيرت فوق بلاد مختلفة لكن مصر كانت أهم أمنية لي".

1312

لم يكن معهودًا أن تمارس فتاة تلك الرياضة؛ تتذكر شيخة أحمد حين بدأتها وهي في السادسة عشر من عُمرها "نادر لما كنا نشوف بنات عربيات وخليجيات، وكان بيتم استغرابنا"، لكن هذا شجعها لتكوين فريقًا نسائيًا يُحب تلك الرياضة باسم التماسك الرُباعي "4 بنات من دول عربية مختلفة جمعنا حُب القفز بالمظلات ومثلنا بلادنا في بطولات مختلفة"، تشعر الشابة الإماراتية بفخر حين يشاركن سويًا في بطولات دولية "بنشعر إننا بنمثل كل البنات العربيات، وبنتمنى إن بنات أكتر تنضم للرياضة خصوصًا إنها بتعلم القوة والصبر والاعتماد على النفس".

ببذلته الأنيقة فسفورية اللون كان كريم السيد، يستعد للتوجه للطائرة، استعدادًا للقفز، فيما يراجع مع أحد الشباب تعليمات القفز السليمة، فيما يعرف بالقفز الترادوفي/ المزدوج -مشاركة أحد الهواة القفز في مظلة واحدة برفقة أحد المدربين- أكثر ما يحرص عليه كريم هو ألا يحاصر القافز الهاوي بالخوف "ببساطة بقوله يخلي باله من 3 حاجات؛ إزاي يتعامل وقت القفز وفي الهواء والأهم لحظة النزول علشان ميعرضش جسمه لأي كسور".

في العام 2007 كانت بداية كريم مع القفز الحر على طريقة المحب، غير أنه قبل أربعة أعوام "خدت الموضوع جد شوية وخدت كورس مدرب" شارك في محافل كثيرة وسافر لعدة دول من بينها كينيا والإمارات وأمريكا وروسيا.

1415

في الجو تتبدد كل التجاعيد التي غزت جسد جو تايلور؛ يشعر حين يقفز بأنه لايزال الشاب العشريني نفسه الذي بدأ ممارسة تلك الرياضة "في السماء أشعر بأنني أتحرر من كل عبء". من مدينة هيوستن بولاية تكساس جاء الرجل السبعيني إلى مصر لأول مرة "طوال حياتي كنت أتمنى زيارة البلد، سعدت أكثر أنني حلّقت فوقها".

16

يتأمل مصطفى سعيد المشاركين بينما لا تغيب الضحكة من وجوههم، يستمع إلى امتنانهم للمرور بتجربة الطيران فوق الأهرامات، يقفون سويًا وكأنهم عائلة واحدة حتى وإن لم يتشاركوا نفس اللغة إلا أنهم يتشاركون الشغف ذاته للعبة "بتقربنا كلنا من بعض وبتلغي أي فروق بينا"، يسعد إذ تمكن مشاركة فئات مختلفة من القافزين من بينهم فائزين ببطولة العالم، فيتمنى الاهتمام أكثر بتلك الرياضة في مصر "ويبقى في منطقة إسقاط.. دي أكتر حاجة بناشد بيها المسئولين عشان يزيد عدد القافزين ونجذب سُياح أكثر".

17

فيديو قد يعجبك: