إعلان

"بيت التطوع".. حكاية أول مقر لمكافحة الإدمان بجامعة القاهرة

11:51 م الجمعة 13 سبتمبر 2019

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب - محمود عبد الرحمن:
مع دخولك محيط جامعة القاهرة، تحديدًا الساحة القريبة من كلية الآداب، يجذب انتباهك مجموعة من الشباب والفتيات يرتدون زياً موحدًا عليه بعض العبارات التحفيزية "إنت أقوى من المخدرات" يتجولون بين الطلاب لتوعيتهم بمخاطر الإدمان على الحياة. هؤلاء هم فريق "بيت التطوع" أول مقر لمكافحة الإدمان بجامعة القاهرة والجامعات المصرية، الذي تم افتتاحه حديثًا يوم الثلاثاء الماضي ليكون منارة للتوعية وجذب مزيد من المتطوعين الشباب لمواجهة انتشار ظاهرة المخدرات والقضاء عليها.

مقر صغير لونه الأبيض يستقر بالقرب من كلية الآداب داخل الجامعة، مكتوب على واجهته بيت التطوع مع شعار صندوق مكافحة الإدمان التابع لوزارة التضامن الاجتماعي، يضم بداخله ثلاث طاولات ومكتب تجلس عليه آلاء مجدي، إحدى المتطوعات، تستقبل الطلاب الذين يترددون على المقر لمعرفة طبيعة عمله، توضح لهم أنه مقر جديد تابع لصندوق مكافحة الإدمان لتقديم التوعية بمخاطر المخدرات.

1

قبل ثلاث سنوات، التحقت آلاء، الحاصلة على بكالوريوس الخدمة الاجتماعية بجامعة حلوان، بالعمل التطوعي، بعدما علمت إمكانية التطوع بالصندوق ضمن سنوات التدريب الميداني الذي تفرضه الكلية على طلاب الفرقة الثالثة والرابعة، أعجبتها فكرة التطوع بمجال مكافحة الإدمان، رغم وجود العديد من الأماكن الأخرى المتاح لها التدريب فيها كالمؤسسات الخيرية والتعليمية والمستشفيات، تقول الفتاة "أنا حبيت إني اتطوع في مكافحة الإدمان وخصوصًا إنها ظاهرة منتشرة".
خبرة كبيرة اكتسبتها الفتاة صاحبة الـ22عامًا، في مجال التوعية، والقدرة على الإقناع، من خلال الدورات التدريبية التي خضعت لها داخل الصندوق والتدريب الميداني والحملات، لذا تتلخص مهمتها بتصحيح الشائعات الخاطئة المتعلقة بالمخدرات والتعاطي "كنا عاملين حملة اسمها توصل بالسلامة للسائقين بنعرفهم المخاطر والأضرار".

الصورة الثانية

جوار إحدى الكليات، وقف بيشوى عيسى ضمن فريق المتطوعين وسط الطلاب، يشرح لهم طبيعة عمل المقر يطلب منهم الانضمام "إحنا شباب زيكم متطوعين في صندوق مكافحة الإدمان وعاوزين نعرفكم بمخاطر المخدرات" جملة ظل بيشوى، يرددها على الكثير من الطلاب، يقول: "وظيفتى كمتطوع أني أوصل رسالة الصندوق".

عن طريق أحد المجموعات عبر موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك" التابع للكلية، علم بيشوى بالتدريب الميداني بالصندوق، والمعتمد من كليته "حبيت الفكرة، وحسيت إنها هتنفع الناس بجد في إنهم يبتعدوا عن التدخين".

3

في الوقت الذي انشغل فيه أغلب المتطوعون بالمرور على مباني الكليات، لتوعية الطلاب، كانت رانيا محمد، تجلس مع مجموعة منهم داخل المقر، قرروا الانضمام إلى الفريق، تقول رانيا "في طلاب لما بيشوفونا بيكون نفسهم يشاركوا والصندوق بيوفر ليهم ده".
"أي حد عاوز يتطوع بيملى استمارة بعدها بيتحدد ليه ميعاد انترفيو في الصندوق" تستكمل رانيا، أنه من شروط الانضمام اجتياز تلك المقابلة الشخصية، لمعرفة هدف الشخص من التطوع، وفى حال قبوله يقوم الصندوق بعمل بعض الدورات التدريبية للطلبة، تتذكر لحظة انضمامها للمرة الأولى "مكنتش بعرف أتعامل مع حد لكن بعد الدورات بقى عندى القدرة على التعامل".

4

وحول طبيعة المقابلة الشخصية، يقول الدكتور إبراهيم عسكر مدير عام البرامج الوقائية بصندوق مكافحة الإدمان والتعاطى، إن هذه المقابلة من الأشياء المهمة التى نركز عليها لقبول الشخص الراغب في التطوع، نعرف من خلالها هدف هذا الشخص ومدى خبراته وإمكانياته في مجال التوعية، موضحًا بأن هناك إقبال شديد من الطلبة للتطوع في أنشطة الصندوق.

وفى حالة القبول يتم إعطاء الطالب مجموعة من الدورات التدريبية، أولها تعريفه بماهية التطوع وكيفية إدارته وما هي حقوق المتطوع وواجباته المختلفة، كما أن هناك تدريب يسمى اختر حياتك يتم تدريب المتطوع على كيفية حل المشكلات المختلفة التي تواجهه في الحياة ومواجهة الضغوط المختلفة، كما أنه يتعلم مجموعة من المهارات التي تساعده على التعامل مع المواطنين كمهارة التواصل والعمل الجماعي وتوصيل الفكرة إلى المتلقي بحسب اهتماماته المختلفة، هكذا فسر الدكتور إبراهيم عسكر.

5

"اتعلمت إن كل شخص ليه أسلوب معين في التوعية" تقولها وفاء مختار، متطوعة منذ ثلاث سنوات، خبرة كبيرة اكتسبها الفتاة صاحبة الـ22 عامًا، بعد خضوعها لدورات تدريبية مختلفة جعلتها تتقن فن التعامل مع المواطنين "الفترة دي علمتنى أتعامل مع كل شخص على حسب اهتمامه" تستكمل وفاء الحاصلة على بكالوريوس الخدمة الاجتماعية بجامعة حلوان، إنها تحدد أثناء حديثها مع كل شخص تتعامل معها التوعية التى يحتاجها، مثال "هناك شخص مُدخن ولكنه حريصًا على ماله، لذا يقوم المتطوع بتركيز التوعية بجانب خطورة التدخين على إنه مضيعة للمال".

كما تختلف التوعية للسيدات عن الرجال، موضحة أن ما يشغل النساء هو الاحتفاظ بجمالهم، لذا تكون التوعية للنساء بأن التدخين هو عامل أساسي في تغير الملامح إلى الأسوأ، فتكون هناك استجابة سريعة في تقبل الأمر والبعد عن التدخين.

6

لم يقتصر عمل المقر على توجيه التوعية فقط، بل يعتبر مركز بحثي متخصص في قضية مكافحة المخدرات، لما يحتويه على عدد من الكتب والمراجع المتخصصة، والذي يسمح للطلاب الراغبين في دراسة مكافحة المخدرات بالاطلاع عليها، تقول نيفين علاء، إحدى المتطوعات "أي طالب ممكن ييجى يقعد ويطلع على الكتب وكمان في شاشة بتعرض نشاطات الصندوق المختلفة".

مضيفة أن الصندوق قام بالإعلان عن مسابقة لأفضل عمل بحثي يهدف إلى مناقشة المستجدات الحديثة في قضية تناول تعاطي وإدمان المواد المخدرة، وإمكانية الوقاية من تلك المواد، وتحصل الأعمال على مبلغ مالي يبدأ من 5000 جنيه للمركز الأول، و1000 جنيه كحد أدنى للحاصل على المركز السادس وحتى العاشر.

7

"الشاب لما يلاقى حد في سنه بيكلمه وبينصحه بيستجيب للفكرة" بهذه الكلمات بدأت جوزفين رزق، موضحة أن هناك إقبال من الطلاب على الانضمام والتطوع بالمبادرة، وذلك يرجع إلى إستجابة الطلاب للتوعية من شباب في نفس أعمارهم.

ترى من وجهة نظرها بأن المدمن في الأصل يحتاج إلى من يقف بجواره، تتذكر موقف حدث معها عقب اجتيازها دورات الصندوق "بعمل توعية لحد بيشرب لقيته مقتنع جدًا بكلامي وفعلا بطل السجاير ودى حاجة تفرحني جدا".

8

"أنا بحب التطوع علشان هفيد الناس" قالها عبد الله عبد الناصر سوري الجنسية وطالب بالفرقة الرابعة بكلية التجارة، والذي بادر بملئ استمارة التطوع للانضمام إلى الفريق، ورغم أنها ليست المرة الأولى التى يقوم فيها الشاب صاحب الـ26 بأعمال التطوع منذ قدومه إلى مصر قبل ثماني سنوات، إلا أن لديه شغف بالمشاركة لكون الأمر مختلف "كنت متطوع في حملة ضد العنف بس حملة أنت أقوى من المخدرات أجمل وأقوى".

لسبب آخر اتخذ بلال صبحي المعيد بكلية الآداب قسم اليوناني قراره بالتطوع مع الفريق، بعدما لفت نظره المقر الجديد، ليبادر بسؤال الأشخاص المتطوعين عن ماهية المقر فيجاوبه أحدهم بكونه مقر جديد للتوعية بمخاطر التدخين والمخدرات، ليقرر بعدها الانضمام والتطوع في أوقات فراغه بنشاط الندوات ضمن تخصصات التطوع المختلفة "انا كمعيد اختارات الندوات علشان اعمل توعية للطلاب أثناء المحاضرات".

9

يقول الدكتور إبراهيم عسكر، أن الهدف من إنشاء أول مقر للمتطوعين داخل جامعة القاهرة، هو ارتفاع عدد المتطوعين، مما جعلنا نقوم بفكرة إنشاء هذا المقر، وتم اختيار جامعة القاهرة لكونها أقدم وأعرق الجامعات المصرية، ولضم العديد من الطلاب بالجامعة للمشاركة في مجال مكافحة المخدرات والتوعية والاستفادة منهم في عمليات الوقاية.
مضيفًا، أن الدكتورة غادة والي وزيرة التضامن الاجتماعي، قامت بتدشين أول مسابقة مالية لأفضل الأعمال البحثية بالتعاون مع بيت التطوع حول تقديم دراسات بحثية مختلفة في التوعية بمخاطر المخدرات، موضحًا بأن بيت التطوع سوف يقدم في الفترة المقبلة العديد من العروض المختلفة في عدة مجالات بالتعاون مع طلاب جامعة القاهرة.

فيديو قد يعجبك: