إعلان

الغربة مقابل العلم.. حكاية طلاب مدرسة "إيجيبت جولد للمجوهرات" بالعبور

06:33 م السبت 16 نوفمبر 2019

كتب - محمود عبدالرحمن:

فيديو - أحمد السهيتي:

منتصف سبتمبر الماضي، حملت فرحة ناصر، 15 عامًا، حقيبة سفرها، من محل إقامتها بإحدى القرى الصغيرة بمحافظة أسوان، رفقة والدها متجهة إلى القاهرة، للخضوع لاختبارات القبول بمدرسة "إيجيبت جولد"، أول مدرسة متخصصة في "صناعة الحلي والمجوهرات" في مصر، لم يكن قرار الرحيل والبعد عن أسرتها لأول مرة أمرًا سهلًا، لكن شغفها بالدراسة جعلها تقرر أن تتحمل مرارة الغربة.

فرحة إحدى 200 طالب وطالبة تم قبولهم كأول دفعة بمدرسة "إيجيبت جولد" بالعبور، بعدما اجتازوا اختبارات القدرات والمقابلات الشخصية التي وضعتها "وزارة التربية والتعليم"، من بين ألف طالبٍ وطالبةٍ قدموا من مختلف المحافظات بحسب ما أعلنته الوزارة.

الصورة-الأولى
"لما شفت الإعلان بتاع المدرسة قلت لازم أقدم فيها"، تقولها فرحة الحاصلة على الشهادة الإعدادية من مدرسة فاطمة الزهراء بأسوان، تتذكر المحاولات العديدة؛ لإقناع أسرتها بالدراسة في القاهرة بمفردها في سن صغيرة، وتقول: "بابا كان بيقولي إزاي هتسافري وتعيشي لوحدك"، إلا أن الأسرة رضخت لرغبتها: "جيت وعملت اختبار القدرات في جميع المواد بجانب مقابلات شخصية"؛ لتُفاجأ الأسرة بعد أيامٍ بقبول ابنتهم، "كنت هطير من الفرحة بس كمان كنت زعلانة عشان هكون بعيدة عن أهلي".

الهدف من إنشاء مدرسة "إيجيبت جولد للتكنولوجيا التطبيقية"، هو إعداد خريجين مؤهلين في صناعة "الحلي والمجوهرات"؛ للمنافسة في السوق المحلية والدولية، بالتعاون مع "وزارة التربية والتعليم"، التي اهتمت في الفترة الأخيرة بـ"المدارس التطبيقية"، بحسب رأفت نصار، أحد مؤسسي "إيجيبت"، موضحًا أن مجال "صناعة المجوهرات" يعتمد بشكلٍ كبيرٍ على الأعمال اليدوية.

ويضيف أن الشركة استعانت بالعديد من "الطلاب المتسربين من التعليم"، والذين تم تأهيلهم للعمل بحقل "صناعة المجوهرات".

الجراف-الأول

"أنا مش بعرف أنزل عشان مفيش إجازات عندنا غير الجمعة"، تقولها هدى محمد، التي تقيم في سكن خارجي بالحي التاسع بمنطقة العبور برفقة خمسة من زملائها بنفس المدرسة، نظرًا لبعد محل إقامتها تقول: "البعد عن الأهل صعب بس الدراسة بتهون علينا شوية".

من إحدى القرى التابعة لمحافظة بني سويف، قدمت هدى محمد، للالتحاق بالمدرسة، أعجبتها فكرة تعلم "صناعة المجوهرات" بأنواعها المختلفة، تقول هدى: "كان عندي فضول أدرس "صناعة المجوهرات" بخلاف معرفتي العادية المقتصرة على الاستخدام"، لم يشغل الفتاة صاحبة الـ14 عامًا، البعد عن أسرتها والسفر إلى القاهرة قلت: "هكلمهم دايمًا على الموبايل وده يعوض"؛ لتجد نفسها تشتاق إلى الجلوس معهم أكثر: "بخلى أمي تيجي كل أسبوعين تقعد معايا".

23

تتكون مدرسة "إيجيبت جولد" من مبنيين؛ المبني الأول يحتوي على ثلاثة طوابق، ويضم 13 فصلاً دراسيًا، بنظام تعليمي حديث باستخدام تقنية عرض الصوت والصورة عن طريق الشاشات، وتنقسم الدراسة إلى ثلاثة محاور أساسية وهي: العلوم الأساسية والثقافية، والعلوم الفنية في مجال التخصص، والتدريب العملي بشركات ومصانع "إيجيبت جولد"، بينما يحتوي المبنى الآخر على: عدد من الورش مزودة بالعديد من الأجهزة؛ لتدريب الطلاب عمليًا.

تقول هالة صالح، مسؤول شؤون الطلاب بالمدرسة، نظام التعليم يختلف عن نظام الدراسة بالمدارس الأخرى؛ وذلك لكون المدرسة تعتمد بشكلٍ كبيرٍ على الجانب العملي، موضحة أن الطالب يجرب ويتعامل يدويًا مع كافة ما يشرح له نظريًا وتطبيقه.

الصورة الرابعة

عبر إعلان على إحدى القنوات الإخبارية، علمت منة الله خالد، المقيمة بمحافظة السويس، بفتح باب القبول للمدرسة، ازداد شغفها، فقررت التقدم، تخلت عن دراستها بإحدى المدارس الثانوية للالتحاق بـ"إيجيبت جولد"، "كان عندي فضول أعرف نظام الدراسة وخصوصًا دي حاجة جديدة".

"كنت خايفة أترفض من المدرسة عشان أنا مش حديث تخرج، "تستكمل منة الله صاحبة الـ17 عامًا، تقول"، دخلت امتحان القدرات وكمان الإنترفيو، وربنا كرمني" تتمنى الفتاة أن توفر المدرسة سكنًا للطلاب في الفترة المقبلة تخفيفا للمصاريف.

بداخل إحدى المباني حيث توجد "الورشة الفنية"، وقف سعيد أحمد، مسؤول التدريب الفني، بجوار مجموعة من المدربين يرتدون زيًا موحدًا، مهمتهم تدريب الطلاب عمليًا على مراحل تصنيع وتشكيل المجوهرات، والتي من أهمها مرحلة التصميم والسبك والتجهيز والحقن وتركيب الأحجار على الشمع، يقول سعيد: "هنا ورشة مصغرة تشبه الورش بالمصانع، من خلالها يتعلم الطالب جميع مراحل تصنيع المجوهرات".

مدرسة الحلي

قبل عشرين عامًا، يعمل سعيد صاحب الـ49 عامًا، بشركة "إيجيبت جولد"، بداية من عمله مساعدًا فنيًا حتى وصوله إلى رئيس قسم السبك المركزي بالشركة، يقول سعيد: "تصنيع الذهب يحتاج إلى تركيزٍ عالٍ"، يشرح الرجل آلية التدريب العملي للطلاب، والتي تبدأ بجانب نظري الشرح فيه عن ماهية الذهب وأنواع العيارات وكيفية تحويلها، "في بداية الأمر بشغل فيديوهات للطلاب عن المراحل المختلفة عشان الطالب لما يشتغل بإيده يكون اكتسب خبرة".

"العملي والتدريب في المدرسة يشجعني على الحضور"، قالها أبانوب مدحت، الذي ترك أسرته بمحافظة المنيا بعدما تم قبوله في المدرسة: "المدرسة حاجة جديدة وكمان مختلفة عن أي مدرسة تانية"، يتذكر الشاب صاحب الـ15 عامًا، وقت دخوله المدرسة للخضوع لاختبارات القبول وانبهاره بطراز المدرسة المعماري، يعجبه نظام التعليم لكون أغلبه يعتمد على الجانب العملي في الورش الخاصة بالمدرسة أو مصانع الشركة: "بكون فرحان جدًا لما أروح الشركة للتدريب".
يقيم الشاب في إحدى الشقق السكنية بالحي التاسع بالعبور، مع العديد من زملائه من عدة محافظات، جمعتهم الدراسة: "إحنا كلنا في المدرسة هنا وبنروح وبنيجي مع بعض".

الصورة الخامسة

في أحد جوانب الورشة كان هناك مجموعة من المشغولات الفضية التي صنعها الطلاب داخل الورش بإشراف المدربين: "الطلاب هنا متفوقون وفي خلال شهر ساعدوا في عمل منتجات"، قالها علاء محمد، مسؤول تركيب الأحجار على الذهب، المرحلة الثالثة من مراحل التصنيع، موضحًا أن آلية التدريب بالمدرسة تجعل هناك استيعابًا كبيرًا من قبل الطلاب: "في العملي بنشتغل قدام الطلاب، وبنعيد المرحلة كتير لحد ما الطلاب يستوعبوا".

فيديو قد يعجبك: