إعلان

بالزخارف والخط العربي.. هواة يكتشفون الفن الإسلامي في السلطان حسن

12:23 ص السبت 19 يناير 2019

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتابة وتصوير- شروق غنيم:
كان مشهدًا آخاذًا؛ من يتفحص المكان لأول مرة ويتلمّس عبق الحضارة الإسلامية. في صَحن مسجد السلطان حسن أخذّ المهندس مصطفى صدقي، من مؤسسة مملوك، يشرح كيف اكتملت العمارة الإسلامية في هذا الصِرح، قرابة سبع سنوات استغرق بناؤه ليكون ذروة المعمار الإسلامي "واللي بيتضرب المثل بيه في أي مكان".

1

مع بداية العام الجديد؛ اتبعت مؤسسة القلم المهتمة بالخطوط العربية منهجًا جديدًا، تنظيم جولات ميدانية مفتوحة لمن يُكِن شغفًا للتراث الإسلامي. بدأتها بـ"كُتّاب السلطان" حيث يجتمع قرابة عشر شخص مع المدرب إسلام رمضان ليعلمهم فنون الخط العربي أسبوعياً بشكل مجاني، فيما انطلقت اليوم لأول مرة في عالم اكتشاف الفن الإسلامي بالتعاون مع مؤسسة مملوك، من خلال زيارات لأهم الأماكن المعمارية، كما يحكي محمد وهدان عضو الفريق لمصراوي.

2

مع عام 2015؛ دشّن ثلاثة شباب مؤسسة القلم لتعليم الخط العربي، من الصفر بدأت رحلة الثلاثي، بحثوا عن طرق لتطوير فكرتهم، تعاونوا مع خطاطين مشهورين ليعرفوا من أين يُمكنهم البدء، حتى بات معهم أسماء مهمة في عالم الخط العربي مثل شيخ الخطاطين خضيري البورسعيدي، بينما تأسست "مملوك" في يوليو العام الماضي، لإعادة نشر الفن الإسلامي، وإحياء تصميماته على منتجات مختلفة.

عبر الموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" انتشرت الفعالية، وجدت طريقها إلى طُلاب الهندسة، وهُواة يحبون الفن الإسلامي، وفتيات من الفيوم لم تعرف يداهن الخط العربي من قبل، فيما لم تخطُ أقدامهن مسجد السلطان حسن "بنشوف صوره ليه لكن عمرنا ما جينا هنا".

3

رأت جهاد طِلب، خريجة كلية دار العلوم الفعالية، حركت بداخلها حب قديم للخط العربي واكتشاف الزخارف الإسلامية، أخبرت صديقاتها سريعًا بضرورة السفر من أجل الحدث، لكن مُهِمة ٌإقناع أسرهن بالمجئ لم تكن باليسيرة "كانو بيوافقوا ساعات بالعافية وقت الدراسة"، غير أن الإلحاح كان له عظيم الأثر "في منهم اللي وافق قبل ما نيجي بكام ساعة".

عادت الفتيات السبع إلى أجواء الرحلات؛ استيقظن من الخامسة ونصف صباحًا "وجينا قبل الفعالية لفينا في الحسين والمعز عشان نزور مساجد تانية". بدأت الفعالية في الواحدة والنصف ظهرًا، وأمام قرابة خمسة وأربعين شخصًا ألقى صدقي محاضرة داخل مقر مؤسسة القلم بحي الخليفة، تضم أساسيات التصميم الإسلامي، القواعد الرئيسة التي تمكنهم مناستيعاب قواعده "واللي هتخليهم يقدروا يعرفوا التصميم ده صح ولا غلط".

4

ما إن انتهت المحاضرة، انطق الفريق إلى مسجد السلطان حسن المُقابل للمؤسسة "حابب ميبقاش الكلام نظري بس ويشوفوا بنفسهم". داخل المسجد كانت وفودًا من أماكن شتّى، ملامح أسيوية وأخرى أوروبية تتجول في المكان الأثري، أمارات الدهشة على وجوههم فيطالعون أدوات التصوير لتوثيق اللحظة، فيما يمتلأ صدقي فخرًا من المشهد "ده مش مجرد زخارف أو تصميم، لكن هوية وتراث مصري مهم".

كان محمود طارق وأمجد محمد مشدوهين لما يقوله صدقي، يدونون في ورقة ما يُحكى، وحين جاءت لحظة التطبيق العملي، أخرجوا سريعًا الأدوات الهندسية "حاجة أساسية في شنطة المهندس". لازال يدرس الطالبان العمارة "لسة في أولى كلية بس حابين نلّم بتفاصيل مختلفة".

5

يبحث الثنائي عن فعاليات مهتمة بالمجال "الكلية علمتنا نعتمد على نفسنا في التعليم"، لذا لم يفوتا الفرصة رغم ارتباطهما بموعد امتحان في الغد. داخل المسجد تجوّل الطالبان، يحمل أمجد كاميرا صغيرة يلتقط بها التفاصيل التي تجذبه، اعتاد على ذلك في كل "نزولة لمكان أثري، عشان أحفظ الشكل اللي عاجبني"، فيما لا تخلُ حقيبة طارق من كراسة، كلما توقّف أمام صرِح أثري "أطلعها وأرسم، بقى عندي أرشيف كبير لأماكن كتير زورتها".

أراد فريق القلم أن تتوسع قاعدة المؤسسة، يمر الجمهور العام بالتجربة، ويكسر الحاجز بينهم والتراث أو الخط العربي "الموضوع بسيط محتاج خط كويس وكتابة مظبوطة" وشخص تنفتح أذناه لما يُقال ويتسع قلبه لحب التراث "عشان كدة عملنا الجولة، ولقينا فعلًا اللي من صيدلة بيسجل وتخصصات تانية، بس نفسهم يحضروا ويسمعوا".

6

منذ صِغره أحّب عمرو عسكر التاريخ، مادته المفضلة في كل صف داراسي، أراد أن تُصبِح وجهته، لكن في اللحظة الحاسمة لم يستطع تنفيذ رغبته "أهلي صمموا أدخل علمي"، رغم ذلك لم يتخلَ عن شغفه. يتذكر في الصف الثاني الثانوي حين "زوّغ" لأول مرة من المدرسة "روحت القلعة وكنت مبسوط جدًا، خلصت ورجعت على البيت في ميعاد مِرواح المدرسة".

ظل صاحب الثمانية عشر عامًا محتفظًا بحبه للتاريخ، حتى بدأ دراسة الهندسة فاختار العِمارة، لم تختلف كثيرًا عما أراده "المعمار الإسلامي حقق لي اللي كنت عاوزه"، لذا ما إن رأى الفعالية وأصّر على حضورها رغم اكتمال عددها "كلمت المُنظِم وفضلت أقنعه إني آجي لحد ما وافق".

7

بعد زيارة مسجد السلطان حسن عاد المشاركون إلى مؤسسة القلم، يُكمِلون رسم النجمة الثمانية التي تعلموها في المحاضرة "دي وحدة بسيطة موجودة في مجموعة السلطان قلاوون في شارع المعز، بيرسموها ويكرروها في شبكة كاملة". قرر صدقي تعليمهم قاعدة بسيطة "لإن السلطان حسن معقدة شوية".

في نهاية اليوم أدركت فتيات الفيوم مساحة مختلفة "متعودين خروجاتنا تبقى في كافيهات مثلًا، لكن أول مرة نروح مكان تاريخي"، يمتّن عسكر للفرصة التي منحته إياها مؤسسة القلم، يتجدد الأمل في نفس صدقي صاحب الأربعة وثلاثين عامًا حين يُقبل أحد طلاب مؤسسة مملوك على إنشاء مشروع خاص بالزخارف الإسلامية، فيما يسعد وهدان بانتهاء اليوم بسلام وبإضفاء تجربة جديدة على المشاركين، فيما يطل مقر المؤسسة على مسجد السلطان حسن، فتتشبع عيناه بتفاصيله دائمًا.
8

فيديو قد يعجبك: