من أول محطات خط "شبرا".. كيف يتعامل الرُكاب مع زيادة أسعار المترو؟

كتبت- شروق غنيم:

داخل محطة شبرا الخيمة، تضع إحدى روّاد المترو حقيبتها على الجهاز الآلي، لكن الحقيبة تظل ساكنة دون حركة؛ بسبب عطل الجهاز، يطلب منها أحد أفراد الأمن التقدم لفتح حقيبتها، يجول بنظره داخلها، ثم يجعلها تنصرف، تتمتم بصوت خفيض "أومال بتغلو التذكرة ليه؟". تشخص عيناها داخل المكان في ثالث أيام ارتفاع أسعار تذاكر المترو، في انتظارها ثلاثة طوابير طويلة مُقسّمة حسب الفئات، فيما تتنتشر قوات الأمن بكثافة بزيّ ميري ومدني داخل المكان.

يملأ صوت الرسالة المُسجلة المحطة، تُعاد مرارًا دون انقطاع "حرصًا على تقديم أفضل خدمة ممُكنة لحضراتكم، لقد تَقرر نظام تعريفة جديدة"، يعقبها شرح لتفاصيل القرار الجديد، فيما لا تزال حركة الرُكاب مُرتبكة أمام شِباك قطع التذاكر "هو اللي عاوز يروح السادات يدفع كام؟".

بدءا من الجمعة الماضية، أول من أمس، رفعت وزارة النقل أسعار تذاكر قطارات مترو الأنفاق في القاهرة وصلت لنسبة 250 في المئة، في ثاني زيادة في أسعار التذاكر خلال أقل من عام، حيث أصبحت سعر التذكرة الواحدة لمسافة تسع محطات سيبلغ ثلاثة جنيهات وخمسة جنيهات لمسافة 16 محطة، وسبعة جنيهات لأكثر من 16 محطة.

في منتصف صباح اليوم، لفت حضور اللواء محمد الألفي، مدير مباحث مديرية أمن القليوبية، أنظار روّاد المترو، تتجه الرؤوس المُصطفة أمام شبابيك التذاكر صوبه، تتفحّص تزايد أفراد الأمن من حوله وفي أنحاء المكان، فيحكي أحدهم "ده أكيد عشان المشاكل اللي حصلت إمبارح"، بينما يعود أدراجه ليبحث عن "فكّة".

أمام شِباك التذاكر حمراء اللون فئة السبع جنيهات، يقف مينا –اسم مستعار: "أنا باخد المترو من أوله، وعشان دي محطة رئيسية متعوّد على الزحمة، بس أول مرة أحس إن اللي واقفين عند التذاكر أكتر من اللي على الرصيف"، يُرجع الشاب الثلاثيني الأمر إلى أن القرار لازال جديدًا "والموظفين نفسهم لسه مش واخدين على النظام الجديد".

حين قرأ مينا عن الزيادة الجديدة "افتكرتها في الأول إشاعة لحد ما جيت قطعت تذكرة تاني يوم واتعوّرت في سبعة جنيه"، حيث كان يدفع الرُكاب سابقًا جنيهين في شبكة المترو التي تعمل بنظام التذكرة الموحدة، حتى لو غيروا القطار، وبمعزل عن عدد المحطات في رحلتهم.

يشترك بعض الرُكاب في الحديث، يذكرون ما قرأوه على مواقع التواصل بشأن ما حدث بالأمس في محطتي المرج والسادات "الناس من خنقتها مش عارفة تعمل إيه"، فيما يرد مينا بأنه "أنا بالنسبة لي المترو أفضل وسيلة مواصلات، ومش عارف لسة إزاي المُرتب هيستحمل 14 جنيه يوماتي، بس مفيش بديل".

وكانت موجة غضب قد اندلعت أمس السبت في عدد من محطات مترو الأنفاق، وقال مصدر أمني لمصراوي إن شرطة النقل والمواصلات احتجزت ما لا يقل عن 10 أشخاص "إثر بعض الشغب"، فيما أكد على أن "قوات الشرطة تتعامل بدرجات ضبط النفس تقديرًا لغضب المواطنين، بينما أشار إلى اتخاذ الإجراءات القانونية تجاه "المنفلتين"، ومن تطاولوا على ماكينات المترو.

داخل عربة السيدات، يسود السكُون، يشّق القطار طريقه تجاه المحطات الكائنة تحت الأرض، يتقافز فتى ليرى المشهد من نافذة المترو، يقطع الصمت مناداة إحدى البائعات على مُنتجاتها "2 مقوار للمحشي بخمسة جنيه"، تتنّدر إحدى الجالسات "أرخص من تذكرة المترو"، لا يُعقّب أحد على كلماتها، تنزل البائعة في المحطة التالية فيعود الهدوء داخل المكان.