ابتدعه عبد الناصر و''حبسه'' مبارك و''أفرج عنه'' مرسي.. عن ''رجل المخابرات'' نتحدث !
كتبت - إشراق أحمد:
يعتبره الكثير ''الصندوق الأسود'' الذي يحمل العديد من الأسرار، والمنتمي له هو ''الرجل الغامض'' الذي ربما لا يعرف اسمه الكثير، فيأتي ويذهب دون أن يُعرف عنه إلا أقل القليل؛ حيث ظل بعيداً عن الضوء منذ أن أصدر الرئيس جمال عبد الناصر قرار إنشائه عام 1954، وعندما أعلن عن ظهوره لاحقته علامات الاستغراب وإثارة التساؤلات والجدل أيضاً .
فبعد مرور ما يقرب من 58 عاماً من الغموض؛ منذ ابتكار هذا المنصب فى عهد عبد الناصر والذى ظل غامضاً فى ولاية السادات، وأصبح ''حبيس'' معرفة مبارك ورجال نظامه فقط طوال العقود الماضية، يظهر لأول مرة رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية ليدلي بقسم استلام مهامه أمام أيضاً أول رئيس منتخب، لتصبح كلمة ''أول'' هى التعبير السائد على اللحظات الأولى لتعيين اللواء ''محمد رأفت شحاته''، فعلى الرغم من كونه يحمل رقم ''18'' في قائمة رؤساء جهاز المخابرات منذ إنشائه، إلا أنه أول من يتولى هذا المنصب من داخل الجهاز ذاته، بعد أن كان التقليد هو اختيار رئيس جهاز المخابرات من بين رجال وزارة الدفاع، وأيضاً هو أول رئيس مخابرات يشاهده الشعب المصري يدلي بالقسم وينقله التليفزيون المصري وغيره من القنوات ''ع الهواء'' .
وذلك بعد أن ظل ''رجل المخابرات'' حبيس معرفة رئيس الدولة وكبار القيادات فقط، باستثناء أسماء قليلة كاللواء ''عمر سليمان'' الذي ظهر بشكل أوضح بعد الثورة عندما تولى منصب نائب الرئيس، واللواء ''مراد موافي'' الذي اعتبر البعض إقالته أنها كانت التمهيد لإسقاط الحكم العسكري .
ولم يكن هذا مصدر الجدل الذي حدث بعد إدلاء ''شحاتة'' للقسم، بل ظهوره واضعاً يده على المصحف ومردداً قسم اختلف عن ذلك القسم التقليدي الذي يؤديه كل من يتولى منصب بالدولة بدءاً من رئيس الجمهورية إلى نائب مجلس الشعب والشورى، والذي لا يتعدى السطرين، ليزداد التساؤل والجدل مع سماع كلمات القسم هذه ''وأن يكون ولائي كاملاً لرئيس الجمهورية وجهاز المخابرات العامة ...'' .
حتى أن المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية ''ياسر على'' خرج ليكتب على موقع التواصل الاجتماعي '' تويتر'' في محاولة للتوضيح أن ذلك القسم '' مختلف عن قسم كل رجال الدولة وأنه تم العمل به منذ عام 1972 في عهد الرئيس السادات ''.
وعلى الرغم من عدم وجود نص صريح بالقانون يحدد صيغة القسم ولأنها المرة الأولى التي يقسم فيها رئيس جهاز المخابرات أمام الكاميرات ويراه الناس، فإنه غير معروف سوى أن المادة ''9'' في قانون رقم 100 لسنة 1971 بشأن المخابرات العامة توحي بالولاء لرئيس الجمهورية؛ حيث تنص على أن ''رئيس المخابرات العامة مسئول عن تأمين المخابرات والمحافظة على المعلومات ومصادرها ووسائل الحصول عليها وله أن يتخذ في سبيل ذلك الإجراءات الضرورية والمناسبة، ولا يجوز له الإدلاء بأي معلومات على الإطلاق إلا بإذن من رئيس الجمهورية أو مجلس الدفاع الوطني''.
هكذا أكد سامح سيف الدين اليزل - الخبير الاستراتيجي - أنه غير منصوص على هذه الصيغة لكن قانون 100 لسنة 71 به ما ينص على الولاء لرئيس الجمهورية قائلاً ''هذا طبيعي''.
وأوضح اليزل ''أن ما حدث تقليد جديد لم يكن معمول به من قبل في تاريخ مصر من أن يتم نشر صورة إعلامية لتسلم رئاسة الجهاز، وأن يكون القسم على المصحف''، معتبراً أنه تقليد سيستمر.
ورأى أن الجدل الذي حدث ''لأن الناس لأول مرة ترى ذلك ''، مشيراً إلى أن القسم لا يرتبط بصلاحيات رئيس المخابرات وليس بالضرورة أن يعني تغيرها، فالموضوع تكليف بملفات خاصة، على حد قوله.
وأكد أحمد عبد ربه - أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة - قائلاً: '' كان من المفترض في البداية أن توضح مؤسسة الرئاسة الأمور، خاصة وأنها تحدث لأول مرة ولا ننتظر ''تويتر'' ليقول لنا، حتى دون تفاصيل باستثناء أن القسم متبع منذ عهد السادات وهذا يجوز خاصة ولم يرى أحد من قبل رئيس المخابرات يظهر على التليفزيون لكن لا أحد يعلم شيء'' .
ورأى'' عبد ربه '' أن موضوع الولاء لرئيس الجمهورية به بعض المبالغة؛ حيث أن تقديم قسم الولاء للوطن بقوله '' اقسم بالله العظيم وبكتابه هذا أن أكون مخلصاً لجمهورية مصر العربية مؤمنا بمبادئها وأن اعمل جاهداً على تحقيق أهدافها وخدمة شعبها'' على الولاء للرئيس والذي لا يعني بالضرورة '' إلا إذا تم الاحتكام للنوايا، أنه لشخص الرئيس لكن لجهاز مؤسسة الرئاسة، يُحل المشكلة''، على حد قوله .
وعن حمل رئيس المخابرات ''للمصحف'' أثناء القسم أكد عبد ربه أنه إذا كان تقليداً جديدة في مصر إلا أنه ليس جديداً في دول العالم ليس فقط في بعض الدول العربية لكن الدول الأجنبية؛ ففي أمريكا يقسم الرئيس على الدستور، وفي جورجيا وغيرها من الدول يقسم الرئيس على الإنجيل '' فلا داعي للذعر والاستغراب أو الخوف''.
وأشار '' عبد ربه'' أنه على الرغم من كون مهمة جهاز المخابرات أو الأمن القومي استشارية تقتصر على تقديم البيانات والتقارير للرئيس، فلا يحق له أن يملي عليه اتخاذ القرار، إلا أن الصلاحيات لازالت غير واضحة خاصة لما كان له أيام ''مبارك '' من صلاحيات واسعة، لذلك يبقى الأمل في الدستور الذي يجب أن يحدد صلاحيات جهاز المخابرات .
فيديو قد يعجبك: