إعلان

الأزهر والكنيسة.. وحدة وطنية على مر العصور

06:11 م الخميس 05 يناير 2017

الأزهر والكنيسة

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب ــ محمود على:

اتسمت العلاقة بين مؤسسة الأزهر والكنيسة بمصر، على مدار التاريخ بالتوافق، والقوة. وضرب تأصل العلاقات بجذوره منذ ثورة 1919 حينما قاد الشيخ محمد عبداللطيف دراز مسيرة للأزهر الشريف، وخطب وقتها من الكنيسة القبطية، فى خطوة دلت على تجذر العلاقات بين المؤسستين الإسلامية والمسيحية.

ولم تشهد العلاقات يومًا أي تغير على مر الأزمنة، ففي الوقت الذى كان يتعرض فيه الأزهر لبعض الأزمات، كانت الكنيسة تقف مدافعة عنه والعكس صحيح.

بدأت العلاقة بين الأزهر والكنيسة تتميز، فى أعقاب ثورة 19، إذ خرج الأزهر منددًا بالاستعمار، ويهتف شيوخه عاش الهلال مع الصليب، الدين لله والوطن للجميع، وألقى القمص جرجيوس خطابا فى الأزهر، وألقى شيوخ الأزهر خطابات فى الكنائس".

في أحداث الثورة العرابية، أصدر السلطان العثماني إعلانًا بعصيان الزعيم أحمد عرابي وخروجه على طاعة السلطان، ووضع الأزهر والكنيسة بقيادة البابا كيرلس وكل المصريين أيديهم في يد عرابي ضد الجيش الإنجليزي القادم لاحتلال مصر بحجة حماية الخديو، وهنا لم يهتم البابا كيرلس بديانة الإنجليز، بل اعتبرهم غزاة طامعين فى خيرات بلاده، ونادى أبناءه بالتوحد خلف عرابى ومقاومة الغزاة الإنجليز.

وفى عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، لوحظ الدور الكبير الذى يقوم به الأزهر، خاصة فى أفريقيا وآسيا سواء من خلال البعثات التعليمية للأزهر،وكذا الكنائس التابعة للكنيسة المصرية فى أفريقيا وخاصة إثيوبيا، في ظل العلاقة القوية التى نشأت بين البابا وإمبراطور إثيوبيا هيلاسلاسى فى ذلك الوقت.

وفي بداية الستينيات كانت الكنيسة القبطية بدأت تستعيد مكانتها العالمية، وكانت الوفود تأتي إليها من مختلف أنحاء العالم، وبدأ البابا كيرلس يفكر في بناء كاتدرائية جديدة تليق بمكانة وتاريخ مصر والكنيسة ووافقه الرئيس عبد الناصر، وقرر مساهمة الدولة في المشروع بقيمة مائة ألف جنيه، وكانت مبلغًا ضخمًا فى هذا التوقيت.

وتبرع أبناء الرئيس أنفسهم وكانوا أطفالًا صغارًا فى ذلك الوقت بمصروفهم للمساهمة فى البناء، ولم يكن مشروع بناء دينى فقط ولكنه كان مشروعًا وطنيًا فى المقام الأول، وذهب الرئيس بنفسه ليضع حجر الأساس للكاتدرائية المرقسية بالعباسية فى احتفالات يوليو عام 1965، لتتلاقى المناسبة الوطنية مع المناسبة الدينية.

ومرت العلاقة بين الأزهر والكنيسة، بمرحلة تاريخية فى السبعينيات عندما رفض البابا شنودة الثالث زيارة القدس إلا ويده فى يد شيخ الأزهر، ليصبح مضربًا للأمثال فى الوحدة الوطنية بل العربية أيضًا، على الرغم من أن هذا الموقف قد جلب عليه متاعب كثيرة داخليًا وخارجياً.

وكانت للمواقف الوطنية، للبابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية السابق، أثرًا طيبًا فى نفوس الكثير من الأزاهرة، جعلته يرتبط بالعديد منهم بعلاقات طيبة أبرزهم الشيخ متولى الشعراوي التى كانت مقابلتهم الشهيرة حديثًا للجميع لما اتسمت به من ود ومحبة، والدكتور حمدى زقزوق، وكذلك الدكتور على السمان، إلا أن صداقته العميقة مع شيخ الأزهر الراحل فضيلة الشيخ الدكتور محمد سيد طنطاوى كانت خير مثالصا للصداقة الحقيقية بين رجلين تربعا على قمة مؤسستي الأزهر والكنيسة، مما جعل البعض يؤكد أن علاقة الرجلين تشبه احتضان الهلال والصليب.

وحينما توفى الدكتور محمد سيد طنطاوى شيخ الأزهر السابق عام 2010، أقام البابا مؤتمرًا صحفياً كبيرًا نعى فيه صديقه العزيز، وظهر التأثر واضحًا على البابا فى مشهد يدل على عمق الصداقة بينهما.

بعد ثورة 25 يناير برز الدور الوطني للمؤسستين، مما جعلهما مستهدفين من الجماعات المتطرفة، الذين أرادو القضاء على الدور الوطنى لهما عن طريق الوقيعة بين المؤسستين.

وقال الدكتور عبدالمنعم فؤاد عميد كلية العلوم الإسلامية للوافدين، عضو بيت العائلة المصرية، إن العلاقة بين شيخ الأزهر والكنيسة المصرية متميزة على مر العصور، ولم يحدث أن توترت يومًا ما.

وأضاف فؤاد فى تصريحات خاصة لمصراوى، أنه نظرًا لمتانة العلاقة بين الأزهر والكنيسة، رأى الإمام الأكبر والبابا تواضروس ضرورة إنشاء بيت العائلة المصرية، ككيان يضم المؤسستين، ويدل عل الوحدة والمحبة بين المصريين.

وفى الـ3 من يوليو عام 2013، أعلن المشير عبدالفتاح السيسى آنذاك عزل الرئيس الأسبق محمد مرسى، وبجانبه الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، والبابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية، ما يدل على التلاحم التام بين المؤسستين.

وطبقا للعلاقة الوطيدة بين الأزهر والكنيسة، قرر الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب والبابا تواضروس تشكيل بيت العائلة المصرية، ليكون فضا للنزاعات التى قد تنشأ فى بعض الأحوال بين المسلمين والمسيحيين.

من جانبه، قال الشيخ جابر طايع يوسف، رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف، إن علاقة الأديان بعضها ببعض فى مصر تعد نموذجًا يحتذى به فى العالم كله، وتجربة فريدة من نوعها للمواطنة، مع اختلاف الأديان واتفاق الأرواح والأبدان.

وأضاف فى تصريحات خاصة لمصراوى، أن العلاقة بين الأزهر والكنيسة يسودها المودة والحب، مشيرًا إلى أن المؤسسات الدينية فى مصر تعمل من أجل نهضة الوطن ووحدة الأمة.

ولفت رئيس القطاع الدينى بوزارة الأوقاف، إلى أن العلاقة بين المؤسسات الدينية فى مصر، تثبت أن الأديان جميعًا خرجت من مشكاة واحدة.

فيديو قد يعجبك:

لا توجد نتائج