سر نووي.. لماذا يسعى ترامب لاستعادة قاعدة باجرام وهل تشعل صراعًا مع طالبان؟
كتب : سهر عبد الرحيم
دونالد ترامب
هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أفغانستان بأن أمورًا سيئة ستحدث إذا لم تُعيد قاعدة "باجرام" الجوية، التي انسحبت منها الولايات المتحدة عام 2021، قائلًا "نحن نتحدث الآن مع أفغانستان، ونريدها أن تعود قريبًا. إذا لم تفعلوا ذلك، فسوف تكتشفون ما سأفعله".
وأكدت حركة طالبان رفضها لتصريحات الرئيس الأمريكي، موضحة أنه لا يمكن التفاوض بشأن استعادة الولايات المتحدة لقاعدة "باجرام". كما شددت على أنها "لن تفرط في أي شبر من الأراضي الأفغانية لأي جهة كانت".
أما عن سبب اهتمام الرئيس الأمريكي بـ"باجرام"، فيعود إلى أن القاعدة الجوية "تقع على بعد ساعة واحدة من المكان الذي تصنع فيه الصين أسلحتها النووية"، وفق ما قاله ترامب للصحفيين على متن الطائرة الرئاسية يوم الخميس الماضي.
وردت الصين على تصريحات الرئيس الأمريكي، إذ قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، لين جيان، إن بلاده "تحترم استقلال أفغانستان وسيادتها وسلامة أراضيها"، وأن مستقبل أفغانستان يجب أن يقرره شعبها"، مؤكدًا أن إثارة التوتر وخلق المواجهة في المنطقة أمر يتعارض مع تطلعات الشعوب.
يُشار إلى أن القوات الأمريكية كانت قد انسحبت من "باجرام" عام 2021 كجزء من اتفاق سلام في عهد الرئيس السابق جو بايدن. وكانت "باجرام"، أكبر قاعدة جوية في أفغانستان، كانت تؤوي ما يزيد عن 30 ألف جندي ومدني أمريكي ومن قوات الحلف الأطلسي خلال ذروة العمليات العسكرية في عام 2011.
"كان ترامب مستاءً من الطريقة التي انسحبت بها القوات الأمريكية من أفغانستان" بهذه العبارة عبر المحلل السياسي المختص في الشأن الأمريكي وعضو اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الأمريكي، نعمان أبو عيسى، عن رأيه بشأن اهتمام ترامب بالقاعدة الأفغانية، إذ انتقد سلفه جو بايدن على عقد اتفاق السلام والتخلي عنها، معتبرًا أن هذا الانسحاب مثّل تراجعًا لمكانة الولايات المتحدة على الساحة الدولية.
وأوضح أبو عيسى خلال حديثه لـ"مصراوي"، أن ترامب يسعى لاستعادة صورة الولايات المتحدة كقوة عظمى، ولذلك يركز مجددًا على الملف الأفغاني، ويرى أن الأولوية الأولى للولايات المتحدة حاليًا هي الصراع في آسيا، حيث تمثل الصين التحدي الأكبر لها.
وأشار إلى أنه من هذا المنطلق يعتبر ترامب أن العودة إلى قاعدة "باجرام" الجوية في أفغانستان خطوة أساسية للحد من النفوذ الصيني المتنامي في شرق آسيا، خاصة أن بكين تعزز حضورها هناك بشكل "واعي" عبر دعم اقتصادي وتعاون مع حركة طالبان.
وفي السياق ذاته، قال عضو الحزب الديمقراطي الأمريكي، الدكتور مهدي عفيفي، خلال حديثه لـ"مصراوي"، إن ترامب وإدارته يرون أن هناك ضرورة لإعادة القوات الأمريكية إلى أفغانستان، خاصة بعد العرض العسكري الصيني، إذ تعتبر واشنطن أن بكين باتت تمثل تهديدًا كبيرًا في ظل تعاونها مع كوريا الشمالية وروسيا، الأمر الذي دفعها للتفكير في العودة إلى أفغانستان.
هل يتجدد الصراع الأمريكي- الأفغاني؟
قال نعمان أبو عيسى، أنه من الصعب على الرئيس الأمريكي التوصل إلى اتفاق مع طالبان يسمح باستخدام القاعدة مجددًا لصالح الولايات المتحدة، لأن ذلك يُنظر إليه على أنه موجه ضد الصين وروسيا بالدرجة الأولى، لكن في الوقت ذاته أكد أن ترامب يسعى لإعادة الاعتبار لدور أمريكا في شرق آسيا، غير أن هذا الأمر معقد للغاية ويتطلب نشر آلاف الجنود للسيطرة على القاعدة الجوية على حد تعبيره.
وأضاف المحلل السياسي: "أعتقد أن الجيش الأمريكي قد يعود إلى القتال في أفغانستان بعد الانسحاب، وكل شيء محتمل، خصوصًا أن ترامب غيّر تسمية وزارة الدفاع إلى وزارة الحرب، ما يعكس توجهًا أكثر تشددًا".
ومن جانبه، أوضح عضو الحزب الديمقراطي مهدي عفيفي، أن رفض حركة طالبان للطلب الأمريكي قد يخلق حالة من "العداء"، وربما يؤدي إلى محاولة جديدة لإعادة السيطرة على أفغانستان أو الدخول في صراع جديد هناك، لكنه استبعد حدوث أي تحرك عسكري أمريكي في المدى القصير.
ولفت عفيفي، إلى أن الإدارة الأمريكية قد تتجه إلى التفكير في إنشاء قواعد عسكرية أخرى بالقرب من الصين، بينما تنشغل في الوقت الراهن بمشكلاتها الداخلية والاقتصادية.
وأشار إلى أن الرئيس الأمريكي يواجه تحديات داخلية كبيرة، ويحاول في كثير من الأحيان افتعال صراعات خارجية للتغطية على أزماته الداخلية، ولا سيما الفضائح التي تلاحق إدارته، إلى جانب محاولة التغطية على أوجه القصور في الاقتصاد وارتفاع معدلات التضخم داخل الولايات المتحدة.