"خوفا من مصير نتنياهو".. ترامب يهدد الجنائية الدولية ويطالبها بـ"الحصانة"
كتب : محمود الطوخي
دونالد ترامب
قالت وكالة "رويترز" البريطانية نقلا عن مسؤول في الإدارة الأمريكية، الخميس، إن واشنطن تريد من المحكمة الجنائية الدولية تعديل وثيقتها التأسيسية، لضمان عدم تعرض الرئيس ترامب وكبار مسؤوليه للتحقيق.
وأشار المسؤول الأمريكي، إلى أن الرئيس ترامب هدد بفرض عقوبات جديدة على المحكمة ما لم تمتثل لطلبه.
وأوضح المسؤول الأمريكي، أنه في حال لم تتخذ المحكمة إجراء بشأن الطلب الأمريكي وطلبين آخرين يتعلقان بإسقاط أحكامها ضد قادة الاحتلال الإسرائيلي بشأن حرب غزة، وكذلك إنهاء تحقيق سابق مع القوات الأمريكية بشأن انتهاكاتها في أفغانستان، فقد تعاقب واشنطن مزيد من مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية وقد تفرض عقوبات على المحكمة نفسها.
ومن شأن فرض عقوبات أمريكية على المحكمة الدولية، أن يصعّد بشكل كبير الحملة الأمريكية ضدها. وبشكل متكرر وجه مسؤولون أمريكيون جمهوريون وديمقراطيون، انتقادات للمحكمة الدولية بزعم انتهاكها سيادة الولايات المتحدة.
وذكر مسؤول في الإدارة الأمريكية، ان واشنطن أبلغت أعضاء المحكمة الجنائية بمن فيهم حلفاء للولايات المتحدة، كما أبلغت المحكمة نفسها، بطلبها.
ولم توقّع الولايات المتحدة على نظام روما الأساسي الذي أنشأ المحكمة الجنائية الدولية عام 2002، كمحكمة نقض تتمتع بسلطة محاكمة رؤساء الدول.
وقبل أشهر، أصرت المحكمة الدولية مذكرات اعتقال بحق رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف جالانت، إلى جانب قادة في حماس، بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة.
وفي مارس 2020، فتح مدعو المحكمة الجنائية الدولية تحقيقا بشأن جرائم محتملة ارتكبتها القوات الأمريكية في أفغانستان. ورغم أن المحكمة قللت من أهمية التحقيق في دور الولايات المتحدة في عام 2021، فإنها لم تغلق التحقيقات رسميا.
وفي إطار مساعيها لإجبار المحكمة على إسقاط تلك التهم، فرضت واشنطن في وقت سابق من العام الجاري عقوبات على 9 مسؤولين في المحكمة، بمن فيهم قضاة ومدعون عامون، غير أن الأمر لم يصل إلى فرض عقوبات على المحكمة نفسها وهو ما من شأنه أن يعيق عملها.
وصرّح مسؤول في الإدارة الأمريكية، بأن هناك قلق متزايد من أن الجنائية الدولية ستصب اهتمامها في عام 2029 على الرئيس ترامب ونائبة جيه دي فانس، ووزير الحرب بيت هيجسيث وغيرهم من المسؤولين، وستسعى إلى مقاضاتهم.
وأضاف المسؤول: "هذا أمر غير مقبول ولن نسمح به على الإطلاق".
مع ذلك، فإن أي محاولة لتغيير نظام روما الأساسي لتلبية طلب واشنطن ستكون بالغة الصعوبة والبطء، كما أنها تتطلب موافقة ثلثي الدول الموقعة على نظام روما.
أكدت وحدة الشؤون العامة بالمحكمة الجنائية الدولية، التي تتحدث باسم المحكمة ورئاستها، أن "تعديلات نظام روما الأساسي من صلاحيات الدول الأطراف".
ولم توضح الوحدة ما إذا كانت الإدارة الأمريكية قد تواصلت مع المحكمة لطلب حصانة ترامب من الملاحقة القضائية.
وستؤثر أي عقوبات أمريكية محتملة على الجنائية الدولية، بشكل كبير على عملياتها اليومية الأساسية، بما في ذلك قدرتها على دفع رواتب موظفيها وكذلك الوصول إلى الحسابات المصرفية وبرامج المكتب الروتينية على أجهزة الحاسوب الخاصة بها.
وتضم الجنائية الدولية بصفتها المحكمة الدائمة لجرائم الحرب في العالم، 125 دولة في عضويتها، بما في ذلك جميع الدول الأوروبية، فيما لم توقع دول مثل الولايات المتحدة والصين وروسيا ودول أخرى على نظام روما الأساسي.
يتيح تفويض المحكمة، مقاضاة الأفراد المسؤولين أو مواطنيهم عن الجرائم التي يرتكبونها على أراضي أي دولة عضو فيها، بمن فيهم رؤساء الدول الحاليين.
امتنع المسؤول الأمريكي، عن الإفصاح عن ماهية القضايا التي تخشى إدارة ترامب من ان تصبح موضع تحقيق من قبل الجنائية الدولية، غير أنه أشار إلى "أحاديث متداولة" في الأوساط القانونية الدولية تفيد بأن المحكمة قد تقاضي ترامب وكبار مسؤوليه بعد انتهاء ولايته في عام 2029.
وأوضح المسؤول: "الحل هو أنهم يحتاجون إلى تغيير نظام روما الأساسي لتوضيح عدم امتلاك المحكمة الاختصاص القضائي".
ومنذ سبتمبر الماضي، شن الجيش الأمريكي سلسلة ضربات مميتة استهدفت قوارب وسفن بزعم استخدامها في تهريب المخدرات في منطقة البحر الكاريبي قبالة سواحل فنزويلا والمحيط الهادئ، إلى الولايات المتحدة، ما أسفر عن مقتل أكثر من 80 شخصا.
وأعلن أعضاء في الكونجرس، اعتزامهم فتح تحقيق في ما إذا كان الجيش الأمريكي خالف القانون بقتله اثنين من الناجين من هجوم اولي استهدف سفينة يشتبه في تهريبها مخدرات في منطقة الكاريبي. فيما دافع البيت الأبيض عن "الضربة المزدوجة" مؤكدا أنها قانونية.
ورفض المسؤول الأمريكي، الإجابة على سؤال حول ما إذا كانت إدارة ترامب قدمت طلبها إلى الجنائية الدولية خوفا من أن توجه لها اتهامات بشأن سلوكها في فنزويلا.
وأكد المدعي العام للجنائية الدولية، يوم الجمعة الماضي، أن المحكمة لم تتلقى أي طلبات للتحقيق في الإجراءات الأمريكية ضد فنزويلا، وفق "رويترز". كما رفض المسؤول الأمريكي تحديد متى بدأت واشنطن في نقل طلبها إلى المحكمة والدول الأعضاء.
وفي حال وافقت الجنائية الدولية على طلب الحصانة الأمريكي، فإن تكريسها سينظر إليه على أنه تقويض للمبادئ التأسيسية للمحكمة، كما سيحتاج إلى موافقة الهيئة الحكامة للمحكمة، وهي جمعية الدول الأعضاء.
وبينما تستوجب معظم التعديلات دعم ثلثي الدول الأعضاء لتمريرها، تتطلب التغييرات الأساسية في اختصاص المحكمة أغلبية أكبر لتنفيذها، وفقا لنظام المحكمة الأساسي.