إعلان

هل زيارة الرئيس السوري لطهران استعراض قوة أمام واشنطن وتل أبيب؟

06:17 م الإثنين 09 مايو 2022

الرئيس السوري بشار الأسد أثناء لقائه بالمرشد الأعل

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

طهران - (ا ف ب)

مرت حوالي ثلاث سنوات على آخر زيارة للرئيس السوري بشار الأسد إلى إيران، ليجدد اللقاء الأحد مع مسؤولي طهران في زيارة أثيرت حولها جملة من الأسئلة سواء من حيث التوقيت أو الأسباب. فالوضع الدولي مع الحرب في أوكرانيا وتعثر مفاوضات الملف النووي أطرا الأجواء التي أجريت فيها هذه الزيارة، ويبدو للمراقبين أن طهران تحرك أوراقها للاستفادة من هكذا وضع، بتأكيد نفوذها السياسي والشيعي إقليميا، ومحاولة جني مكاسب بخصوص المحادثات النووية.

بعد آخر زيارة قام بها في 2019، عاد الرئيس السوري بشار الأسد الأحد إلى طهران في ظروف جديدة يعيشها نظامه لما حققه من "مكاسب" عززت قوته بدعم من إيران وروسيا. وتتزامن هذه الزيارة أيضا مع حرب خطيرة لم يشهدها العالم منذ الحرب العالمية الثانية، والتي نتجت عن غزو روسيا للأراضي الأوكرانية.

وعقد الأسد لقاءين منفصلين مع "المرشد الأعلى والرئيس إبراهيم رئيسي"، حسب ما أفاد التلفزيون الإيراني. وكانت أول زيارة للرئيس السوري إلى طهران في 2011 عند اندلاع الاحتجاجات في بلاده، وأكدت فيما بعد أن دمشق كسبت دعم البلد الشيعي في مواجهتها للمعارضة المسلحة والجماعات المتطرفة.

وتدعم طهران الأسد بالمال والرجال، حيث أرسلت آلاف "المتطوعين" إلى سوريا للقتال، بإشراف أعضاء ما يعرف بـ"الحرس الثوري"، المصنف من طرف واشنطن كمنظمة إرهابية، والذي تعيق الاختلافات حوله اليوم تقدم المفاوضات بشأن الملف النووي الإيراني.

وهذه العلاقة القوية بين النظامين يصفها المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامئني بـ"الحيوية"، مشددا على أنه "ينبغي بذل مزيد من الجهود المشتركة لتطوير العلاقات بين البلدين أكثر فاكثر".

وفي نفس السياق، يؤكد الأسد في بيان للرئاسة السورية، على "أهمية الاستمرار في التعاون من أجل عدم السماح لأمريكا بإعادة بناء منظومة الإرهاب الدولية التي استخدمتها للإضرار بدول العالم وخاصة دول المنطقة طوال العقود الماضية"، حسب توصيفه.

"إيران جزء من العقيدة السياسية للنظام السوري"

الكل يعرف أن إيران حاضرة بثقلها السياسي والعسكري في سوريا. وأن "طهران لها تواجد قوي داخل نظام دمشق. وأصبحت جزءا من عقيدتها السياسية التي كانت تتصرف بها سوريا مع دول المنطقة والجيران ولتحركاتها في جامعة الدول العربية"، يقول الخبير الاستراتيجي في شؤون الشرق الأوسط الدكتور فواز كاسب.

"والربيع العربي زاد من هذا التجذر الإيراني في النظام السوري، ذلك لتشبثه به زيادة على الدعم الروسي له للحفاظ على بقائه على المسرح السياسي السوري، لأن هذا الوضع يخدم مصالح جيو-اجتماعية وكذلك جيو-اقتصادية لطهران". كما أن تمسك إيران بالنظام السوري، يضمن لها "امتدادها الشيعي" بالمنطقة، وفق تفسير كاسب.

وهذه الزيارة تؤكد، بالنسبة لكاسب، "أن سوريا ما زالت تدور في المدار السياسي الإيراني. وطهران لها غاية من مثل هذه الزيارات. وهي بقاؤها محورا رئيسيا في المنطقة له تأثير مباشر على أكثر من بلد عربي".

ولا يخفي الخبير الاستراتيجي في شؤون الشرق الأوسط أنه "فعلا إيران حققت مكاسب سياسية في بلدان عربية، وأتت ظروف سياسية جديدة لتستثمرها أكثر، لا سيما المتغيرات التي يعيشها العالم، بسبب الحرب في أوكرانيا، وتريد طهران أن تستفيد منها بأقصى ما يمكن، بالرفع من طلباتها في التفاوض بفيينا بشأن الملف النووي".

وكانت وكالة رويترز، نقلت عن مصادر، وصفتها بالمطلعة، أن المسؤولين الغربيين فقدوا الأمل إلى حد كبير في إمكانية إحياء الاتفاق النووي الإيراني، مما أجبرهم على التفكير في كيفية الحد من برنامج إيران النووي حتى في الوقت الذي أدى فيه الغزو الروسي لأوكرانيا إلى حدوث انقسام بين القوى العظمى.

وبدا الاتفاق النووي على وشك انبعاثه من جديد في أوائل مارس/ آذار عندما دعا الاتحاد الأوروبي -الذي ينسق المحادثات- الوزراء إلى فيينا لإبرامه. لكن المحادثات أصبحت في مهب الريح بسبب مطالب روسية في اللحظة الأخيرة وما إذا كانت واشنطن سترفع الحرس الثوري الإيراني من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية. ويبدو أن مسألة تصنيف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية، يشكل العائق الأساسي لتقدم المفاوضات في الوقت الحالي، حيث يجد الرئيس الأمريكي جو بايدن صعوبة في التغلب على المعارضة المحلية لرفعه من قائمة الإرهاب.

"ورقة ضغط على الولايات المتحدة" واستعراض قوة أمام إسرائيل

تحاول إيران أن تستفيد من الوضع الدولي الحالي مع الحرب في أوكرانيا، وتركيز واشنطن جهودها عليها. وتحرك لهذا الغرض كل أوراقها التي قد تساعدها في كسب المزيد من المكاسب في مفاوضات الملف النووي بممارسة نوع من "الضغط على الولايات المتحدة، بحشد حلفائها في المنطقة بدءا من سوريا" حسب قراءة كاسب.

وشدد الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أثناء زيارة الأسد على أنه "يجب تحرير جمع الأراضي السورية من المحتلين الأجانب"، بدون الخوض في التفاصيل، فيما لا يزال التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الذي تم تشكيله لمحاربة الجهاديين عام 2014، يحتفظ بقوات في سوريا.

"لذلك أنا من منظوري هي زيارة بطلب من النظام الإيراني. لإظهار لواشنطن أن هناك تكتل ضدها في المنطقة ومصالحها، خاصة وأن حلفاءها في أكثر من بلد عربي بالمنطقة، يتحركون بإشارة منها لتحقيق مصالحها... إيران تحاول الاستثمار في حلفائها بالمنطقة للضغط على الولايات المتحدة بغرض الملف النووي"، يخلص كاسب.

ويشير الخبير الاستراتيجي في شؤون الشرق الأوسط إلى أنه لإيران "أهدافها الاستراتيجية" التي تتحرك وفقها بالمنطقة، "ولن تهدأ تدخلاتها في الشؤون الداخلية حتى تحقيقها وإن كانت تحاول تحسين سمعتها في علاقتها" بدول الجوار لا سيما مجلس التعاون الخليجي.

وهذا التحالف الإيراني السوري استعراض أيضا لقوة التقارب بين النظامين أمام الغريم الإسرائيلي، أبرز حليف لواشنطن في المنطقة. قناة "كان" الإسرائيلية وقفت عند هذه الزيارة، لافتة إلى أن "الأسد قال لخامنئي في اللقاء بينهما إن العلاقات الاستراتيجية بين الدولتين منعت الهيمنة الإسرائيلية على المنطقة، ويجب أن تتعاظم".

وبهذا الشأن، أكد مدير مركز الدراسات الاستراتيجية والعلاقات الدولية أمير موسوي في تصريح لموقع "الميادين" اللبناني، المقرب من حزب الله أحد حلفاء إيران أيضا بالمنطقة، أن "زيارة الرئيس الأسد الحالية تختلف عن الزيارات السابقة، خصوصا أنه يأتي هذه المرة منتصرا على الإرهاب"، وأضاف أن هذه الزيارة "رسًمت العلاقات الثنائية وقضية التهديدات الجديدة وإعادة إعمار سوريا".ولفت موسوي إلى أنه "تم البحث في التهديدات الإسرائيلية الجديدة، ولا سيما ضد سوريا، والتحرشات التركية".

هذا المحتوى من

AFP

فيديو قد يعجبك: