إعلان

لماذا فرح سوريون بمقتل قاسم سليماني؟

11:15 م السبت 04 يناير 2020

قاسم سليماني

كتبت - إيمان محمود:

في شوارع إدلب المُحاصرة -واحدة من آخر المناطق التي يسيطر عليها المعارضون في سوريا- قام رجل بتوزيع الحلوى، احتفالاً بالغارة الجوية الأمريكية التي قتلت قائدًا كان في قلب الحرب السورية منذ بدايتها، هو قاسم سليماني.

وعلى صينية لتوزيع الحلوى كُتبت عبارة تقول: "نُهنئ الشعب السوري الحر على وفاة المجرم قاسم سليماني ونأمل أن يكون لبشار الأسد نفس المصير".

كان الجنرال الإيراني، الذي حظى بالاحترام كاستراتيجي عسكري رئيسي لدى طهران، يقود الأحداث في الشرق الأوسط منذ عقود، بصفته قائدًا لفيلق القدس، التي تدير عمليات أجنبية للحرس الثوري الإيراني.

في سوريا، وكذلك في أي مكان آخر في الشرق الأوسط، كان لدى سليماني دور كبير، بحسب صحيفة "واشنطن بوست" التي وصفته بأنه كان رجلاً مهمًا ضمن دعم إيران للرئيس السوري وساعد على صياغة الاستراتيجيات العسكرية السورية خلال حرب أهلية، بدأت باحتجاجات مؤيدة للديمقراطية في عام 2011، لكنها لم تبقَ كذلك.
سوريون يوزعون الحلوى بعد مقتل سليماني

إنقاذ الأسد

عندما ثار متظاهرون مدنيون سلميّون ضد الأسد في مارس 2011، قدم المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، مساعدة لحليفه السوري، إذ قدمت طهران القروض والنفط والمساعدة المالية لتعويض العقوبات الدولية.

وكانت طهران ووكلائها الإقليميون، مثل حزب الله اللبناني، بمثابة قناة للأسلحة والتدريب في ساحة المعركة والمقاتلين -وكل ذلك دعم حيوي للأسد حتى أرسلت روسيا طائرات حربية ومساعدات أخرى في عام 2015 لترجح الكفة نهائيًا لصالح الأسد- كان سليماني هو الرجل الرئيسي في سوريا الذي ينسق كل هذا ويقوم بعمل إيران.

في عام 2015، قال مسؤول إقليمي رفيع المستوى لوكالة رويترز: "سليماني مقيم تقريبًا في دمشق، أو دعنا نقول إنه يذهب إلى هناك كثيرًا ويمكنك أن تجده بين لقاءات مع الأسد وزيارات إلى مسرح العمليات مثل أي عسكري آخر".

قبل عامين فقط من بدء انهيار سوريا، واجه قادة إيران اضطراباتهم الخاصة، بعد أن اندلعت احتجاجات كبرى في جميع أنحاء إيران في عام 2009 وسط مزاعم بأنه تم التلاعب بنتيجة الانتخابات الرئاسية لصالح محمود أحمدي نجاد على خصومه الإصلاحيين.

وقتذاك، قاد الحرس الثوري الإيراني هذه الحملات، مع سليماني وآخرون على رأسه.

وفي الأشهر الأولى من الانتفاضة السورية في عام 2012، ساعد سليماني "في تنظيم استجابة النظام الوحشية لهجمات المعارضين داخل دمشق والتهديدات بقلب نظام الحكم"، وفقًا لسام داغر في كتابه "الأسد أو نحرق البلد".

معرفة قاسم سليماني للغة العربية، ساعدته كثيرًا على كسب القادة المحليين وبناء شبكة لدعم الأسد، بحسب "واشنطن بوست".

وبحلول عام 2012، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على سليماني لدوره في "القمع العنيف ضد الشعب السوري".

وأظهرت صورة نادرة من عام 2014، لسليماني وهو يقدم تعازيه لعائلة ابن عم الرئيس السوري، هلال الأسد الذي قُتل في معركة بالقرب من الحدود مع تركيا.

وفي نفس العام، دعا سليماني صديقًا حميمًا في العراق، وزير النقل، للسماح للطائرات المحملة بالدعم العسكري للأسد بالطيران عبر المجال الجوي العراقي، وفقًا للبرقيات التي نُشرت على "نيويورك تايمز" و"إنترسبت" الأمريكيتين.

وفي فبراير، قام الأسد بزيارته الأولى لطهران منذ اندلاع الأزمة، جالسًا إلى جانب في الاجتماع الذي عُقد في طهران.

كانت سوريا من أوائل الناعين لمقتل سليماني يوم الجمعة، إذ قال الأسد: "دعمه للجيش السوري لن يُنسى".
سوريون يوزعون الحلوى فرحًا بمقتل قاسم سليماني

سليماني والإمبراطورية الإيرانية

ساعد سليماني الأسد مع مقاتلين آخرين -وهم مزيج شمل حزب الله والحرس الثوري ومقاتلي الميليشيات التابعة له ومقاتلين تم استئجارهم من العراق وأفغانستان وباكستان، بحسب "واشنطن بوست".

مكن منصب سليماني كقائد لفيلق القدس من الاستفادة من مجموعة كبيرة من المقاتلين بالوكالة، الذين تلقّوا بعد ذلك تدريبات من عناصر حزب الله في قواعد في إيران وسوريا.

"لإنقاذ الأسد، استدعى سليماني كل الأصول التي بناها منذ أن سيطر على فيلق القدس؛ سواء مقاتلي حزب الله، أو الميليشيات الشيعية من جميع أنحاء العالم العربي، وجميع الأموال والمواد التي يمكن استخدامها"، بحسب ما كتبه ديكستر فيلكينز في صحيفة "نيويوركر" عام 2013.

وأضاف: "قد يكون هذا النوع من الجو الطائفي الصارخ هو تأثير سليماني على الشرق الأوسط. لإنقاذ إمبراطورتيه الإيرانية في سوريا ولبنان، إذ ساعد في تأجيج الصراع السني الشيعي الذي يهدد بإغراق المنطقة لسنوات قادمة، حرب يبدو أنه سعيد بشنّها".

استثمرت إيران في دعم الحلفاء والوكلاء في جميع أنحاء الشرق الأوسط، ها هم يقفون بعد وفاة سليماني.

نفت إيران إرسال جنود إلى سوريا، على الرغم من التقارير التي تؤكد ذلك، وعلى الرغم ايضًا من وسائل الإعلام الإيرانية التي قدمت تقارير عن جنازات لـ "مستشارين عسكريين" قُتلوا في سوريا.

سليماني وطمأنة روسيا

في صيف عام 2015، تحدّى سليماني الحظر المفروض على السفر من قبل الأمم المتحدة وزار روسيا لتنسيق تدخل موسكو العسكري في سوريا.

ووفقًا لوكالة "رويترز"، أبرم سليماني مع الروس اتفاقًا لشنّ حملة جوية روسية ترافق المعارك البرية التي يقودها المقاتلون الإيرانيون والسوريون وحزب الله، وساعدت الهجمات الجوية الروسية في نهاية المطاف على تحويل الحرب لصالح الأسد.

وقال مسؤول إقليمي رفيع لرويترز في ذلك الوقت "وضع سليماني خريطة سوريا على الطاولة.. شعر الروس بالقلق الشديد، وشعروا أن الأمور في تراجع حاد وأن هناك مخاطر حقيقية على النظام. أكد لهم الإيرانيون أنه لا تزال هناك إمكانية لاستعادة المبادرة. في ذلك الوقت، لعب سليماني دورًا في طمأنتهم بأننا لم نفقد كل الأوراق".
سوريون يحتفلون بمقتل قاسم سليماني

فيديو قد يعجبك: