إعلان

فاينانشال تايمز: الجيش الجزائري دق المُسمار الأخير في نعش بوتفليقة

04:58 م الأربعاء 03 أبريل 2019

الرئيس الجزائري المستقيل عبدالعزيز بوتفليقة

كتبت- رنا أسامة:

دخل الجزائريون حقبة سياسية جديدة اعتبارًا من اليوم، الأربعاء، بعد أن استقال الرئيس المريض عبدالعزيز بوتفليقة، تحت ضغط الحِرك الشعبي والجيش، في لتدخل البلاد مرحلة انتقالية سياسية يكتنفها الغموض، كما قالت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية.

على مدى 6 أسابيع، نظّم متظاهرون جزائريون احتجاجات ضخمة للمُطالبة برحيل بوتفليقة، لكنهم يسعون الآن إلى تغيير النظام برُمته، ما يُرجّح أنهم لن يشعروا بالرضا إذا استمر "فلول" النظام السابق تحت إدارة الرئيس المُنتظر، بحسب الصحيفة.

وكتبت الصحيفة في تقريرها المنشور على موقعها الالكتروني، الأربعاء، أن الجيش دق المُسمار الأخير في نعش بوتفليقة البالغ من العُمر 82 عامًا، لذا فمن المُحتمل أن يتردّد في تقديم مزيد من التنازلات التي قد تفضي إلى إصلاح النظام السياسي بطرق يصعُب السيطرة عليها.

ظهر بوتفليقة خلال تسليمه لنص استقالته لرئيس المجلس الدستوري، على كرسي متحرك، مرتديًا جلباب. وكان يتوسط رئيس المجلس الدستوري الطيب بلعيز، ورئيس مجلس الأمة عبدالقادر بن صالح، الذي سيتولى شؤون البلاد لمدة 90 يومًا إلى حين إجراء انتخابات.

وأشارت الفاينانشال تايمز إلى أن وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية أعلنت نبأ استقالة بوتفليقة مساء الثلاثاء، بعد فترة وجيزة من بيان لرئيس الأركان الجزائري، الفريق أحمد قايد صالح، وضع مزيدًا من الضغط عليه، بدعوته البدء الفوري في تطبيق المادة "102" من الدستور الجزائري لإعلان عدم أهلية بوتفليقة لإدارة البلاد.

وجاء في بيان رئيس الأركان الجزائري: "نؤكد أن أي قرار يتخذ خارج الإطار الدستوري مرفوض جملة وتفصيلًا"، في تلميح إلى أن الجيش قد يتوقف عن التقيد بقرارات صادرة عن الرئاسة.

وبعد أن عدّد المساعي التي قام بها الجيش للخروج من الأزمة الحالية، أضاف الفريق قايد صالح "مع الأسف الشديد قوبل هذا المسعى بالمماطلة والتعنت وحتى بالتحايل من قبل أشخاص يعملون على إطالة عمر الأزمة وتعقيدها ولا يهمهم سوى الحفاظ على مصالحهم الشخصية الضيقة غير مكترثين بمصالح الشعب وبمصير البلاد".

ووصف بعض المقربين من الطبقة السياسية الحاكِمة بأنها "عصابة كونت ثروات طائلة بطرق غير شرعية وفي وقت قصير، من دون رقيب ولا حسيب، مستغلة قربها من بعض مراكز القرار المشبوهة"، فيما عدّته الصحيفة إشارة إلى الدائرة المُقرّبة من بوتفليقة، والتي تشمل شقيقه سعيد وعدد من الساسة ورجال الأعمال البارزين.

تولّى الرئيس المُستقيل بوتفليقة الحكم منذ 1999، وأُصيب بجلطة دماغية أعاقته عن الحركة وإدارة الحكم منذ 2013. لم يسمع عنه شعبه منذ 6 أعوام، في الوقت الذي يُرجّح كثيرون أن تكون حاشيته هي من أدارات البلاد باسمه طيلة هذه الفترة، وفق الصحيفة.

ويندر ظهور بوتفليقة منذ إصابته بجلطة دماغية في 2013، التي دخل على إثرها مستشفى "فال دوجراس" في باريس، حيث قضى أكثر من شهرين.

ولم يظهر أمام الجمهور وعدسات الكاميرات أثناء ولايته الرئاسية الرابعة إلا بِضع مرات وهو على كرسي متحرك. واقتصر ظهور بوتفليقة على استقبال قادة الدول وبعض المسؤولين الأجانب بقصر الجمهورية "المرادية".

وقبل استقالته، شوهِد بوتفليقة قبل أكثر من 10 أيام، بعد عودته من رحلته العلاجية بجنيف، جالسًا على المقعد الأمامي للسيارة الرئاسية، أثناء مرور موكبه في الطريق السريع، باتجاه القصر الرئاسي بعد أن حطت طائرته بمطار بوفاريك العسكري، وأثناء استقباله قائد الجيش الفريق أحمد قايد صالح ورئيس الحكومة المستقيل أحمد أويحيى.

وأقرّ المجلس الدستوري الجزائري، الأربعاء، شغور منصب رئيس الجمهورية، عقب اجتماع بحضور جمیع أعضاء المجلس وبرئاسة الطیب بلعیز "تماشيا مع المادة 102 من الدستور" بعد استقالة الرئيس، بحسب وسائل إعلام محلية.

وتنص المادة "102" على أن المجلس الدستوري يجب أن يجتمع على الفور لإعلان شغور منصب الرئاسة في حال استقالة الرئيس. ووفق الدستور الجزائري، يتولى رئيس مجلس الأمة، رئاسة البلاد بالوكالة لمدة أقصاها 90 يومًا تجري خلالها انتخابات رئاسية.

وكان مكتب الرئيس الجزائري أعلن في مطلع أبريل الجاري عزمه الاستقالة من منصبه قبل نهاية الفترة الرئاسية الحالية المُقررة في 28 من الشهر نفسه، استجابة للاحتجاجات الجماهيرية.

وأرجئت الانتخابات الرئاسية، التي كانت مقررة الشهر الحالي، من دون الإعلان عن موعد جديد لتنظيمها.

وكان بوتفليقة قد أعلن في 11 مارس الماضي تراجعه عن الترشح لولاية رئاسية خامسة، لكنه لم يستقل من منصبه على الفور، وإنما انتظر حتى انعقاد مؤتمر وطني حول الانتقال السياسي.

فيديو قد يعجبك: