إعلان

"بوعزيزي لبنان".. هل يُشعل جورج زريق شرارة الثورة في بلاد الأرز؟

07:58 م الإثنين 11 فبراير 2019

جورج زريق

كتب - هشام عبد الخالق:

رفضت إحدى مدارس لبنان تقديم إفادة مدرسية لوالد طالبة بها لينقلها إلى مدرسة أخرى، فما كان من والد الطالبة جورج زريق إلا أن أحرق نفسه منذ يومين، لتتوالى ردود الفعل على مواقع التواصل الاجتماعي بين المؤيدة والرافضة لهذا الفعل، وكذلك عدد من النشطاء الذين وجهوا أصابع الاتهام إلى الدولة المقصرة في القيام بواجباتها بتأمين التعليم المجاني لأبنائها.

هناك أيضًا من استغل موقع تويتر في المقارنة بين تلك الحادثة والحادث الأشهر في الربيع العربي ومفجر الثورات في تونس وغيرها من البلاد، عندما قام البائع المتجول التونسي محمد البوعزيزي بإحراق نفسه في سيدي بوزيد يوم 17 ديسمبر 2010 احتجاجًا على مُصادرة عربته.

البداية

بدأت قصة زريق -الذي توفي بعد وصوله للمستشفى عندما أضرم النيران في نفسه- عندما رفضت مدرسة بكفتين في قضاء الكورة شمالي لبنان، إعطائه إفادة مدرسية لنقل ابنته إلى مدرسة أخرى، وذلك بسبب سوء وضعه المادي وتراكم القسط المدرسي المتوجب عليه.

وكان جورج زريق يعمل سائق تاكسي ولديه ولدان، صبي كان يتعلّم في مدرسة بكفتين قبل أن ينقله إلى مدرسة رسمية منذ ثلاث سنوات لعجزه عن تسديد القسط، وابنة كان يريد نقلها من مدرسة بكفتين إلى مدرسة رسمية الأسبوع الفائت ولكن لم يتسنَ له نقلها بسبب ما حدث.

2زوجة زريق تعمل عاملة نظافة في المدرسة لتتمكن من تسديد بعض الأقساط، لكن إدارة المدرسة كانت تخصم من راتبها ما يُعادل نحو 300 دولار بعد تأخر الوالدين عن تسديد قيمة المصروفات.

الرد المدرسي والحكومي

في المقابل أعلنت إدارة ثانوية سيدة بكفتين الأرثوذكسية في الكورة التي أحرق زريق نفسه في باحتها، أنها منذ مطلع العام الدراسي الحالي، طلبت من أولياء الطلبة الحضور إلى المدرسة لتسوية أوضاعهم المالية والإدارية الخاصة بأولادهم، ولم يصدر عنها إطلاقًا أي تهديد بطرد أي تلميذ.

وأوضحت المدرسة، أنها تعاطفت مع جورج زريق منذ تسجيل ولديه سنة 2014 - 2015 وأعفته من دفع الأقساط، باستثناء رسوم النقليات والقرطاسية والنشاطات الأخرى.

من جهته، قال وزير التربية اللبناني أكرم شهيب: "إن الموضوع لا يتعلق بإفادة مدرسية كون وزارة التربية سهّلت أمور الطلبة العاجزين عن تأمين إفادات من مدارسهم بتأمينها من سجلات الوزارة". وأشار إلى "أن الأمر يحتاج إلى تحقيق للوقوف على الأسباب التي دفعت المواطن للانتحار"، معلناً أنه سيتولى تأمين التعليم لولدي زريق".

تكفل بالمصروفات

النائب في مجلس الأمة الكويتي خلف دميثير العنازي أعلن السبت تبرعه بمبلغ 10000 دولار أمريكي لعائلة الراحل جورج زريق وتخصيص راتب شهري للعائلة.

كذك، أعلن وزير الدولة اللبناني لشؤون التجارة الخارجية حسن مراد، تكفله بإتمام الدراسة الجامعية لأولاد الضحية مجانًا في الجامعة اللبنانية الدولية.

غضب شعبي وعائلي

وتعبيراً عن غضبهم من الحادثة، دعا ناشطون إلى تجمّع أمام وزارة التربية رفضًا لما يجري في بعض المدارس الخاصة التي ترفض إعطاء إفادات للأهالي لنقل أولادهم.

1أهل الضحية كان لهم رأي آخر، إذ أكد شقيق جورج زريق، شكري، لـ"العربية.نت" أن العائلة لن تسكت عن الذي حصل، وستتقدم بشكوى ضد إدارة المدرسة كما ستطالب بإقالة المدير بشارة حبيب"، مشددًا "نريد حقوقنا المعنوية وسنُحاسب المسؤولين".

وحمّل شكري، مدير المدرسة بشارة حبيب، مسؤولية ما حصل لأخيه، "لأنه لو كان فعلاً يريد تدارك الوضع لكان اتّصل بالقوى الأمنية طالباً توجهها إلى المدرسة لمنع شقيقي من إحراق نفسه، حرصاً على حياة شقيقي وعلى الطلاب أيضاً كي لا يتعرّضون لصدمة، لكن كل ذلك لم يحصل وشقيقي دفع ثمن حياته"، بحسب تصريحاته.

وأكد شكري زريق أنه سيكون على رأس "الصارخين" أمام الوزارة، قائلاً "إن شقيقه جورج هو شهيد كل تلميذ في لبنان سواء كان في مدرسة رسمية أو خاصة، وبان على الدولة أن تتحمّل مسؤوليتها في هذا المجال".

وأضاف: "أنا واثق أنه متى رفعت الدولة مستوى المدرسة الرسمية (الحكومية) فإن كل أبناء النواب والوزراء سيلتحقون بها".

ردود فعل مجتمعية

توالت ردود الفعل على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، للتنديد واستنكار ما حدث، وكتب أحد اللبنانيين: "#بوعزيزي_لبنان حرق نفسَه أم هي دولتنا الفاشلة التي تسبّبت بحرْقه و ذلك لعجزه عن دفع اقساط مدرسيّة لأولاده. حَرق نفسه من أجل كرامته كمواطن لفظت الدولة حقوقه و لأنه رفض أن يرى الذلّ و الحاجة لدى أولاده و هي حال النسبة الكُبرى من شعبنا".

صورة 1

وكتب حساب آخر: "عسى أن تصبح محمد بوعزيزي لبنان وأن يدفع موتك بالناس إلى الثورة.. الله يرحمك".

صورة 2

واستنكر أحد الأشخاص ما حدث لجورج، وقال: "هل سيتحول زريق إلى بوعزيزي لبنان؟ لا.... #هيدا_لبنان".

3

وطالب آخر بمنع تلك الممارسات (إخراج الطلاب لعدم سدادهم المصروفات) داخل المدارس، وكتب: "ليس هناك أندل من أن تدخل الراهبة أو المسؤول الصف ويطلب من التلاميذ أن يخرجوا من الصف لأنهم لم يدفعوا القسط شعور جربته أنا شخصياً، ليس مطلوبًا من جورج أن يكون بوعزيزي لبنان ولكن للمطلوب بالحد الأدنى قانون يمنع هذه الممارسات التي تذل وتحرج وتهين وتجرح التلميذ".

ويُعاني اللبنانيون من تردّي الأوضاع الاقتصادية وتدنّي القيمة الشرائية ما ضاعف حالات الانتحار بأبشع الطرق، حسبما تشير "العربية.نت".

وتشير بعض الدراسات إلى أن 30% من اللبنانيين تحت خط الفقر، أي أن ما يُقارب 300 ألف مواطن دخلهم أقل من 5 دولارات يومياً.

وفِي هذا السياق أشارت مصادر قوى الأمن الداخلي في لبنان لـ"العربية.نت" إلى أن "21 حالة انتحار سُجّلت في لبنان منذ بداية العام الحالي"، وأوضحت أن "نسبة الانتحار في لبنان سجّلت في السنوات الخمس الأخيرة ارتفاعاً ملحوظاً في معدّلاتها".

فيديو قد يعجبك: