إعلان

إثيوبيا تسرع العمل بسد النهضة.. هل تتأثر حصة مصر من مياه النيل؟

02:14 م الأحد 06 يناير 2019

سد النهضة

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- رنا أسامة:

مع انطلاق العام الجديد، سرعت إثيوبيا خطواتها في بناء سد النهضة، وأعلنت بدء إنتاج الطاقة من السد أواخر 2020 على أن يبدأ التشغيل الكامل بنهاية 2022.

"الفشل في بناء السد يُمثّل الانهيار بالنسبة للإثيوبيين"، هكذا قال رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، بالتزامن مع التحركات الإثيوبية الأخيرة.

تسريع وتيرة العمل في المشروع جاء بعد سلسلة عثرات واجهته العام الماضي، بدءًا من انتحار المهندس المُشرف على بناء السد، مرورًا باعتقال مدير شركة المقاولات المسؤولة عنه لتورّطه في قضايا فساد، وصولًا إلى الكشف عن عيوب فنية قد تُرجئ إنجازه لمدة 4 سنوات إضافية.

كما زادت المخاوف من تأثير التحركات الإثيوبية على مستوى تدفّق مياه النيل نحو مصر في الوقت الذي توقّعت فيه الأمم المتحدة، أن تختبر مصر نقصًا في حصتها من المياه بنسبة 25 بالمائة، بسبب السد عام 2025.

ويقع السد على ضفة النيل الأزرق، على بُعد حوالي 20 كيلومترًا من الحدود السودانية، بسِعة تخزينية تبلغ 74 مليار متر مكعب، بما قد يؤثر على حصة مصر المائية التي تبلغ 55.5 مليار متر مكعب.

في المقابل، تقول إثيوبيا إن السد ضروري لتطوير البلاد، وتؤكد أن له منافع لجميع الدول بما في ذلك دولتا المصب، مصر والسودان.

"لا تأثير كبير"

واستبعد هانئ رسلان، رئيس وحدة الشؤون الأفريقية بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية أن تتأثر حصة مصر من المياه بشكل سريع. وقال لمصراوي "إنتاج الطاقة من السد نهاية العام المُقبل لن يؤثّر بشكل كبير على تدفّقات المياه نحو مصر".

ورغم أن التقديرات الرسمية الإثيوبية تُشير -حتى الآن- إلى أن السد سيخرج إلى النور بعد عامين، يرى رسلان أن هذا الأمر ما يزال "قابلا للتغيير" لارتباطه بمدى تماسُك واستقرار الداخل الإثيوبي.

وأوضح رسلان أن "الأوضاع السياسية في الداخل الإثيوبي غير مستقرة بشكل كافٍ رغم عملية الإصلاح واسعة النطاق التي يحاول آبي أحمد إجراؤها، لكنه يواجه تحديات كبيرة في الداخل".

وبيّن أن الدافع وراء تدشين السد، الذي وضعت إثيوبيا حجر الأساس له في أبريل 2011، كان "سياسيًا بحتًا لاستغلال الارتباك الداخلي في مصر وقتذاك".

ومن ثمّ وضعت الحكومة الإثيوبية "مدى زمنيا غير واقعي وغير عملي للبناء"، وكذلك أسندت بعض العملات الدقيقة إلى شركات إثيوبية ليس لها أي خبرة على الإطلاق مثل شركة المقاولات التابعة لوزارة الدفاع الوطني الإثيوبي، والمعروفة اختصارًا بـ"ميتيك"، كما يقول رسلان.

وأُنجِز نحو 66 بالمائة من عمليات بناء السد إلى الآن. وكشف وزير المياه والري الإثيوبي، خلال تقديمه تقريرًا حول بناء السد إلى مجلس النواب مطلع العام الجاري، أن "مستوى الأداء على صعيد الأعمال المدنية لبناء السد وصل إلى 82 بالمائة، فيما بلغ أداء الأعمال الكهروميكانيكية 25 بالمائة".

وأوضح أنه تم شراء مولّد طاقة و9 توربينات، وصل بعضها إلى موقع بناء السد، والبعض الآخر متواجد في الميناء، وفق وكالة الأنباء الإثيوبية.

وذكر أن الأولوية خلال المرحلة الحالية تتمثل في إنتاج الطاقة من السد في غضون عامين بقوة 750 ميجاوات، مع العمل على استكمال المشروع بالكامل بحلول 2022.

اتفاق صيني وفرنسي

بالتوازي، وقّعت شركة الطاقة والكهرباء الإثيوبية اتفاقيتين لتسريع بناء السد؛ إحداهما مع الشركة الفرنسية المُصنّعة للتوربينات الهيدروليكية "جي إي هيدرو فرانس"، لتوليد الطاقة في أقرب وقت.

بموجب الاتفاق، تركب الشركة الفرنسية 5 وحدات طاقة إلى جانب توربينين مُصمّمين مُسبقًا لتوليد الكهرباء من السد، إضافة إلى إنتاج توربينات أخرى بتكلفة قدرها 53.9 مليون يورو بالتعاون مع شركة " كوميليكس"، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الإثيوبية الرسمية (إينا).

كانت إثيوبيا أعلنت في وقت سابق من العام الماضي أنها ستبدأ إنتاج الكهرباء من اثنين من توربينات السد الـ16 بنهاية 2018، بقوة تصل إلى 6 آلاف ميجاوات، لكن تغييرات جرت على تصميم السد تسبّبت في تأخير الأعمال الكهروميكانيكية.

أما الاتفاق الثاني فوقّعته شركة الكهرباء والطاقة الإثيوبية، صباح الجمعة، مع شركة المقاولات الصينية "باور" لبناء الهيكل الهيدروليكي الصلب في السد. وبناء على الاتفاقية سيتم دفع 125.6 مليون دولار للشركة المُقاولة.

كما ستبني الشركة الصينية قنوات لتنقية المياه والتحكم وتفريغ الفيضانات، وتجري عمليات التصميم والتثبيت والاختبار وتجربة 11 توربينا .

ونقلت وكالة الأنباء الإثيوبية عن المدير التنفيذي لشركة الكهرباء الإثيوبية، المهندس أبراهام بلاي، قوله إن "السد مشروع وطني وضع فيه كل الشعب بصمته عليه، وإن الاتفاقية ستدعم البلاد على تحقيق رؤيتها في انتهاء السد".

ووعد المسؤول الإثيوبي بأن يتم الانتهاء من المشروع وفق الجدول الزمني الموضوع له. وقال إن الشركة ستكمل بناء جميع أعمال الهياكل الفولاذية الهيدروليكية في السد في شهر يونيو 2012 (حسب التقويم الإثيوبي)، والذي يوافق أواخر 2021 (حسب التقويم الميلادي).

والعام الماضي، أُعلِن عن توقيع مجموعة الهندسة الميكانيكية الألمانية "فويث" اتفاقًا لتوريد 3 توربينات إلى السدّ. وتُعد شركة "ساليني إمبريجيلو" الإيطالية هي المقاول الرئيسي في المشروع، فيما كانت "ميتيك" متعاقدة على القطاعات المعدنية الخاصة بالمكونات الكهروميكانيكية والهيدروليكية للسد.

"الفشل هو الانهيار"

وفي آخر تصريح له حول السد، أكّد رئيس الوزراء الإثيوبي أن البناء يجري على قدمٍ وساق وبنشاط مُستمر ليجري الانتهاء منه كما تم البدء فيه، بالتعاون مع الدول الشقيقة، حسبما نقلت وكالة (إينا).

وقال آبي، في حديثه مع آلاف المعلمين، السبت: "بناء السد أمر سننتهي منه، ولن نورّث أبناءنا الفشل"، مُضيفًا أن "الفشل هو الانهيار بالنسبة للإثيوبيين".

وتابع "من خلال إكمالنا هذا المشروع، سنُعلّم أبناءنا القدرة على تنفيذ مشروعات كبيرة مثل سد النهضة"، مُطالبًا جميع الإثيوبيين بدعم هذا المشروع القومي والسيادي.

وأوضح رئيس الوزراء الإثيوبي أن محاسبة المسؤولين الذين تلوثت أيديهم بالفساد ستجري خلال فترة عاجلة. وذكر آبي أن "بناء السد يجري بالتشاور مع الدول الشقيقة مثل دول المصب".

لماذا تأخّر بناء السد؟

كان من المُفترض إتمام بناء السد في غضون 5 سنوات من وضع حجر الأساس له ليُصبح جاهزًا في 2016، ثم أُرجئ موعد إنجازه إلى نهاية 2018، ومدّدت إثيوبيا الموعد الزمني المُحتمل لإكماله لـ4 سنوات إضافية ليخرج إلى النور في 2022.

وأرجع وزير المياه والري الإثيوبي أسباب تأخر إنجاز السد إلى فساد شركة "ميتيك" وعدم امتلاكها الخبرة اللازمة لإدارته، إلى جانب اكتشاف وادي عميق خلال عمليات البناء تسبّب في إرجائه لمدة 3 سنوات، فضلًا عن أن "الخطة التي وُضِعت لإنهائه خلال 4 سنوات لم تكن حقيقية أو موفّقة".

فيديو قد يعجبك: