إعلان

لماذا تطالب تل أبيب بالاعتراف بالجولان السورية "أرضًا إسرائيلية"؟

11:56 ص السبت 19 يناير 2019

الاحتلال الإسرائيلي لهضبة الجولان

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت – إيمان محمود

قبل الانتخابات العامة المُرتقبة في أبريل المُقبل، يحاول رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، الضغط على إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للاعتراف بمُرتفعات الجولان السورية المُحتلة "أرضًا إسرائيلية".

في هذا السياق كتب الباحث ستيفن آي كوك في مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، مقالاً بعنوان "الجولان يجب أن تظل إسرائيلية إلى الأبد"، وتساءل: "هل على الولايات المتحدة الاعتراف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان السورية؟".

حكومة الاحتلال الإسرائيلي أصدرت قرارًا في عام 1981 بـ"ضمّ" الجولان، بعد أن احتلتها في يونيو 1967، فيما لم يعترف المجتمع الدولي والأمم المُتحدة بهذا القرار حتى اليوم، وهو ما تسعى إسرائيل إلى تغييره.

الباحث الأمريكي في شؤون الشرق الأوسط وأفريقيا، قال في مقاله إن هناك الكثير من الأسباب التي تجعل محاولة نتنياهو "مناورة دبلوماسية يحفزّها في المقام الأول أمله في تحقيق مكاسب سياسية داخلية، في وقت يواجه فيه احتمال اتهامه رسميًا في قضايا فساد".

لكنه يرى في الوقت ذاته؛ أن المفاوضات الأمريكية - الإسرائيلية هي عرض جانبي لسبب استراتيجي أكثر جوهرية، وسواء اعترفت واشنطن بـ"ضم" إسرائيل للجولان أم لا .. "لن ينسحب الإسرائيليون أبدًا من الجولان، ولا ينبغي لهم ذلك".

وفي نهاية العام الماضي؛ قدّم النائبان الجمهوريان بمجلس الشيوخ الأمريكي؛ تيد كروز وتوم قطون، مشروع قرار ينص على اعتراف الولايات المتحدة بـ"السيادة" الإسرائيلية عليه، لافتا إلى أن "الجولان تُشكّل عمقًا استراتيجيًا حيويًا بالنسبة لإسرائيل خاصة بعد تطور الأحداث في سوريا".

بدوره؛ حذّر الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية، عمرو موسى، من مشروع القرار الأمريكي، موجهًا نداءً إلى العرب من أجل الحفاظ على هضبة الجولان السورية، مؤكدًا: "الحفاظ على الجولان مصلحة استراتيجية عربية، إن نجحنا فيه، فإنه يضفي مصداقية كبيرة يستفيد منها الجميع".

وتوقع موسى - في مقال نشرته صحيفة الشرق الأوسط في الثالث من يناير الجاري - أن جزءًا من حجج مقدمي المشروع، سيستند أن "العالم العربي خامد، وأنهم تلقوا تأكيدات من هنا وهناك بأنه لن تكون هناك احتجاجات أو تحركات دبلوماسية مضادة، وإن حدث فستكون من قبيل حفظ ماء الوجه".

1

فيما يرى منتقدوا القرار داخل الولايات المُتحدة؛ أن اعتراف الولايات المتحدة بضمّ إسرائيل للجولان من شأنه أن "يُشرّع الاستيلاء على الأراضي بالقوة"، مما يشكّل سابقة على الضفة الغربية وخارجها.

ويقول الباحث الأمريكي –في مقاله- إن هذا النقد صحيح ولا توجد إجابة جيدة عليه، لكنه أشار إلى أن احتلال إسرائيل للجولان لم يُثر الاعتراضات نفسها التي تثيرها محاولاتها لاحتلال الضفة الغربية.

وأوضح الباحث أن هناك حوالي 27 ألف دُرزي في الجولان "تأقلموا بسلام على الحُكم الإسرائيلي، بل سعى آخرون للحصول على الجنسية الإسرائيلية (بأعداد قليلة لكنها مُتزايدة)".

رُغم تأكيد الباحث الأمريكي على تأقلم سُكان الجولان المُحتل مع الحُكم الإسرائيلي، إلا أن نهايات العام الماضي شهدت احتجاجات واسعة ومُستمرة رفضًا لعقد إسرائيل انتخابات المجالس المحلية للمرة الأولى منذ احتلالها، ورفعوا العلم السوري واللافتات الرافضة لسياسات الاحتلال التهويدية.

ودخل أبناء الجولان في اعتصام شعبي، وأحرقوا خلاله البطاقات الانتخابية التي وزعها الاحتلال، ورغم محاولات قمعه واستخدامه العُنف إلا أنهم نجحوا في إفشال الانتخابات في نهاية الأمر؛ إذ جاءت نسبة المشاركة بين "صفر وواحد ونصف في المئة"، بحسب ما نقلته سكاي نيوز عن مصدر إسرائيلي.

2

يقول الباحث الأمريكي إن الإسرائيليين لم يسعوا يومًا للحصول على اعتراف الولايات المُتحدة بالجولان كجزء من إسرائيل، ففي التسعينيات "عملت إسرائيل بجهد كبير مع الدبلوماسيين الأمريكيين على صياغة اتفاقات لإعادة الجولان إلى سوريا".

وفي عام 2010، كان الإسرائيليون يتفاوضون بشكل غير مباشر مع السوريين عبر الولايات المتحدة، وقبل بضع سنوات فقط، كانت الحكومة التركية تسهّل المحادثات غير المباشرة بين رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك إيهود أولمرت والرئيس السوري بشار الأسد، على حد قول الباحث.

ورغم أن مكتب نتنياهو نفى ذلك، فإن مقترح السلام لعام 2010 تضمن انسحابًا من مرتفعات الجولان "وإن لم يكن كلها".

انطلقت المفاوضات بين سوريا وسلطة الاحتلال، من مؤتمر مدريد للسلام في الشرق الأوسط في 30 أكتوبر 1992، برعاية أمريكية وروسية عقب انتهاء حرب الخليج الثانية، لكن جولاته لم تُحقق أي نتائج.

وعلى مدى محاولات لا تُحصى من الوساطات والمفاوضات –مباشرة وغير مباشرة- ظلّت إسرائيل تُعلن استعدادها للانسحاب من الجولان، وعلى أرض الواقع؛ تضع العراقيل ولا تنسحب.

كان عمرو موسى طالب في مقاله، الحكومة السورية ألا تخشى شيئًا في طريق الحفاظ على أراضيها وسيادتها أمام هذا التحدي الخطير، وأن تُبلغ الأمر فورًا إلى مجلس الأمن طالبة دعمه في استمرار اعتبار الجولان السوري أرضًا محتلة.

كما طالب الدول العربية، بأن تدعم سوريا في طلبها، بل وتشجعها عليه، وأن يكون الطرح أمام مجلس الأمن عربياً كاملاً، "إن قيام سوريا بهذه الخطوة أهم من عودتها إلى الجامعة العربية، بل سيكون مقدمة قوية لهذه العودة"، على حد قوله.


3

ويُمثّل الجولان أهمية استراتيجية كبيرة؛ إذ يأتي موقعه بين جنوب لبنان، وجنوب سوريا، وشمال فلسطين، بالإضافة إلى أنه يحتوي على ثروة مائية كبيرة فضلاً عن مخزون هائل النفط والمعادن.

ويرى الباحث أن الاهتمام الإسرائيلي بمقايضة الجولان كان منطلقه، أن إبرام معاهدة سلام، سيكسر محور سوريا، وإيران، وحزب الله. ولكن ذلك صحيح على الورق، لأن "تجريد السوريين من إيران، وحزب الله لن ينجح"، على حد تعبيره.

وقال إن الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، كان يشارك على مضض في عملية السلام في التسعينيات، إذ حضر الدبلوماسيون السوريون إلى المحادثات، لكنهم لم يتفاوضوا في الواقع أبدًا، على حد قوله.

وذكر أن حافظ الأسد كان رجلاً ماهرًا استطاع السير في طريق المفاوضات مع إسرائيل وتسهيل دخول أسلحة حزب الله في الوقت ذاته، أما بشار فتسببت الاحتجاجات التي اندلعت ضده عام 2011، في أرجحة نظامه، ما جعل من الصعب أن يخسر حليفه الاسترايجي؛ إيران، من أجل اتفاق مع إسرائيل.

كما ذكر أنه إذا كان من الصعب على حافظ الأسد أن يتصالح مع إسرائيل، فإن الأمر أكثر صعوبة بالنسبة لبشار، الذي خالف الأمنيات الإسرائيلية بقدرته على صُنع السلام معهم، وضاعت أكثر بعد أن أصبح بشار يدين لإيران ببقائه .

أكد الباحث أن الجولان يُضاعف قدرات الجيش الإسرائيلي، ويضاعف قوة إسرائيل في حال نشوب حرب، كما أن للجولان أهمية استخباراتية كبيرة بالنسبة للأمن الإسرائيلي.

وختم مقاله بالتحذير مما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع بعد الاعتراف الأمريكي الذي ينتظره نتنياهو، إذ سيسلط الضوء من جديد على قرار إسرائيل بـضم" الجولان ويحرّض المعارضين ضدها، قائلاً "في الواقع ، ليست هناك حاجة للاعتراف. إسرائيل في الجولان لأسبابها الخاصة، ولا شيء تقرره إدارة ترامب سيغير ذلك".

فيديو قد يعجبك: