إعلان

كيف دعمت "لافارج" الإرهاب في سوريا طمعًا في إعادة الإعمار؟

10:17 م الأحد 01 يوليه 2018

لافارج وتنظيم داعش الارهابي

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب - محمد الصباغ:

يضيق الخناق بشكل كبير حول شركة فرنسية سويسرية لإنتاج الأسمنت بعدما أكدت السلطات القضائية الفرنسية مؤخرًا أن هناك أدلة "جادة" ضد الشركة المتهمة بدفع أموال لتنظيمات إرهابية في سوريا وتعريض حياة موظفيها للخطر هناك.

وفي أول مرة في التاريخ؛ تواجه شركة اتهامات بالتواطؤ مع جماعات إرهابية والمشاركة في جرائم ضد الإنسانية، وذلك بعد التعاون مع منظمات بينها داعش من أجل إبقاء مصنعها في منطقة الجلابية القريبة من مدينة حلب شمالي سوريا مفتوحًا ويعمل رغم سقوط المنطقة التي يقع فيها تحت سيطرة المسلحين المتطرفين.

وصرح مصدر قضائي فرنسي، الخميس، إن شركة "لافارج" خضعت لتحقيق رسمي في اتهامات تواجهها بتمويل أنشطة إرهابية في سوريا.

وكانت شركة "لافارج" التي قالت إن أولوياتها في سوريا كانت الحفاظ على أرواح وأمن موظفيها، قد بدأت العمل في هذا الموقع بسوريا في عام 2007، ورغم اتخاذ الشركات العالمية قرار بعد اندلاع الحرب الأهلية بالخروج من البلاد وإيقاف العمل، إلا أن شركة "لافارج" لم تفعل ذلك. فقد أبقت موظفيها المحليين وأجلتْ الأجانب.

وبحسب وكالة فرانس برس، تواجه الشركة اتهامات بدفع حوالي 13 مليون يورو بين عامي 2011 و2015، عن طريق فرعها بسوريا "لافارج سيمنت سيريا" وذلك في الوقت الذي كانت تعاني فيه البلد من الحرب الأهلية والجماعات الإرهابية.

وأشارت الاتهامات التي وصفتها السلطات القضائية بفرنسا أنها "جادة متناسقة" إلى أن هذه الأموال استفادت منها الجماعات المسلحة في البلاد وعلى رأسها "داعش. ودفعت الشركة –بحسب الدعوى الموجهة ضدها- الأموال على شكل "ضرائب" لتأمين تحركات موظفيها بضائعها ومشترياتها وبينها النفط، وذلك عبر عناصر مرتبطة بتنظيمات جاهدية سهلت عمليات التفاوض والتواصل.

وأشارت تقارير أيضًا إلى أن التحقيقات كشفت عن شكوك باحتمالية بيع الشركة للأسمنت الذي تنتجه إلى داعش، بجانب اتفاق معه في ديسمبر عام 2014 بعد سيطرة التنظيم المتطرف على المصنع.

وردت لافارج في بيان رسمي قال فيه المدير التنفيذي بيت هيس إنهم يشعرون بندم كبير على ما حدث في سوريا. وأضاف أنه لا يوجد لأي شخص ممن قادوا الشركة خلال تلك الفترة في منصبه حالياً.

وكانت الشركة فتحت تحقيقاً داخليًا في عام 2016؛ أظهر أن الشركة المحلية منحت الأموال لثلاث جهات في سوريا من أجل إجرء ترتيبات مع عدد من المجموعات المسلحة والتي كان من بينها منظمات "محظورة".

"تواصل مع الإرهابيين"

ونشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية البارزة تقريرًا في يونيو من عام 2016، أشارت فيه إلى أن رسائل حصلت عليها أرسلها مدراء "لافارج"، كشفت عن ترتيبات قامت بها الشركة مع الجهاديين من أجل استمرار الإنتاج حتى سبتمبر من عام 2014.

وتعود هذه المراسلات إلى وقت سيطر فيه تنظيم داعش الإرهابي على المنطقة التي يقع فيها مصنع الشركة.

وذكرت "لوموند" آنذاك أن الشركة حاولت تأمين وصول عمالها والمواد اللازمة إلى المصنع، فأرسلت أحد الأشخاص يدعى أحمد جالودي في مهمة الحصول على إذن من تنظيم داعش يسمح بمرورهم من نقاط تفتيش يسيطر عليها التنظيم الإرهابي.

وبحسب الصحيفة أيضاً فإن المراسلات التي حصلت عليها أظهرت أن مقر الشركة الرئيسي في باريس كان على علم بهذه الترتيبات، والتعاون مع الإرهابيين في سوريا.

كما ذكرت لوموند أن "لافارج" صدّقت على المعاملات المالية من خلال مستندات حسابية مزيفة.

وبدأت الشركة العمل في مصنع أسمنت الجلابية في أكتوبر من عام 2010، وبعد بدء الحرب السورية فرض الاتحاد الأوروبي حظرًا على سوريا في مجالي الأسلحة والنفط، ولم يشمل قطاع الأسمنت الذي تعمل فيه الشركة.

وفي عام 2013، خرجت شركات عالمية مثل "توتال" للنفط من سوريا بعد سيطرة داعش على مناطق كبيرة من عملها، لكن لافارج استمرت.

وبحسب التحقيقات فقد دفعت الشركة ما بين 80 ألف دولار و100 ألف دولار شهرياً لجماعات مسلحة، وحصل داعش منها على 20 ألف دولار، بحسب مصدر مقرب من التحقيقات التي تواصلت على مدار 11 شهراً بحسب "لوموند".

"مراوغة"

وأشادت الرابطة الفرنسية لمكافحة الفساد (شيربا)، وهي منظمة غير حكومية، بالإجراء الذي اتخذته السلطات الفرنسية الخميس الماضي موضحة أنه على لافارج أن "تتحمل المسؤولية وتفتح صندوق تعويضات مستقل حتى يتمكن الضحايا من التأكد من إصلاح ما لحق بهم من أضرار".

وأضافت في بيان نشرته الوكالة الفرنسية: "إنها المرة الأولى في العالم التي يتم فيها اتهام شركة بالتواطؤ في جرائم ضد الإنسانية، ما يشكل خطوة حاسمة في مكافحة إفلات الشركات المتعددة الجنسيات العاملة في مناطق نزاعات مسلحة، من العقاب".

وصرحت ماري دوزيه، المحامية في المنظمة التي قدمت شكوى ضد لافارج في نوفمبر 2016: "لقد ضحّت لافارج بموظفيها واتفقت مع مجموعات إرهابية رغم معرفتها بذلك. إن هذا الاتهام بالتواطؤ في جرائم ضد الإنسانية لا مفر منه".

وبعد تحقيق صحيفة لوموند في عام 2016، فتحت وزارة الخزانة الفرنسية تحقيقًا حول الأمر.

وفي عام 2017 ومع بدء التحقيقات، كانت الأعين موجهة صوب 8 مسئولين كبار في الشركة وعلى رأسهم رئيس مجلس الإدارة السابق برونو لافون.

واستمر لافون في منصبه منذ عام 2007 إلى عام 2015، وظهرت لأول مرة شركة كشخص معنوي أمام القضاء لمواجهة اتهامات بارتكاب جرائم ضد الإنسانية.

حينها قال لافون إنه لم يكن على علم بالاتفاق الذي أجري في سوريا مع تنظيم داعش حتى أغسطس 2014، وزعم أنه قرر إغلاق المصنع آنذاك.

لكن نائبه السابق كريستيان هيرو والمدير المسئول في لافارج عن الشركة في سوريا، قال إنه اطلع مديره على الاتفاق في وقت سابق.

تواطؤ فرنسي رسمي؟

طالبت الرابطة الفرنسية لمكافحة الفساد بالتحقيق مع وزير الخارجية الفرنسي السابق لوران فابيوس حول احتمالية تورطه كمسئول فرنسي في الأمر.

حيث أكد مسئولون في لافارج خلال التحقيقات أن السلطات الفرنسية شجّعت الشركة على البقاء في سوريا رغم الحرب الدائرة، وذلك طمعًا في الحصول على فرصة كبيرة حينما تأتي مرحلة إعادة الإعمار في الدولة التي مزقتها الحرب.

وتولى فابيوس وزارة الخارجية في حكومة فرانسوا هولاند في الفترة بين 2012 إلى 2016.

وذكرت وكالة فرانس برس أن مسئول كبير في الشركة أكد أن حكومة هولاند باركت الخطوات التي تقوم بها لافارج من أجل البقاء في سوريا وعدم الخروج، حتى وإن كان عبر دعم الإرهابيين.

جدير بالذكر أن بسبب وصول الأموال عبر الشركة الفرنسية إلى داعش، قررت عائلات ضحايا هجمات باريس عام 2015 مقاضاة لافارج من أجل الحصول على تعويضات مالية.

فيديو قد يعجبك: