إعلان

لماذا تصر فرنسا على تدريس الفلسفة لطلبة المدارس؟

12:43 م الثلاثاء 04 يونيو 2013

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

باريس – (بي بي سي):

كنت أنظر بإعجاب لابنتي البالغة من العمر 17 عاما وهي تستذكر دروس اللحظات الأخيرة استعدادا لامتحان الفلسفة الذي يذكي مشاعر الرهبة في نفوس الطلاب.

هل لك أن تتخيل الجلوس في صباح يوم من أيام شهر يونيو على مدار أربع ساعات تتناول أفكارا مرهقة متشابكة لموضوعات مثل: هل الصدق أفضل من حالة السلام؟

أو هل توجد سلطة بدون أعمال عنف؟

او ربما هل يمكن أن يكون الشخص على صواب على الرغم من وجود حقائق؟

استقي هذه الأمثلة من كتب المراجعة التي تستذكرها أبنتي. قلبي يعتصر من أجلها وأنا أنظر إلى قائمة الموضوعات التي يجب أن تدرسها.

اختارت أبنتي روبي دراسة الشعبة الأدبية لنيل شهادة الثانوية.

وهناك بديل لهذه الشعبة، إنها الشعبة العلمية للشهادة الثانوية، وجميع الشعب تتضمن دراسة الفلسفة، غير أن مادة الفلسفة تتصدر مواد الشعبة الادبية.

فلاسفة ومناهج

وتعني دراسة الفلسفة قضاء ثماني ساعات دراسية أسبوعيا ، وامتحانها من أبرز سبع مواد يمتحنها الطالب، أو بالأحرى تمثل مادة الفلسفة المادة الأكثر من حيث تسجيل الدرجات في شهادة الثانوية.

كما يعني دراسة الفلسفة تناول بعض المفاهيم بالدراسة بعضها في كتب أبنتي روبي وهي الوعي والآخر والفن والوجود والزمن والمادة والروح والمجتمع والقانون والواجب والسعادة.

ومن بين الكتاب الذين ارغب في الاحالة إليهم في مجال الفلسفة أفلاطون ووليام أوكهام وكنت وهيجل وشوبنهاور وهيدجر وسارتر.

لماذا كل هذا التأكيد على دراسة الفلسفة في فرنسا؟

هناك دول اخرى تعقد امتحانا في المرحلة بعد المدرسية تشمل تاريخ الأفكار والدين وموضوعات أخرى، غير أن الفرنسيين يؤكدون بوضوح على أن هذا ليس هو أبرز اهتماماتهم.

الفكر الانساني

إن الغرض من شهادة الفلسفة ليس فهم تاريخ الفكر الإنساني فحسب، بل الانسياب في تيار هو بالفعل فكر إنساني.

فإن علمت ما سبق وقاله فلاسفة مثال كانت أو اسبينوزا، فلن تفهم الكثير من حججهم بقدر ما تستعين بهذه الحجج.

كان نابليون أول من أطلق شهادة الثانوية عام 1809 وكانت الفلسفة أحد الموضوعات في أول امتحان (على الرغم من كون المادة وقتئذ كانت شفهية وباللغة اللاتينية ودرسها 31 شخص فقط).

إن الفكرة الكامنة وراء دراسة الفلسفة هي فكرة فلسفية في حد ذاتها.

فمع تأسيس الجمهورية الفرنسية حديثا كان من المهم طرح نماذج قدوة.

ألم يقل الكاتب العظيم والمفكر مونتيسكيو إن الجمهورية اعتمدت على الفضيلة والفضيلة تتألف من قدرة الأفراد على إصدار أحكامهم الخاصة بحرية؟

لذا فان الغرض من تدريس الفلسفة كان، ومازال من حيث النظرية، استكمال تعليم الشباب من الجنسين والسماح لهم بالتفكير.

الثانية الأخيرة

وبالنظر إلى الجدل بشأن الفرد والمجتمع، والله والعقل، والخير والشر، إلى كل هذه الاشياء، والهروب من الأوامر الملزمة الآنية، وأعني بذلك الديكتاتورية التي تضغط بفرض أفكار علينا يوميا من خلال الحكومات ووسائل الإعلام واللياقة وأشياء أخرى.

قبل أيام انتحر الكاتب والفيلسوف الفرنسي دومينيك فينر، على سبيل المثال، بإطلاق النار على نفسه في كاتدرائية نوتردام.

وفي آخر مدوناته كتب فينر نقلا عن الفيلسوف هيدجر إن الثانية الأخيرة في حياة المرء هي أهم ثانية مقارنة بكل ما سبقها.

وهاهو أحد الأشخاص الذي سقط أسيرا لأفكاره الخاصة وقرر أن ينتحر، يا له من فرنسي.

لكن يا له من شيء مروع، فبمجرد عودتي إلى المنزل انتابني شعور بالخوف أذكاه التغير الذي طرأ على ابنتي منذ ان بدأت دراسة الفلسفة.

قبل عام كانت ابنتي تائهة تماما، لكن عالم الأفكار أصبح مفتوحا أمامها الآن.

هل من السخف أن ترغب في المستحيل؟ هل يمكن أن يتأكد الانسان انه على صواب؟ هل الفن حقيقة؟

إنها مجموعة اسئلة يتعين عليّ أن أسأل ابنتي عنها.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان