إعلان

لماذا يهاجر الإثيوبيون إلى السعودية؟ - (تقرير)

12:34 ص الجمعة 22 يوليه 2016

هجرة الإثيوبيين - أرشيفية

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب - علاء المطيري:

"تعددت وجهاتهم والمبرر واحد".. يبحثون عن حياة انقطعت أسبابها في بلادهم فقرروا أن يغادروها في خلسة من الدولة التي يٌفترض أنها راعية لهم، محاولين التسلل إلى دولة يغتصبون فيها حقوقًا ليست مشروعة، لكنهم يصرون على تقاسم بقاياها باسم الإنسانية.

"سلكت الطريق لتسديد ديوني فإذا مٌت استرحت من عناء الفقر".. قاسمًا مشترك يجري على ألسنة مهاجرين يحتمون بشجرة سنط هي ملجؤهم في صحراء قاسية حرارتها 104 درجة مئوية أثناء رحلة الألف ميل التي يسلكونها من شمال إثيوبيا إلى السعودية، وفقًا لصحيفة نيويوركر الأمريكية.

رحلة خطرة 

لفتت الصحيفة إلى أن سيبهاتو ميليس، نموذج لمهاجر إثيوبي تلخص رحلته قصة طريق خطير يسلكه الأثيوبيون للوصول إلى السعودية، مشيرة إلى أن الصورة توضح لحظة يأوي فيها ومن معه تحت ظل شجرة على أطراف قرية فانتاهيرو - قرية صغيرة شمال جيوبتي، مشيرة إلى أنه من منطقة تيجاري شمال أثيوبيا وأن سبب إقدامه على الهجرة هو حصوله على قرض حكومي للاستثمار لم ينجح وتعرض لضائقة مالية وازدراء من الناس بعد خسارته.

وصل ميليس إلى قرية فانتاهيرو بعد 4 أيام من خروجه من شمال إثيوبيا سالكًا طريقه عبر صحراء الدناكل متجهًا إلى السعودية قبلته الأخيرة في رحلة تستمر 3 أسابيع، لتصبح أكثر أمانيه - إن كان محظوظًا - أن يجد فرصة للعمل بطريقة غير رسمية.

لكن الصحراء الساخنة ليست أصعب ما يواجهه المهاجرون إلى السعودية إذ عليهم أن يعبروا مضيق باب المندب الذي يفصل الشرق الأوسط عن منطقة القرن الأفريقي، وبعد ذلك يواجه رحلة برية أخرى ربما تكون أكثر عناء عبر اليمن التي تمزقها الحروب وتشهد صراعًا مستعرًا بين أطرافه.

"أسلك هذا الطريق من أجل تسديد ديوني ليس من أجل الموت" يقول ميليس، مضيفًا: "لكن إذا مٌت، فسوف أحرر نفسي من ذل الفقر على أقل تقدير".

مسار قديم

لفتت الصحيفة إلى أن مسار الهجرة عبر جيبوتي واليمن والسعودية هو طريق قديم، سلكه الإنسان القديم قبل 70 ألف سنة عندما ترك أفريقيا متجهًا إلى آسيا وأوروبا، ويمتد الاتصال بين طرفي باب المندب عبر التاريخ، فقبل 1500 عام قام الإمبراطور الإثيوبي بالتمدد في الشرق الأوسط واحتل أجزاء من اليمن.

وتتفاوت هجرة الناس إلى الشرق الأوسط زيادة ونقصانًا بالتوازي مع اندلاع الصراعات والأزمات التي تضرب الدول المحيطة بدولة جيبوتي.

فخلال العقد الماضي زاد عدد المهاجرين من القرن الأفريقي إلى اليمن 3 أضعاف ووصل عدد المهاجرين إليها العام الماضي 92 ألف شخص وهو عدد صغير مقارنة بقرابة مليون شخص سلكوا طريقهم إلى أوروبا عبر البحر العام الماضي، لكن رحلة الهجرة إلى السعودية أصبحت أكثر صعوبة في ظل الأزمات التي تشهد المنطقة والصحراء الوعرة التي يجب عليهم أن يسلكوها.

ولفتت الصحيفة إلى أن غالبية من يسلكون هذا الطريق من الإثيوبيين وخاصة من الأوروميا ومناطق تيجاري، إضافة إلى بعض الصوماليين المنخرطين في الحرب الأهلية منذ عام 1991.

إثيوبيا تواجه الجفاف

وتتعرض إثيوبيا لمخاطر الجفاف الذي تتسبب فيه ظاهرة "النينو" - ظاهرة مناخية تحدث كل 3 سنوات وتؤدي لارتفاع درجة حرارة المحيط الهادئ نصف درجة مئوية - حيث يمكن أن تكون موجة الجفاف التي تتعرض لها هي الأسوأ منذ عقود.

ولفتت الصحيفة إلى أن الجفاف يتسبب في الوقت الحالي في موت الماشية بمعدلات سريعة، وأن أكثر من 10 ملايين شخص أصبحوا في حاجة إلى مساعدات غذائية، إضافة إلى الفقر ونقص وسائل الميكنة الزراعية.

"نمتلك المزارع لكننا لا نمتلك معدات الزراعة المناسبة لتطوير مزارعنا لنبقى ونعيش فيها"، يقول ميليس، مشيرًا إلى أنه لا توجد في مزارعهم وسائل لاستخراج المياه التي لو حصلنا عليها سنزرع العديد من المحاصيل.

ولفت إلى أن الناس في منطقة الأوروميا يواجهون ظروفًا صعبة قادتهم للاحتجاجات العام الماضي ضد خطة تنمية تهدف إلى تهجيرهم على أساس عرقي، مشيرًا إلى أن الشرطة قتلت أكثر من 100 شخص منهم في تلك الأحداث.

الصعاب

يواجه المهاجرون الإثيوبيون صعابًا وعقبات كثيرة في طريق الهجرة إلى السعودية، أولها أن يتم ضبطهم بواسطة الحكومة الإثيوبية، أو أن يفلتوا ويكملوا الرحلة ليتم ترحيلهم بعد رحلة طويلة إلى بلادهم مرة أخرى، فما بين عامي 2013 و2014 قامت السعودية بترحيل 170 ألف إثيوبي إلى بلادهم وردت إثيوبيا بحظر حركة العمالة، وتوقفت المفاوضات بين البلدين بسبب طلب إثيوبيا 1200 ريال حد أدنى لأجر العامل في الشهر في حين عرضت السعودية 700 ريال.

لكن المهاجرين اعتادوا على تحمل الصعاب واجتياز الصحراء لأيام أو حتى أسابيع حتى في ساعات اليوم القارسة يواصلون السير بأقدام تكاد تكون عارية وزجاجات بلاستيكية فارغة.

ولفتت الصحيفة إلى أن رحلة المهاجرين من بحيرة عسل غرب جيبوتي إلى قرية فانتاهيرو في الشرق هي رحلة لا يمكن تخيلها عبر الصحراء، لكن المبررات تجعل الرحلة ممكنة.

ولفتت الصحيفة إلى أن استكمال الرحلة عبر البحر في مضيق جبل طارق تتكلف 140 دولار، لكن المهاجرين يواجهون احتمال غرق مراكبهم أو سقوطهم في البحر وكثير منهم لا يستطيع السباحة، مشيرة إلى أن قرابة 3.5 ألف شخص غرقوا في تلك الرحلة.

سبايا 

ورغم تزايد المخاطر في اليمن بعد الحرب الأهلية وتعرض العديد من المهاجرين للموت بالرصاص في مناطق الصراع إلا أن أعداد المهاجرين في تزايد، وفقًا لمنظمة الهجرة العالمية التي أوضحت أن بعض المهاجرين يتم احتجازهم في اليمن بسبب عدم امتلاكهم أموالاً يدفعونها حتى يٌسمح لهم بالعبور.

ولفتت إلى أنه المنظمة ساهمت في تحرير 1250 مهاجر كان الحوثيون يحتجزونهم ويضربونهم بسبب عدم امتلاكهم أموالاً، وفي بعض الحالات يتم أخذ النساء كسبايا في اليمن والسعودية، بينما يواجه من يصلون إلى السعودية ويجدون فرصًا للعمل ظروفًا صعبة بداية من العمل الإجباري بصورة قاسية أو خصم أموالهم وعدم إعطائهم الراحة الأسبوعية.

ولفتت الصحيفة غلى أن تقارير منظمة الهجرة العالمية كشفت أن بعض المهاجرين الإثيوبيين في السعودية يتم ترحيلهم لليمن بدلاً من إثيوبيا، مشيرة إلى أنهم يعودون لمواجهة خطر الحرب المشتعلة في تلك المناطق أو الاحتجاز على يد أي من أطرافها.

وتقوم السعودية ببناء جداء على يمتد لأكثر من 1500 كيلومتر على حدودها مع اليمن لمواجهة المهاجرين، لكن، وفقًا للصحيفة، لن يحول ذلك دون إتمامهم للرحلة التي يبدأونها من جيبوتي عبر الصحراء الساخنة، وسيجدون طريقًا للوصول إلى السعودية التي تمثل لهم أملاً يبحثون عنه.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان